في مقابلة مع صحيفة «صنداي تايمز» الرئيس الأسد: بريطانيا وفرنسا لا تمتلكان الإرادة لمحاربة الإرهاب

 أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن بريطانيا وفرنسا شكلتا رأس الحربة في دعم الإرهابيين في سورية منذ بداية الصراع، ومن ثم هما لا تمتلكان الإرادة في محاربة الإرهاب، وأن المشاركة العسكرية في (التحالف) ينبغي أن تكون شاملة أي أن تكون المشاركة في الجو وعلى الأرض، وأن تكون بالتعاون مع القوات الموجودة على الأرض، أي القوات الوطنية لكي يكون هذا التدخل أو هذه المشاركة قانونية، وقال: يمكن لهذه المشاركة أن تكون قانونية فقط إذا تمت بالتعاون مع الحكومة الشرعية في سورية.

وأضاف الرئيس الأسد في مقابلة مع صحيفة (صنداي تايمز): إذا أردنا إجراء تقييم، ينبغي أن نقيّم الوقائع. لنعد إلى الواقع على الأرض. منذ بدأ (التحالف) عملياته قبل أكثر من سنة، ماذا كانت النتيجة؟ لقد تمددت تنظيمات (داعش) و(جبهة النصرة) والتنظيمات أو المجموعات الشبيهة بها بكل حرية. بالمقابل كيف أصبح الوضع بعد المشاركة الروسية المباشرة في محاربة الإرهاب؟ لقد بدأ (داعش) و(النصرة) بالانكماش. إذاً يمكنني القول إن مشاركتهم لن تحقق أي نتيجة. ثانياً، ستكون هذه المشاركة ضارة وغير قانونية كما أنها ستشكل دعماً للإرهاب على غرار ما حدث بعد شروع (التحالف) في عملياته قبل أكثر من سنة.

وشدد الرئيس الأسد على أن سورية دولة ذات سيادة وأن الروس عندما أرادوا تشكيل تحالف ضد الإرهاب، فإن أول شيء فعلوه كان الشروع في نقاشات مع الحكومة السورية قبل أي طرف آخر. ثم بدؤوا بمناقشة القضية نفسها مع حكومات أخرى، ثم أحضروا قواتهم، وبالتالي فإن هذه هي الطريقة القانونية لمحاربة الإرهاب في أي مكان في العالم. وأعاد الرئيس الأسد التذكير بما قاله طوني بلير من أن غزو العراق أدى إلى ظهور (داعش).

وأوضح الرئيس الأسد أن التنظيمات الإرهابية تستند في أفعالها إلى إيديولوجيتها الوهابية الظلامية المنحرفة، وأن لا فرق بين تنظيمي (جبهة النصرة) و(داعش) لأن لهما الإيديولوجيا نفسها.

وبشأن الحجج التي ساقها ديفيد كاميرون لتوسيع الضربات الجوية البريطانية إلى سورية، والتي تتمثل في ما قاله عن (وجود 70 ألف مقاتل ينتمون إلى المعارضة المعتدلة ويمكن أن يستخدمهم الغرب في محاربة داعش)، قال الرئيس الأسد: هذه حلقة جديدة في مسلسل ديفيد كاميرون الهزلي وهذا أمر غير مقبول. أين هم هؤلاء الـ(70 ألف معتدل) الذين يتحدث عنهم؟ إنهم يتحدثون دائماً عن وجود (مجموعات معتدلة) في سورية. هذه لاتعدو كونها مهزلة تقوم على تقديم المعلومات الزائفة والسخيفة بدلاً من الحقائق. وأضاف الرئيس الأسد: الروس يسألون منذ بدؤوا بالمشاركة قبل شهرين: أين هم أولئك (المعتدلون)؟ لم يجبهم أحد.

وأردف الرئيس الأسد: اعتراف المجرم هو سيد الأدلة، إذاً، هؤلاء هم (السبعون ألف معتدل) الذين يتحدث عنهم! هذا أشبه بوصف الإرهابيين، بـ(المعارضة المعتدلة) وهذا غير مقبول في أي مكان من العالم، كما أنه ليس هناك لا سبعون ألفاً ولا سبعة آلاف ولاربما عشرة من هؤلاء الذين يتحدث عنهم. وبشأن الأكراد والحديث عن أنهم يتلقون الدعم من الأمريكيين، أكد الرئيس الأسد أن الأكراد يقاتلون الإرهابيين إلى جانب الجيش السوري وفي المناطق نفسها.

وقال: إنهم يتلقون الدعم بشكل رئيسي من الجيش السوري، ولدينا الوثائق التي تثبت ذلك، نحن أرسلنا لهم الأسلحة لأنهم مواطنون سوريون، ولأنهم يريدون محاربة الإرهاب، كما نفعل مع العديد من الجماعات الأخرى.. لأنه لا يمكن إرسال الجيش إلى كل جزء من سورية، إذا، فإن الأمر لايقتصر على الأكراد، فالعديد من السوريين الآخرين يفعلون الشيء نفسه.

ورداً على سؤال: هل تعتزم أن تكمل فترتك الرئاسية حتى عام ،2021 أم إنك تتوقع إجراء استفتاء أو انتخابات رئاسية قبل ذلك التاريخ؟

أجاب الرئيس الأسد قائلاً:

الجواب يعتمد على سياق السؤال. إذا كان السياق يتعلق بتسوية الصراع في سورية، فليس هناك علاقة بين الانتخابات المبكرة وإنهاء الصراع. يمكن لذلك أن يحدث فقط من خلال محاربة الإرهاب وإيقاف دعم الأنظمة الغربية والإقليمية للإرهابيين. سيتم إجراء الانتخابات المبكرة فقط كجزء من حوار شامل حول المستقبل بين مختلف القوى السياسية ومجموعات المجتمع المدني في سورية. وهكذا، فإن الأمر لا يتعلق بإرادة الرئيس، بل بإرادة الشعب السوري بتبني عملية سياسية معينة.

وأكد الرئيس الأسد أنه لا يمكن إلحاق الهزيمة بـ(داعش) من خلال الضربات الجوية وحسب دون التعاون مع القوات على الأرض، وقال: لايمكن إلحاق الهزيمة بهم من دون مشاركة الحكومة والناس بشكل عام، لا يمكنهم إلحاق الهزيمة بـ(داعش) من خلال الضربات الجوية، إنهم سيفشلون مرة أخرى، والواقع يدل على ذلك.

وفي الإطار ذاته، أكد الرئيس الأسد أن (التحالف) الذي تقوده واشنطن وهمي وافتراضي لأنه لم يحقق أي إنجازات في محاربة الإرهاب على الأرض في سورية.

 وأضاف: نحن بدأنا محاربة الإرهاب بصرف النظر عن وجود أي قوة عالمية، ونرحب بكل من يريد الانضمام إلينا، وسواء فعلوا ذلك أم لا، فإننا مستمرون في محاربة الإرهاب، هذه خطتنا الوحيدة التي لن نغيرها.

وبشأن إذا ما كان بإمكان سورية وحلفائها إلحاق الهزيمة بـ(داعش) والوقت الذي يستغرقه ذلك، قال الرئيس الأسد: إذا توقف الدعم الذي تتلقاه هذه المجموعات من مختلف البلدان في منطقتنا، ومن الغرب بشكل عام، فإن الأمر لن يستغرق أكثر من شهور لنتمكن من إنجاز مهمتنا، الأمر ليس معقداً جداً، والحل واضح بالنسبة لنا، غير أن هذه المجموعات تتلقى دعماً غير محدود من هذه البلدان، وهو ما يجعل المشكلة تطول وتطول، ويجعلها أكثر تعقيداً واستعصاءً على الحل، وهذا يعني أن مهمتنا ستتحقق لكن بثمن باهظ سيدفعه السوريون في المحصلة.

وعن الدور الروسي أكد الرئيس الأسد أنه دور مهم جداً، وقد كان له أثر كبير على الساحتين العسكرية والسياسية في سورية. الأمر المؤكد هو أن الدعم الروسي للشعب السوري والحكومة السورية لعب منذ البداية، إلى جانب الدعم القوي والراسخ لإيران، دوراً مهماً جداً في صمود الدولة السورية في محاربتها للإرهاب.

وأوضح الرئيس الأسد أن الدعم الروسي لا يتعلّق فقط بالمشاركة التي بدأت مؤخراً. لقد قدموا الدعم منذ البداية وفي جميع المجالات: السياسية، والعسكرية، والاقتصادية.

وتابع الرئيس الأسد: منذ بدأ (التحالف) الغربي عملياته، فإن (داعش) توسّع، و(جبهة النصرة) توسّع وكل منظمة إرهابية أخرى توسّعت واستولت على المزيد من الأراضي في سورية والعراق. من الواضح أن الروس رأوا في ذلك تهديداً لسورية والعراق والمنطقة بشكل عام، وكذلك لروسيا وباقي أنحاء العالم. ولا أُبالغ حين أقول إن الروس يحمون أوربا اليوم.

وحول ما يقال عن (وجود 1000 جندي روسي وقوات خاصة) في سورية، قال الرئيس الأسد: ليس هناك أي قوات برية باستثناء الطواقم التي يرسلونها مع قواتهم العسكرية وطائراتهم لحراسة القواعد الجوية، وهذا أمرٌ طبيعي. ليس لديهم أي قوات برية تقاتل مع القوات السورية على الإطلاق.

وبشأن ما يقال عن أن سورية قد تحصل على نظام (إس300) من روسيا الذي سيسمح لسورية بحماية مجالها الجوي، وإذا ما كانت سورية ستستخدم هذا النظام ضد طائرات (التحالف) أوضح الرئيس الأسد أن سورية لاتمتلك هذا النظام حتى الآن، لكنه أكد أن من حقها حماية مجالها الجوي واستخدام أي وسيلة من أجل ذلك.

 وقال: ستستخدم جميع الأنظمة الدفاعية التي سنحصل عليها لتلك الغاية.

وحول محادثات فيينا، قال الرئيس الأسد: البند الأكثر أهمية في (إعلان فيينا) هو أن على السوريين أن يجتمعوا لمناقشة مستقبل سورية، كل ما عدا ذلك ثانوي. إذا لم يكن هذا الجزء الرئيسي موجوداً، فإن كل الأجزاء الثانوية ليست ذات جدوى.

وبالتالي، فإن الحل الوحيد هو أن نجتمع كسوريين. (فيينا) بحد ذاته لا يعدو كونه اجتماعاً لإعلان النيات، وليس العملية الفعلية التي تتمثل في الجلوس إلى الطاولة ومناقشة المستقبل. إذاً، فإن المسألة لا تتعلق بالنتائج الناجمة عن فيينا، بل بما نستطيع نحن كسوريين أن نحقّقه عندما نجتمع.

وحول الاجتماع المزمع عقده في السعودية لشخصيات من (المعارضة) وإذا ما كانت الحكومة السورية تجري أي محادثات مع (المعارضة)، قال الرئيس الأسد: لدينا قنوات مباشرة مع بعض مجموعات المعارضة، لكن مجموعات أخرى لا تستطيع التواصل معنا لأن الحكومات التي تسيطر عليها لا تسمح لها بذلك.

نحن من جهتنا منفتحون على كل الأطراف السلمية في المعارضة. ليس لدينا مشكلة في ذلك. فيما يتعلق بالاجتماع المزمع عقده في السعودية، فإن السعوديين يدعمون الإرهاب بشكل مباشر وصريح وعلني. ذلك الاجتماع لن يغيّر شيئاً على الأرض. قبل الاجتماع وبعده تقدّم السعودية الدعم للإرهابيين، وستستمر في تقديمه. لا يشكّل ذلك حدثاً مفصلياً يمكن مناقشته، إذ إنه لن يغيّر شيئاً في الواقع.

وفي شأن متصل قال الرئيس الأسد: منذ البداية كانت إحدى الدعامات الأساسية في سياستنا الشروع بالحوار مع جميع الأطراف الضالعة في الصراع، سواء كانت في سورية أم لا.

لقد تفاوضنا مع العديد من المجموعات الإرهابية، وليس التنظيمات، كي أكون دقيقاً، التي أرادت التخلّي عن أسلحتها والعودة إلى الحياة الطبيعية. أفضَتْ هذه المفاوضات إلى إصدار أكثر من عفو، وقد كان ذلك ناجحاً جداً في العديد من الحالات. والأكثر من ذلك أن بعض هؤلاء المقاتلين انضموا فعلياً إلى الجيش العربي السوري وباتوا يقاتلون الآن مع قواتنا. إذاً، نعم نحن نتفاوض مع أولئك الذين ارتكبوا أفعالاً غير قانونية في سورية، سواء كانت سياسية أو عسكرية للتوصل إلى تسويات شريطة أن يتخلوا عن أسلحتهم ويعودوا إلى حياتهم الطبيعية. هذا لا يعني أن نتفاوض مع تنظيمات إرهابية مثل (داعش والنصرة) وغيرهما، ما قصدته بالمجموعات هو تلك المجموعات التي شاركت في القتال لكنها ندمت على خياراتها وتريد العودة إلى الحياة الطبيعية.

وبشأن الحديث عن المسؤولية عن بعض ما حدث في سورية، جدد الرئيس الأسد القول: منذ البداية قامت سياستنا على دعامتين أساسيتين إجراء الحوار مع الجميع، ومحاربة الإرهاب في كل مكان من سورية. الآن، إذا أردت الحديث عن المسؤولية لا بد من مناقشة العديد من أوجه الصراع، وسبب وجودنا اليوم في هذا الوضع الصعب والمُحزن.

إذا قُلت إنني أتحمّل المسؤولية، فهل أتحمل أيضاً مسؤولية الطلب من القطريين أن يدفعوا الأموال للإرهابيين، أو الطلب من السعوديين تمويل أنشطتهم، أو الطلب من الحكومات الغربية السماح لإرهابييها بالقدوم إلى سورية؟ هل أتحمّل مسؤولية الطلب من الحكومات الغربية أن تمنح مظلة سياسية لأولئك الإرهابيين وأن تسمّيهم (معتدلين)؟ أو عن الحصار الغربي المفروض على الشعب السوري؟ ينبغي أن نناقش الأمر على هذا النحو. لا نستطيع القول ببساطة: (إن الرئيس يتحمّل أو لا يتحمّل المسؤولية). علينا أن نتحدّث عن كل الجوانب، وأن نميّز بين القرارات المتّخذة في إطار السياسات من جهة والممارسات من جهة أخرى، بين الاستراتيجية والتكتيك. وبالتالي، فإن تقييم ذلك أمرٌ معقّد جداً. هذا إضافة إلى أننا إذا أردنا تقييم من يتحمّل المسؤولية في سورية، فإن ذلك يمكن أن يحدث بعد نهاية الحرب عندما يُصبح بالإمكان إجراء التحقيق بالمسألة برمتها: ما حدث قبلها، وخلالها، وبعدها.

العدد 1107 - 22/5/2024