وجهات نظر شرق أوسطية في الانتخابات الأمريكية ….ترامب يهاجم المسلمين وكلينتون تقتلهم

 يتتبع الكثيرون الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأمريكية، ولكن هذه المرة لا تنصبّ الاهتمامات على قطبي السياسة الأمريكية، بل حول المجريات التي تحدث داخل كل حزب، إذ يخالف كل من بيرني ساندرز، وترامب، مؤسسته الحزبية. ومع اقتراب انتهاء موسم الانتخابات التمهيدية، بدأت وجهات النظر في الشرق الأوسط حيال هذه الانتخابات بالتبلور، ويبدو أن الغالبية- ما عدا بعض الأوتوقراطيين والملوك والأمراء في هذه المنطقة- ليست داعمة بالمطلق لهيلاري كلينتون.

باختصار، إذا كان على الشرق الأوسط أن يصوّت فلن تكون هناك منافسة تذكر بين ترامب الذي لا يكف عن مهاجمة المسلمين، وكلينتون التي تقتلهم. وهنا يطغى الجدل حول المنتصر المحتمل في هذه الانتخابات، بالدرجة الأولى، لا على الاهتمام بالمشاريع الاقتصادية والسياسية التي تحضّر للمنطقة، بل على كل ما سيحمله كل منهما معه من ويلات وحروب للمنطقة.

تتناقل الأخبار أن هيلاري كلينتون ستكون الشخص الأسوأ للمنطقة، ما عدا داخل أوساط النخب والليبراليين فيها.. لماذا؟ لأن المنطقة كلها تعجّ بالحروب المحلية ويتفشى فيها الإرهاب بشكل كبير، وتغرق في الفوضى، وكل هذا تقف خلفه الولايات المتحدة، فلم تعد أية مشكلة قائمة في الشرق الأوسط إلا وتتحمل السياسة الأمريكية المسؤولية عن إيجادها أو تفاقمها.

الملعب الكوني لأمريكا

يشكل الشرق الأوسط الملعب الكوني للولايات المتحدة، تعمل فيه كما يحلو لها، والسبب هو أن غالبية حكام المنطقة التي يزيد عدد دولها عن 24 دولة يخضعون للسلطة الأمريكية وينفذون أوامرها. في أعقاب قيام الثورة في إيران، وسعت واشنطن طموحاتها لكسر شوكتها، وعملت على إطلاق العنان لشياطين الطائفية الكامنة تحت الرماد، من الأصولية الوهابية إلى تنظيم القاعدة، إلى تنظيم داعش الإرهابي، والآن هي تسلط فوهاتها التدميرية نحو إيران وسورية وحزب الله وروسيا التي تحارب هذا الإرهاب الذي أطلقته واشنطن.

لا تُظهر السياسة الأمريكية أي ارتباك أو تشويش، وهذا سلوك مقصود، فهي تعتمد على (التنافر الاستراتيجي) بهدف هندسة الصراع في المنطقة بما يناسب مصالحها ومصالح حلفائها ولاسيما في دول الخليج العربي.

كلينتون الأكثر سوءاً

إن سجل هيلاري كلينتون حافل بالسوء بالنسبة للشرق الأوسط، فهي دعمت الخطط الخاطئة في دوله: في العراق أو ليبيا أو سورية، فميولها (صقورية)، وهي التي أشعلت فتيل ما يسمى بالحراك العربي الذي دمّر العديد من البلاد العربية وما يزال مستمراً، كذلك دعمت الغزو الأمريكي للعراق الذي كان وراء نشوء داعش وغيرها، هذا كله دون أن تُبدي أي ندم حيال ذلك، ولا أحد ينسى قهقهتها المدوية عقب مقتل الراحل معمر القذافي وهي تصرخ: (أتينا وشاهدناه يموت)! وحالياً هي تُصعّد من مواقفها تجاه سورية، فهي التي ابتكرت ما يسمى (المنطقة الآمنة)، وهي التي تدافع عما تصفه بالمعارضة المعتدلة. إذاً، صفحة كلينتون في الشرق الأوسط سوداء قاتمة، وهي من المغضوب عليهم في المنطقة، إلا عند حفنة من الملوك والحكام المستبدين والنخب الغنية من الليبراليين.

أما ترامب، البليونير الكبير والمثير للجدل، فهو يتعرض أيضاً في الشرق الأوسط لانتقادات كثيرة بسبب تصريحاته المعادية للمسلمين، وخلافاً لكلينتون فإن سجله السياسي الخارجي غامض، باستثناء تذكيره الذي لا يتوقف عن التنديد باجتياح الولايات المتحدة للعراق، واصفاً إياه بالقرار الكارثي.

ترامب.. الأقل شراً

مقابل ذلك، فهو يدعم إسرائيل من دون قيد أو شرط، حسب تصريح أدلى به مؤخراً، ومن أقواله أيضاً: (إذا خرجت السعودية من تحت العباءة الأمريكية فلا أعتقد أنه بإمكاننا أن نبقى حولها)، ويرى أن بلاده تدرب مجموعات لا تملك أي فكرة عن هوياتها وتقدم لها البلايين من الدولارات، وأن الفوضى في ليبيا والعراق هي نتاج قرارات اعتباطية أمريكية. ويقول (إن الأوضاع في الشرق الأوسط في ظل وجود صدام حسين والقذافي كانت أفضل أمنياً، وتعجبني فكرة قصف بوتين لداعش).

باختصار، ما أدلى به ترامب من تصريحات ليس جديداً، غير أنه شكّل حقيقة مدوية للناخبين في موسم انتخابي غير تقليدي، ولهذا ما من سبب يحول بينه وبين الوصول إلى البيت الأبيض، ولكن ما من أحد يجزم بذلك.

على أي حال، يُجمع العديد من المحللين السياسيين على أن ترامب هو الأقل شراً ولا يمكن أن يكون أسوأ من كلينتون، المحنكة وصاحبة الخبرة الطويلة بمنطقة الشرق الأوسط وبميولها الصقورية، ولكن يجب أن نأخذ بالحسبان أن روسيا والصين وإيران والبرازيل وجنوب إفريقيا وغيرها من الدول لن تسمح لصقور الولايات المتحدة باستمرار زعزعة الاستقرار العالمي، كائناً من كان في البيت الأبيض، وقد بدأت صورة هذا الأمر تتبلور بوضوح في أوكرانيا وسورية وغيرهما.

العدد 1107 - 22/5/2024