الخيارات المصيرية لا تخضع لضغوط

المشكلة الرئيسية في مسألة علاقة الحب والانجذاب إلى الجنس الآخر والرغبة في الاقتران به تكمن في أنها تبدأ في سن مبكرة (مرحلة المراهقة) معظم الأحيان، إذ يكون كلٌّ من الشّاب أو الشّابة لم يُكوّن بعد شخصيته على نحو متكامل،
ولم يُدرك كُنْهَ العلاقات الاجتماعية والظروف والعوامل التي يمكن أن تؤثر على مسألة الزواج والعيش المشترك.. مما يستدعي تدخّل الأبوين وأفراد الأسرة عموماً ممّن يمتلكون تجارب حياتية أكبر.

ولكن المشكلة تكمن في تجاوز الخط الفاصل بين الحرص والنصيحة، وبين التسلط أو إسقاط رغبات الشخص وطموحاته على الآخر، ويبقى تدخل الأهل في معظم الأحيان أفضل من حيادهم المطلق تجاه خيارات أبنائهم من الجنس الآخر..
لكن أن يبادر الأهل هم بالاختيار وأن يقوموا بدفع ابنهم أو ابنتهم باتجاه علاقة مع شخص يجهله أو يعرفه معرفة سطحية، فهذا يكون التدخل الأخطر باعتقادي، لأن معظم من يلجأ إلى تعدد الزوجات من الرجال الذين عرفتهم في حياتي، ومعظم اللواتي طلبن الطلاق من أزواجهن، كانوا يقولون:
(أنا لم أختره أهلي فرضوه علي.. وكان رضوخي خطأ وآن أوان تصحيح الخطأ).

ونلحظ أن مجتمعنا اليوم أكثر من أي وقت مضى أخذ يلتزم بالتدخل الصحي- إن صح التعبير- باستثناء سكان بعض المناطق الريفية التي مازالت متزمتة تجاه عاداتها وتقاليدها..
وأنصح كل الشبّان والفتيات بعدم التعجّل في اتخاذ قرارات مصيرية كالزواج، وبالتريث والسعي لبناء الشخصية والتعلّم والتثقف أولاً، كي يكون اختيار الشريك مبنياً على بوصلة داخلية عميقة وليس بناء على تأثرنا بالجنس الآخر وفق الستايل والحركات التي تطرحها القنوات التلفزيونية عبر برامجها ومسلسلاتها على أنه النموذج الجذاب والمثالي..
وقد أثبتت إحدى الدراسات الغربية أن الفتيات تحت سن الـ ٢٥ يربطن الشكل الخارجي للشاب بمواصفاته الأخلاقية.. بمعنى يحسبن كل شاب وسيم خلوقاً، ويستبعدن كونه غير سويّ نفسياً أو منحطّاً أخلاقياً.

وأخيراً أود أن أنصح الشبّان بألا يتعجلوا في اختيار شريكة حياتهم، فكثيراً ما سمعت عسكرياً يقول: (حياتي ما فيها شي حلو.. خليني أتزوج وحدة حلوة ومرتبة مشان يصير في شي حلو بحياتي)!
وهنا يجدر بي القول.. إن الخيارات المصيرية يجب أن لا تُتخذ وصاحبها في وضع غير متزن أو استثنائي أو تحت ضغوط نفسية. الخيارات المصيرية يجب أن نتخذها ونحن في موقع القوة والاستقرار الكافيين للتأمل والحكمة اللازمين لاتخاذ القرارات الحساسة والكبرى..
أما طالب الجامعة أو العسكري أو غيرهم فقد يضيفون عبئاً من حيث لا يشعرون إلى حياتهم المزدحمة بالضغوط النفسية والتعب وهم في غنى عن ذلك.
وأنصح كل من يدرك أن أهله غير متزمتين أن يصغي إلى نصائحهم، وأن يحاول أن يرى من يحب من الجنس الآخر بأعينهم.

 

العدد 1107 - 22/5/2024