التنوع في ندوة الثلاثاء الاقتصادي

 ضمن برنامج ندوة الثلاثاء الاقتصادي لعام ،2017 وتحت عنوان (دور التنوع الاقتصادي في صياغة النموذج التنموي السوري.. الرؤية الوطنية والمحددات)، أقامت جمعية العلوم الاقتصادية السورية ندوة اقتصادية في المركز الثقافي العربي بأبو رمانة بدمشق.

وقد ناقش الباحث الاقتصادي الدكتور زياد عربش خلال المحاضرة التي ألقاها في الندوة عدّة محاور كان أولها جملة التحدّيات التي نعيشها اليوم، وكيفية استغلال الظروف التي نمر بها من أزمة وحرب وتحويلها إلى فرص حقيقية للتغيير. كما تحدّث الدكتور عربش عن مسار النموذج التنموي، وطرح عناوين رئيسة خلال الحقبة التاريخية المنصرمة في سورية، والشروط والمحددات والمقيدات لنجاح الرؤية في إطار الإقلاع نحو المستقبل.

وأيضاً تحدّث عن أثر التطوّر والتكنولوجيا الذي بات يلعب دوراً كبيراً في حياتنا اليومية، وبات حاجة اقتصادية واجتماعية وثقافية أساسية لكل فرد، كأي حاجة من حاجات يومه المعيشية، على الرغم من المقيدات اللغوية والتقانية، والموانع الإدارية، والحصار الاقتصادي العالمي، هذه الأمور التي لاتعدّ شيئاً جديداً علينا.

الناتج المحلي في سورية لا يمثّل 1 بالألف من الناتج العالمي، وكعدد للسكان، فإن 23 مليون نسمة لا تمثّل شيئاً مقارنة بـ 7 مليارات نسمة، مشيراً إلى الواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي نعيشه من خلال الإضاءة على الأزمة وأثرها في الاقتصاد السوري، وعن تأثرنا المباشر وغير المباشر بالتطورات الاقتصادية التي يشهدها العالم. فنحن نعيش التطور والتّحول التكنولوجي ولكن ليس كحامل للتنمية الاقتصادية، بل بالاستفادة من مزاياه الترفيهية، كما لدى النسبة الكبيرة منّا، وسبب عدم استفادتنا من المكوّن المعرفي لهذا التطوّر هو أنه لا يوجد لدينا منظومة وطنية للابتكار. أمّا على صعيد التحوّل المؤسساتي فالفترة الممتدة من عام 2000 حتّى عام 2010 شهدت سلسلة من القوانين تعادل القوانين التي اتخذت منذ قبل الاستقلال حتّى عام 2000.

ما حدث منذ 2011 إلى اليوم كان في ثلاثة محاور، الأول هو إيقاف قوانين قديمة لم تعد مستخدمة، المحور الثاني استنباط قوانين جديدة، أما الثالث فهو إعادة قوانين قديمة كانت ملغاة، كقانون التعامل بالقطع الأجنبي، الذي أعيد تطبيقه في الفترات الماضية. وأشار الدكتور عربش إلى أن البيئة التشريعية تصدر في ظروف استثنائية، فهناك بعض المؤسسات التي هُمِّشت أو هَمّشت نفسها، وهناك مؤسسات أخرى باتت الآن تلعب دوراً أكبر من السابق، وهناك أيضاً مؤسسات أو ما يصح تسميتها بالتراكيب التي لم تأخذ دور المؤسسات الرسمية، لكنها تلعب اليوم دوراً فاعلاً في الاقتصاد.

وقد دعا الدكتور عربش إلى الاتجاه إلى التطور بشكل أكبر من خلال الاستغناء عن الأساليب القديمة واستنباط أساليب جديدة تتماشى مع التطورات العالمية، وضرورة تقديم رؤية كاملة قبل القيام بأي مشروع وفق الظروف المتاحة، لافتاً إلى حاجتنا إلى فكر ابتكاري تجديدي، فالتغيير يتيح فرصاً نادرة والأزمات الاستثنائية تتيح فرصاً هائلة للتغيير، ولذلك يجب علينا أن نستفيد من هذه الفرص لكي نتخطّى الأزمة التي نمر بها. مشيراً إلى مواكبة سورية للتطورات العالمية مع تغير العالم وتأثرنا بهذا التغيرات بشكل مباشر أو غير مباشر.

غسان القلاع، رئيس اتحاد غرف التجارة السورية ونائب رئيس جمعية العلوم الاقتصادية، أكد ضرورة التكاتف والعمل معاً وتشغيل العمالة الموجودة والتشبيك بين كل المناطق السورية وتوفير القطع الأجنبي لأعمال أخرى، لافتاً إلى الحاجة لإعادة النظر بالمناهج التربوية قبل التعليمية.

تضمّنت الندوة بعض المداخلات من قبل المشاركين، دعت إلى ضرورة استثمار العائدات التي تأتي من المغتربين في إقامة مشاريع صغيرة متنوعة، تساهم في تحسين الاقتصاد من خلال زيادة الدخل وتوفر فرص عمالة ونشر التعليم العالي والمفتوح في اختصاصات تتناسب وحاجات سوق العمل، والاستفادة من التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي في تطوير الأعمال واستثمارها بالشكل الأمثل.

كما دعت هذه المداخلات إلى ضرورة إيجاد تكاملية بين القطاعين العام والخاص لإعادة بناء البلد ووضع خارطة للفرص الاستثمارية في كل القطاعات والمجالات.

العدد 1107 - 22/5/2024