ضَفَائر غَجَريّة ضماد للجراح

 في لُعبة الشطرنج تُحرّك كل القطع بذكاء حتى يبقى الملك.. كلُّ الأطراف المتصارعة تسعى للبقاء، وأول رأسٍ يُقدم كأضحية في الحرب هو جُنديٌّ حركاتهُ على هذه الرقعة مُسيّرة ومُقيّدة.

كيف وقد تحولت هذه اللعبة إلى صراع حقيقيّ على البقاء والسيادة؟! هل ستكفي الأضاحي؟ من يُعلن نتيجة اللعبة؟ وكم عدد الأطراف المُتنازعة؟ أعقلٌ واحدٌ سيكفي ليدير هذا النزال ويَرسُم الخطط؟

أسئلتي هذه لا أنتظر إجابة عنها، فالكل يُدرك تفاصيل تفاصيلها، إنما هي تَجميع شتات صورة يُغيّبها البعض عن أذهانهم!!

على مأدبةٍ مُقامة على شَرَفِ الحرب تَجمّعَ الكل، احتضنتهم مودةُ طاولَتِهم المستديرة، وزِعَت قِطَعُ اللعب وأُشهرت المُعدات، ولكن قبل أن يكتمل وصفُ المشهد جال سؤالٌ في خاطري: (هل كلُ المقتنيات ومُستلزمات الخطة قد أُشِهَرت؟ ربما تُرِك بَعضُها للحاجة، لاسيما أن خطوط التواصل من تحت الطاولة موجودة للضرورة … شيء مؤكد). المهم في الوسط رُميت الغنائم وجُمِعت لتُقتسم في النهاية. وللأسف حين وُضِعَ بلدي في المُنتصف كان عاري الجسد حافي القدمين، لا حضن يؤويه ولا يد تنتشله بلا مقابل مُعلن أو خفيّ المساعي، والأرض من تحته مزروعة بالألغام! راح يَركضُ نحو الأمان ولكنّ النزيف غزاه واستوطنت الجراح فيه حتى أمسى مثلوماً مكلوماً.

انتعل الضعفاء ليقاوم قساوة أرض المعركة فراحوا قَتلى، أمسك عُكاز ذلك الهَرم ليقف، وحاك الضفائر الغجرية ضماداً لجراحه!!

مشهد مسرحيّ مؤثر عن الصمود والمقاومة.. نحن بحاجة إلى جمهور يُصفق ويُصفق. نُسدل الستارة، نَجمع التبرعات، ولتذهب آلام الأبرياء إلى جحيم اللذة بالموت البطيء، المهم الموقف والشعور تجاه القضية! أما القضية؟! فأنا لا أعلم، اسألوهم!

من هم؟ من نسأل؟ من المعنيّ؟

ببساطة كل العالم معنيٌّ بما يجري، فمن نظر إلى البلدان على أنها كعكةُ عيد ويجب أن ينال الحصة الأكبر منها، لا بدّ أن يُسأل بأي سلاحٍ قد شَرّع القسمة وأي الأيادي الممدودة هي خاصته؟

لأجل المصالح وإكمال اللعبة نموت، ولأجلها نجوع، ومن أجل عيون التوازن الدوليّ تُقام المجازر وتَكثرُ السكاكين والأنياب القاطعة!!

هاون يزغرد وشظاياه ترقص على صدر العروس بدلاً من عرسِها.. وحُلم الطائرة الورقية بترته أطماعٌ داخلية ومخططات هياكل طائفية!

ما أقوله ليس تزييناً للوحة الحرب حتى يبدو المشهد أكثر دموية.. لا أعتقد أصلاً بوجود وحشية أكثر مما نرى.

لكن إيماني بالحياة كمواطنة وكإنسانة يُشعل في صدري نار حقد تجاه كل أخرس عن النداء بحثاً عن مجرم خفيّ.. أو على الأقل نُحجّم المطالب ونُنادي بأبسط حقوق إنسانيتنا بأن نعيش بسلام، بأن نَذوق طَعم الاستقلالية والأمان.

حين نَدخل لُعبة الحرب والسياسة برغبتنا لا يحق لنا أن نهمس.. لكن السيفُ سُلّط على رقاب أنفاسنا عنوةً.

يكفي ما حصل، تجمّعوا أيها السوريون على كلمةٍ تقصِمُ ظهر الحرب !!

ليت ندائي يُسمع، ولهيب القهر من صدري يفرغ! 

العدد 1105 - 01/5/2024