رقابة تموين اللاذقية رحلت إلى عالم الأموات والوزارة غائبة

وباء المتاجرة بمعيشة المواطن بات واقعاً يصعب شفاؤه، فاللقاح الحكومي والمؤسساتي مفقود بل معدوم في زمن الإرهاب اللاأخلاقي الذي يعيشه المجتمع السوري المتشتت بين كان وأخواتها، والتاجر، والمسؤول الحكومي! وما حالة السوق السورية اليوم سوى مثال واقعي لما يحدث من إجرام كبير بحق المواطن الكادح ولقمة عيشه التي غمسها غياب الرقابة التموينية وإهمالها بالوحل، وهاهو ذا حال سوق اللاذقية يتكلم عن نفسه، وشكاوى المواطنين وصلت إلى السماء السابعة، ولكن الرد مفقود ومدعوم بمبرر لا يشفي الوجع الذي يعيشه مواطننا السوري.

 وفي استطلاع جريدة (النور) لحال السوق بعد شكاوى كثيرة للمواطن، رصدنا متاجرات وصفقات كبيرة تجري في أسواق اللاذقية، والتموين غائب وكأن مديريته انتقلت إلى المريخ .

الخبز الحكومي.. متاجرة على الأرصفة

باتت المتاجرة بالخبز الحكومي منتشرة بقوة كبيرة على أرصفة شوارع وفي أسواق اللاذقية كافة بسبب غياب لجان التموين عن الأسواق، حيث تباع الربطة التي تحتوي 7 أرغفة خبز بـ 100 ليرة سورية، وأحياناً بـ125 ليرة، بينما سعرها الحكومي 50 ليرة سورية. وبسؤالنا للمواطنين لماذا لا يحصلون على الخبز من الأفران؟ قالت لنا سميرة .م: نقف على الفرن أحيانا ثلاث ساعات لنحصل على الخبز، حيث تكون هناك أفضلية لأشخاص يأخذون كميات كبيرة من الخبز على أساس أنهم يحملون بطاقات وغيرها، أما وليد .ج فقال لنا: لا نحصل على لقمة عيشنا إلا بشق الأنفس من الأفران، والتموين كأنه غير موجود، فلتذهبوا لتروا كيف يقف الناس في الطوابير على الأفران والخبز يذهب لأشخاص محددين وبالكميات التي يريدونها، فيوزعونها على الأطفال وبعض الباعة لبيعها للمواطن. وبسؤالنا لباعة الخبز: لماذا سعر الربطة 100 ليرة سورية وسعرها في الفرن 50 ليرة؟ قالوا لنا بأن الربطة تصلهم بسعر 85 ليرة سورية ويبيعونها بـ 100 ليرة. هذا هو واقع حال ربطة الخبز الحكومي في اللاذقية، وهي تعتبر المادة الأهم لحياة المواطن الذي ابتلعه الفقر بقرارات التقشف والعقلنة الحكومية …

لحوم الدجاج والحبش المفروم هل من رقابة؟؟؟

انتشرت في الآونة الأخيرة محلات كثيرة للحوم الديك الرومي والدجاج المفروم بشكل ناعم، ولكن سؤالنا: هل تخضع هذه المحلات للرقابة الصحية والتموينية في مدينة اللاذقية؟؟ وهل يعلم المواطن ماذا يحتوي هذا اللحم المفروم من مواد مضرة بالصحة ومسرطنة ؟؟

 بعد جولة لنا في أسواق اللاذقية لفتتنا محلات مخصصة لبيع كباب الديك الرومي وبأسعار زهيدة جداً، إذ يباع الكيلو غرام الواحد بسعر 750 ليرة سورية، مما أثار رغبتنا بالتساؤل والبحث عما تحتوي هذه الخلطة العجيبة التي لا تحتوي سوى على نسبة ضئيلة من اللحم، وبسؤالنا لأحد العاملين بمجال اللحوم قال لنا: هذه المحلات تعمل على خلط عدة مواد، فمثلاً يضعون 5 كيلو لحم حبش والباقي ضرع بقر وشحم ومواد أخرى، فينتج لديهم كمية تقارب 12 كيلو، وإذا حسبنا سعر التكلفة لوجدنا بأن الكيلو الغرام الواحد تكلفته لا تتعدى 300 ليرة سورية، وبهذا يحقق أصحاب هذه المحلات أرباحاً كبيرة والمواطن لا يعلم ماذا يأكل فيشتري بعد أن يوهمه صاحب المحل بأن نسبة الشحمة لا تتعدى 200 غرام في الكيلو الواحد، وكذلك الأمر بالنسبة للدجاج المفروم فهو عبارة عن مخلفات (نتر الدجاج) وجلود الدجاج، وبملاحظة بسيطة يعرف ذلك من اللون الأصفر الموجود ضمنها، فهل سألت الرقابة الصحية نفسها: ماذا يأكل المواطن؟ أم هي تشجع على هذه التجارة في الغذاء الذي يؤذي الصحة ويشكل السرطانات والذبحات الصدرية وغيرها..

لم يكن الحال أفضل بالنسبة للسلع الأساسية في السوق، فقد شهدت ارتفاعات جنونية لم تسجلها في الفترات الماضية وخصوصاً أسعار البيض والزيوت والسمون والمواد المجففة كالبقول والحبوب وغيرها، وكذلك السكر ارتفع في الأسبوع الأخير لحدود 275 ليرة للكيلو الواحد وشكاوى المواطن لا تلقى أي اهتمام في مدينة تتغلب عليها فوضى التسعير من قبل التجار. وفي جريدة (النور) قدمنا في مقالات سابقة حلولاً وإجراءات يمكن اتخاذها من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ولكن لم نلمس معالجة أي شيء حتى اليوم، ومن ذلك: حصر بيع الخبز بمراكز معتمدة وبتسعيرة الحكومة أو بفارق 5 ليرات لا الضعف وأكثر منه من قبل تجار همهم تعبئة جيوبهم على حساب لقمة المواطنين، وكذلك اقترحنا تشكيل لجان رقابية عملها فقط في السوق تتبع لمكتب المتابعة الذي لم ترجعه الوزارة للعمل بعد، بسبب بعض المسؤولين المستفيدين في الوزارة الذين كانوا وراء إلغاء عمل المكتب وتشريد موظفيه من دون قرار نظامي بإلغائه، فهل هناك وزارة للتجارة الداخلية وحماية المستهلك حقاً أم باتت اسماً لا يحمل معناه كما يقولها السوريون في أحاديثهم..

أسئلة مهمة تتركها (النور) لعلنا نجد جواباً وحلولاً تنقذ ما تبقى من حياة المواطن ومعيشته التي باتت تحت خطوط الفقر والجوع.

العدد 1105 - 01/5/2024