تداعيات الأزمة في جمعية العلوم الاقتصادية باللاذقية

 اتسمت الندوة الرابعة لملتقى الثلاثاء الاقتصادي الذي يقيمه فرع اللاذقية لجمعية العلوم الاقتصادية بالحرارة والجرأة في النقاش، وقد بدأ رئيس فرع الجمعية الكلام بالقول: أكيد الأزمة كبيرة التأثير والانعكاسات وذلك استمرارية لعدم تغيير النهج الاقتصادي السابق للأزمة والممهد لها والمحابي لقلة استفحلت في لوي ذراع الحكومة، وفي قوننة الفساد، لتفريغ المؤسسات من روحيتها ولمواءمة مقررات مؤتمر واشنطن وتوصيات البنك الدولي، مما هشم البنيان بدءاً من أوائل الالفية الثانية.. وإن نتيجة هذه المواءمة جاءت زيادة فساد تجار الأزمة ومحاولة الحصول بالرهاب الاقتصادي عما عجز عنه الإرهاب المسلح.. إن الأسعار قد زادت بمعدل يفوق العشرة أضعاف .. فالثلاثون ألف ليرة التي قدرها المكتب المركزي للإحصاء لأسرة مؤلفة من 5 أشخاص أصبحت 260 ألف حسب حالة الأسرة، وأزيلت الطبقة الوسطى عن الوجود، هذه الطبقة التي كانت مسيطرة حتى 2005 قبل السير بمصطلح رفع الدعم وسحب الدعم وسط مؤشرات اقتصادية أكثر من جيدة، هذا الدعم الذي هو حق للمواطن وآلية لتوزيع الناتج المحلي على المواطنين…

استمرت الأزمة وسط تغييب لمؤسسات الدولة في الاستيراد والتدخل الإيجابي ورفض التسعير الإداري المتدحرج ووسط أسعار بلا ضابط ولا رقيب وفساد مسرطن.. ووسط سياسة نقدية  أرهقت الليرة السورية، وكلنا يذكر كيف هبط سعر الصرف لحدود 300 ليرة ليتدخل المركزي بسعر 470 ليرة بعد أن انجلط أغلب الفاسدين ليأتي حاكم مصرف جديد و يعلن أنه سيعيد الطبقة الوسطى لنفاجأ بتثبيت الدولار ب540 ليرة، كل ذلك وفق سياسات تعاكس انتصار المؤسسة العسكرية و البيئة الحاضنة لها والتي لن تتخلى عنها مع ملاحظتها سياسات تحابي الواقفين على التلة وتجار الأزمة. وشدد على أنه من دون سعر ليرة ملائم و تعديل أسعار الوقود بتقوية الليرة لا يمكن تحسين معيشة المواطنين الذين وقفوا مع الوطن..

وأجمع الحضور على تحيز أغلب السياسات ضد الأغلبية، وأن هناك من يحتكرون المواد ويفتعلون الأزمات.. في ظل ظروف كهذه يصبح التقشف العادل مطلوباً، ولكنه يكون باتجاه السلع الكمالية والسيارات الفارهة وضد المصاريف الزائدة للمسؤولين ولسفر الاستجمام، وليس بالكهرباء التي لابد من عدالة بتوزيعها وجبايتها وبقوة القانون، فالعقوبة الجماعية لا تصيب من يمتنعون عن الدفع من قوى الفساد الذين يجب تعريتهم… ونلاحظ عدم استخدام المصرف المركزي أي سياسة مفيدة يعرفها الجميع.. يجب الاستعانة بقوى وطنية تطوعية وبالمؤسسة العسكرية لضبط الأسعار ومنع الاحتكار ومواجهة من لا يهمه لا مواطن سوري ولا دم سوري، كما حصل بملف الأدوية الذي تبرأ منه رئيس الوزراء ووزير الصحة.. ليأخذ القرار هذا الملف الذي يجب سحبه من وزارة الصحة إلى مستويات أعلى.. ومن دون عودة الدولة البناءة الراعية وتقوية مؤسساتها اتجاه تجار الأزمة والفاسدين ودواعش الداخل لا أمل.. ومن دون مؤسسات تشريعية قادرة على مواجهة قرارات كهذه، فلا جدوى… ضرورة تغيير العقليات بتعيينات تعتمد الكفاءة والمهنية ومن دون تعدد سياسي وحرية إعلام.. لا جدوى.

وأجمع الحضور على استمرار الوقوف خلف المؤسسة العسكرية ومع مؤسسات الدولة لتأخذ دورها وإعادة القطاع العام ليأخذ دوره ويقضي على الاحتكار والفساد. وإن الحرية التي تمنح للمؤسسات ركيزة لطريق إعادة القطار إلى سكته في سورية الواحدة الموحدة، ولا يوجد خلاص ولا انتصار من دون تحيز النهج الاقتصادي للشعب في مواجهة تجار الأزمة ودواعش الداخل. الدم السوري غال ولا نقبل أي استهتار به، ولتكن دولة القانون فوق الجميع..

العدد 1105 - 01/5/2024