تلاشي القوة الشرائية والمواطن تحت خط الفقر

 حديث الشارع السوري بات يتمحور على هموم شعب لم يعد له القدرة على العيش وممارسة حقوقه المعيشية رغم تكيفه مع كل ظروف الحرب، وما آلت إليه الحالة المجتمعية التي تزداد سوءاً بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار الذي ارتبط بارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، وعدم التزام (المركزي) بتنفيذ تصريحاته بتخفيض سعر الصرف ومحاربة الاتجار به، وغياب الرقابة التموينية التي مهمتها حماية المستهلك وتنظيم الأسعار عن الأسواق السورية، مما أدى إلى تفاقم الحال من سيئ إلى كارثي، وتراجع القوة الشرائية وخصوصاً منذ بداية الشهر الحالي الذي شهد ارتفاعاً جنونياً للدولار متجاوزاً 600 ل.س فجنّت الأسعار مرة أخرى متحدية المواطن بارتفاع السلع الأساسية أكثر من 100 ليرة سورية للسلعة الواحدة.

صحيفة (النور) تابعت حالة السوق السورية بشكل يومي وكان لنا هذا التحقيق من الواقع المفروض قسرياً على المواطن السوري الكادح، الذي ألغى الكثير من احتياجات أسرته بسبب ارتفاع أسعارها وعدم قدرته على شرائها، مما جعل حركة السوق تتراجع إلى حدود متفاوتة حسب السلع، فمثلاً تراجعت حركة الشراء للمواد الأساسية حسب رصدنا بسبب الارتفاع الشديد لها كالزيوت والسمون والرز والسكر…الخ، فليتر الزيت كان سعره قبل ارتفاع الدولار يتراوح ما بين 550 ليرة سورية و 800 ليرة سورية حسب النوع، وارتفع إلى 675 ليرة سورية وما فوق، وكذلك بالنسبة للسكر فقد وصل سعر الكيلو إلى 500 ليرة سورية في منطقة مصياف وإلى 400 ليرة سورية في الساحل و350-375 ليرة في دمشق وريفها، ولم يقف الارتفاع هنا فقد شهدت الأجبان والألبان ارتفاعاً جديداً فسجل كيلو الحليب البقري سعراً جديداً بفارق 25 ل.س، أما الأجبان فنسب الارتفاع متفاوتة حسب الصنف وبمعدل 100 ليرة وسطياً للكيلو الواحد، وبسؤالنا لأحد مصنعي الأجبان والألبان عن هذا الارتفاع قال السيد محمود.ع: ارتفع سعر العلف الحيواني والمواد الذي نستخدمها في التصنيع بارتفاع الدولار اليومي، وبالنسبة للمنتجات الحيوانية لم ترتفع مثل غيرها لتقارنوها بأسعار المواد الأخرى في السوق.

وبسؤالنا السيد عزيز.أ (العامل في مجال الدواجن وتربيتها) عن ارتفاع سعر الفروج منذ بداية الأسبوع قال: من الطبيعي أن يرتفع سعر الفروج بسبب ارتفاع سعر التكلفة على المربي، فقد ارتفع سعر كيلو العلف وكذلك اللقاح والمواد الأولية الذي تدخل في تربية الدواجن، ونتوقع أن تشهد الأيام المقبلة ارتفاعاً كبيراً للفروج بسبب توقف الكثير من المربين عن تربية الصوص ويمكن أن يتخطى سعر الكيلو 1000 ليرة سورية في الفترات المقبلة، حسب توقعاتنا.

توجهنا بسؤال إلى بعض المواطنين في السوق عن رأيهم بالأسعار، فقالت لنا السيدة ناديا: الوضع لم يعد يحتمل أبداً، الأسعار تتخطى الدخل بعشرة أضعاف وأكثر، فهل سألت الحكومة نفسها كيف لهذا المواطن أن يعيش بأقل حق له في وطنه الطعام والشراب؟

أما السيد نوفل.ر فكان له رأي آخر: أنا أستاذ جامعي وراتبي يعتبر جيداً بالنسبة للآخرين ولا أستطيع العيش بالمستوى المقبول، وقد ألغيت من مشترياتي الكثير من السلع وغيرها فكيف لمواطن عادي غير موظف أن يعيش؟ فاليوم أقل ليتر زيت بـ 700 ليرة سورية وماذا عن الباقي من احتياجات الأسرة الأساسية؟

الآنسة ريتا. م قالت: الوضع غريب ما نعيشه اليوم استنزاف كبير جداً للمجتمع فلم يعد المواطن قادر على العيش أبداً، انظروا إلى السوق فالحركة مشلولة وتراجع كبير بشراء المواطن للمنتجات بسبب ارتفاعها وعدم قدرته على الشراء، فأنا مثلاً بت آخذ كفايتي من الضروريات وأستغني عن الباقي.

من متابعتنا اليومية للأسواق فإن تراجع الحركة الشرائية للسلع المنتجة والأساسية والارتفاع الذي تخطى 10 أضعاف بات أمراً واقعاً، ذلك أن القوة الشرائية  لليرة السورية تلاشت، ما ترتب عليه ارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات. وهذا دفع صغار المدخرين للتوجه إلى الدولار والاستثمار بمجالات أخرى كالذهب والعقارات، ومن هنا ازدهرت تجارة السوق السوداء وبورصتها، والسؤال الذي نطرحه: إلى متى يتحمل المواطن السوري الكادح هذه الحرب على لقمة عيشه؟ إلى متى سيستمر التقصير الحكومي وعدم التصريح بشفافية للمواطن عن وضع ليرته؟..متى ستتخذ الإجراءات التموينية والرقابية على الأسواق؟ وهل من حل لمحاربة تجار (السوداء)؟

العدد 1107 - 22/5/2024