بسبب اقتصاد الظل 1750 مليار ليرة سنوياً تهرب من خزينة الدولة

بيّن الدكتور رسلان خضور، العميد السابق لكلية الاقتصاد، أن التقديرات تشير إلى أن اقتصاد الظل في سورية قبل الحرب كان يعادل بحدود 19,2 بالمئة من الناتج الإجمالي المحلي، حسب تقرير البنك الدولي ،2007 وبحدود 40 بالمئة بحسب تقديرات أخرى، وخلال الحرب تضاعفت هذه النسبة.

وأشِار إلى أنه إذا كان حجم الاقتصاد السوري في عام 2016 يعادل 60 بالمئة من حجمه عام 2010 فهذا يعني أن الناتج المحلي الإجمالي يبلغ بحدود 36 مليار دولار، أي ما يعادل 18000 مليار ليرة على أساس سعر صرف 500 ليرة للدولار (كان حجم الاقتصاد السوري عام 2010 بحدود 60 مليار دولار)، وإذا كان متوسط العبء الضريبي في الاقتصادات المشابهة للاقتصاد السوري يبلغ 25 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، فهذا يعني أنه يفترض أن يكون حجم الإيرادات الضريبية لعام 2016 بحدود 9 مليارات دولار، أي ما يعادل 4500 مليار ليرة، وهذا نظرياً.

أما عملياً، إذا استبعدنا القطاعات والنشاطات المعفاة من الضريبة (القطاع الزراعي وبعض الأنشطة الأخرى الثقافية والصحية إلخ) والتي تعادل حالياً بحدود 50 بالمئة من حجم الاقتصاد حالياً (حصة القطاع الزراعي من الناتج حالياً هي الأكبر) يكون حجم الناتج المحلي الخاضع للضريبة نحو 50 بالمئة أي 18 مليار دولار، وبالتالي يفترض أن تكون الإيرادات الضريبية تعادل 4,5 مليارات دولار، أي ما يعادل 2250 مليار ليرة سورية، على حين أن الإيرادات الضريبية في عام 2016 لا تتعدى 500 مليار ليرة سورية، أي إن حجم الضرائب التي يفترض أن تدفع وهي غير مدفوعة هي بحدود 1750 مليار ليرة سورية في عام 2016. وأضاف أنه إذا اعتبرنا أن الوحدات الاقتصادية التي تدفع ضرائب هي الاقتصاد النظامي والوحدات التي تتهرب من دفع التزاماتها الضريبية ولا تدفع ضرائب هي اقتصاد ظل، نصل إلى نتيجة تفيد بأن نسبة الاقتصاد النظامي تعادل 22 بالمئة ونسبة اقتصاد الظل تبلغ بحدود 78 بالمئة من حجم الاقتصاد السوري في عام 2016 (يبقى هذا تقدير أولياً).

. ويوضح خضور الآثار الاقتصادية لاقتصاد الظل، فمن ناحية فقدان الإيرادات السيادية للدولة، فإن أحد أهم الآثار المترتبة على اقتصاد الظل هو الضياع الضريبي، إذ يهدر اقتصاد الظل بحدود 1750 مليار ليرة سنوياً من الضرائب المحتملة، وهذا يعني تراجعاً في الإيرادات العامة وزيادة عجز الموازنة. ولفت خضور إلى الآثار غير السلبية لاقتصاد الظل، فهو يساهم في امتصاص جزء من قوة العمل، من خلال مساهمة النشاطات غير المنظمة المشروعة في اقتصاد الظل في خلق الكثير من فرص العمل وبالتالي المساهمة في تخفيف حدة البطالة، كما أنه يخلق دخولاً لبعض شرائح المجتمع ويزيد الدخول لبعض الشرائح، ويمكن أن يحد من الفقر المدقع لدى البعض، إضافة إلى أنه يزيد من حجم الإنفاق الكلي، وهذا يحفز النمو الاقتصادي بشكل عام. ويوفر اقتصاد الظل الكثير من السلع والخدمات التي تلبي احتياجات المجتمعات المحلية لتلك السلع والخدمات، والتي قد لا يوفرها الاقتصاد الرسمي، أو قد تكون أسعارها مرتفعة.

.ولمعالجة بعض جوانب اقتصاد الظل يمكن الانطلاق وحصر أنشطة اقتصاد الظل وتبويبها وتصنيفها من أجل دمج النشاطات المشروعة في الاقتصاد الرسمي المنظم. وإنشاء جهاز خاص لمكافحة العمل غير المعلن أو اقتصاد الظل- إنشاء وحدة للاستخبارات المالية (تجربة الدانمارك والاتحاد الأوربي، مع ضرورة إعادة الاعتبار لحصة الرواتب والأجور من الدخل القومي بحيث لا تقل عن 50 بالمئة من الناتج الإجمالي المحلي.

العدد 1107 - 22/5/2024