الرئيس الأسد: حربنا ضد الإرهاب مستمرة

أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن الشعب السوري فاجأ العالم مرة أخرى بمشاركته غير المسبوقة في انتخابات مجلس الشعب واختيار ممثليه، لتكون رسالة واضحة للعالم بأنه كلما ازدادت الضغوط تمسك الشعب بسيادته أكثر. وقال الرئيس الأسد في كلمة له أمام مجلس الشعب (يوم الثلاثاء 7/6/2016) بمناسبة الدور التشريعي الثاني: (إن حربنا ضد الإرهاب مستمرة).

وفيما يلي فقرات من كلمة الرئيس الأسد:

… هذه الانتخابات لم تكن انتخابات عادية، فقد أتت وسط تجاذبات ميدانية وسياسية إقليمية ودولية كبيرة..أتت وسط ظروف داخلية قاسية أدت بالبعض لأن يتوقع فشلها وعدم إنجازها.. وإن أنجزت فبمقاطعة شاملة من قبل المواطنين.. وبأحسن الأحوال بلا مبالاة تجاهها، لكن ما حصل هو العكس فقد فاجأ الشعب السوري العالم مرة أخرى بمشاركته الواسعة بواحد من الاستحقاقات الوطنية والدستورية الهامة، فحجم المشاركة غير المسبوق من قبل الناخبين في اختيار وانتخاب ممثليهم في مجلس الشعب كان رسالة واضحة للعالم بأنه كلما ازدادت الضغوط فإن الشعب يتمسك باستقلاله أكثر، وكلما حاول الآخرون التدخل في شؤونه أثبت إصراره على التشبث بالدستور واستحقاقاته كحام للاستقلال ورافعة للاستقرار..

.. وتابع الرئيس الأسد: عندما نفكر ونعمل بصدق وإخلاص للوطن أولاً لا للذات أو المكاسب الشخصية تصبح رقابتكم على السلطة التنفيذية فاعلة وحقيقية قادرة على تقويم أدائها بما يخدم المواطن، وهذا ما يتوقعه الجميع من مجلسكم الحالي.

وقال الرئيس الأسد: إن تحمّلكم المسؤولية الوطنية يأتي اليوم في ظروف غير عادية يمر بها العالم بمجمله نتيجة صراعات دولية.. أفرزت صراعات إقليمية بين دول تسعى للحفاظ على سيادتها واستقلالها، ودول تعمل لتنفيذ مصالح الآخرين ولو كان ذلك على حساب مصالح شعوبها.. هذه الصراعات انعكست بشكل مباشر على الوضع في منطقتنا عموماً وسورية بشكل خاص وزادته تعقيداً، لكن بنفس الوقت كل ما سبق لا يعني على الإطلاق إعفاءنا كسوريين من مسؤوليتنا فيما يحصل، فلو كان بيتنا الداخلي صلباً وقوياً متماسكاً لا يضرب الفساد والخيانة بعض زواياه لما وصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن.

وتابع الرئيس الأسد.. كانوا على يقين بأن الأساس في مخططهم السياسي بعدما لم ينجحوا في مخططهم الإرهابي هو ضرب الدستور طبعاً بالرغم من كل ما حققه الإرهاب من تدمير ومن سفك للدماء.. لكن المخطط كان أن يأتي هذا الإرهاب ويسيطر بشكل كامل ويعطى صفة الاعتدال.. ولاحقاً يعطى الغطاء الشرعي..

وقال الرئيس الأسد: وبما أننا لم ولن نسمح لهم بأخذ سورية في هذا الطريق ليسقطوها في الهاوية فقد طرحنا منذ بداية جنيف3 ورقة مبادئ تشكل أساساً للمحادثات مع الأطراف الأخرى… وأنا أذكر بشكل عاجل المبادئ الأساسية التي طرحت في الورقة: سيادة سورية ووحدتها ورفض التدخل الخارجي ونبذ الإرهاب ودعم المصالحات والحفاظ على المؤسسات ورفع الحصار وإعادة الإعمار وضبط الحدود.. وهناك نقاط أخرى مذكورة في الدستور الحالي وغيره من الدساتير كالتنوع الثقافي وحريات المواطنين واستقلال القضاء وغيرها من المبادئ.. أي طرح يطرح خارج هذه المبادئ لن نوافق عليه بكل بساطة لذلك هم رفضوا.. طبعاً لم نسمع أحداً يقول لا، لكن كان هناك تهرّب… في المرة الأخيرة.. كان ردهم هو إعلان علني بدعم الإرهاب وإيقاف الهدنة أو الانسحاب من الهدنة أو ما سمي وقف الأعمال القتالية.. هذا ما شهدناه جميعاً في حلب من قذائف وحشية واستهداف للمشافي والمدنيين والأطفال.. ورغم أن معظم المحافظات والقرى والبلدات السورية عانت وتعاني من الإرهاب وقاومت وما زالت إلا أن نظام أردوغان الفاشي كان يركز دائماً على حلب لأنها بالنسبة له الأمل الأخير لمشروعه الإخونجي بعد أن فشل في سورية وبعد أن فضحت حقيقته المجرمة والمتطرفة في العالم، ولأن أبناءها رفضوا أن يكونوا مطية وأداة في يد الغريب وقاوموا وصمدوا وبقوا في حلب يدافعون عنها وعن الوطن.. وحلب ستكون هي المقبرة التي ستدفن فيها آمال وأحلام هذا السفاح بإذن الله.

وأضاف الرئيس الأسد.. واستمرت سلسلة الإرهاب عبر مجازرهم في الزارة وبتفجيراتهم الوحشية في طرطوس وجبلة، وحاولوا بث روح الفتنة في سورية وفشلوا وسيفشلون دائماً لأن الفتنة في سورية ليست نائمة بل ميتة.

.. الهدنة كأي شيء آخر إذا كانت إيجابية ففيها سلبيات، وإن كانت سلبية ففيها إيجابيات… المشكلة في هذه الهدنة هي أنها تمت بتوافق دولي وبموافقتنا طبعاً كدولة، ولكن لم يكن هناك التزام من قبل الطرف الأمريكي تحديداً بشروط هذه الهدنة وبتطبيقها وغض الأمريكي الطرف عن وكلائه في المنطقة.. السعودي والتركي.

المشكلة تكمن بأن الصراع في سورية جزء كبير منه كما تعلمون هو صراع خارجي دولي وإقليمي.

وتابع الرئيس الأسد.. هم إذاً لم يكتفوا بإرهاب المتفجرات والقذائف، بل دعموه بالإرهاب الاقتصادي عبر العقوبات على سورية وعبر الضغط على الليرة السورية بهدف انهيار الاقتصاد وتركيع الشعب، ورغم كل القفزات المؤلمة التي حصلت ما زال اقتصادنا يقاوم، وأثبتت الإجراءات النقدية مؤخراً إمكانية مواجهة تلك الضغوط والتقليل من أضرارها والقدرة على إعادة الاستقرار لليرة ورفع قيمتها.. وأنا متأكد أن هذا الموضوع سيكون من أولى أولويات عملكم في المجلس كما سيكون حتماً الموضوع الأهم للحكومة التي ستشكل الآن بعد هذا المجلس الجديد بحسب الدستور.

وقال الرئيس الأسد.. إرهاب الاقتصاد وإرهاب المفخخات والمجازر والقذائف واحد، لذلك أؤكد لكم أن حربنا ضد الإرهاب مستمرة، ليس لأننا نهوى الحروب فهم من فرض الحرب علينا.. لكن سفك الدماء لن ينتهي حتى نقتلع الإرهاب من جذوره أينما وجد ومهما ألبس من أقنعة.. وكما حررنا تدمر وقبلها كثير من المناطق سنحرر كل شبر من سورية من أيديهم فلا خيار أمامنا سوى الانتصار وإلا فلن تبقى سورية ولن يكون لأبنائنا حاضر ولا مستقبل.. وهذا لا يعني أننا لا نؤمن بالعمل السياسي.. سنستمر بالعمل على المسار السياسي مهما تضاءلت احتمالات تحقيق إنجاز ما منطلقين بذلك من الرغبة القوية على المستوى الشعبي والرسمي لإيقاف سفك الدماء والتدمير وإنقاذ الوطن.. ولكن أي عملية سياسية لا تبدأ وتستمر وتتوازى وتنتهي بالقضاء على الإرهاب لا معنى لها ولا نتائج مرجوة منها.

وتابع الرئيس الأسد.. وأما أنتم يا أبطال سورية في الجيش والقوات المسلحة والقوات الرديفة فمهما قلنا بكم ولكم فلن نستطيع أن نعطيكم حقكم فلولاكم لما صمدنا ولا بقينا ولولا شجاعتكم وعطاؤكم لأصبحت سورية أثراً بعد عين.. فتحية إجلال وإكبار لكم ولعائلاتكم ولرفاقكم الشهداء والجرحى الذين أبوا إلا أن يعمدوا تراب سورية بدمائهم وأجسادهم ونحن جميعاً وأينما كنا ولأجيال قادمة نحمل لكم العرفان بالجميل وننحني أمام بطولاتكم وبطولات عائلاتكم ونعدكم جميعاً بأن هذه الدماء لن تذهب هدراً وأن النصر قادم لا محال بكم وبأبطال الجيش والقوات المسلحة وبكل سوري أبى إلا أن يدافع عن أرضه وعرضه أينما كان وبأي طريقة ممكنة.

وقال الرئيس الأسد.. اندحار الإرهاب لا بد أن يتحقق طالما هناك أيضاً دول كإيران وروسيا والصين تدعم الشعب السوري وتقف مع الحق وتنصر المظلوم في وجه الظالم فشكراً لهم ولثبات مواقفهم المستمر معنا.. ولن ننسى ما قدّمته المقاومة الوطنية اللبنانية لسورية في مكافحة الإرهاب فامتزجت دماء أبطالها بدماء أبطال الجيش العربي السوري والقوات الرديفة فتحية لهم لبطولاتهم.. لوفائهم.

وقال الرئيس الأسد:.. إذا كانت عودة الأمن إلى سورية والانتصار على الإرهاب واستعادة الأرض وإعادة إعمار الوطن هي ذلك الثمن الذي يجعل دماءهم الطاهرة لا تذهب هدراً، فإن مكافحة الظواهر الضارة من فساد ومحسوبيات وفوضى وخرق للقانون هي الجزء الآخر من ذلك الثمن.. هؤلاء الأبطال قدموا أنفسهم دفاعاً عن الأرض والشعب.. عن البلاد بدستورها ومؤسّساتها وقوانينها، والثمن المطلوب منا هو الحفاظ على الدستور.. على المؤسسات وتطويرها.. تكريس العدل وتكافؤ الفرص.. هؤلاء الأبطال قدّموا أنفسهم من أجل استعادة الوطن كاملاً غير منقوص.. والوطن كاملاً هو كل تلك العناصر معاً.. فكونوا على قدر تضحياتهم.. كونوا كما يأمل الشعب بكم أن تكونوا.. فمهمتكم ليست فقط أمانة من الناخبين بل أمانة من الشهداء والجرحى والأمهات الثكالى وكل من قدم دماً ومالاً وفكراً وموقفاً ليحمي وطنه.. وهي أمانة كبيرة وجسيمة فلنحملها جميعا ولنكن على قدرها.

 

العدد 1107 - 22/5/2024