إعادة البناء ومؤسسات التنشئة

عقدت جمعية العلوم الاقتصادية في المركز الثقافي العربي باللاذقية ندوة حوارية بتاريخ 5/2/2018 بعنوان إعادة البناء ومؤسسات التنشئة، بحضور عدد من الرفاق والأصدقاء وممثلين عن أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية. افتتحت الندوة بالوقوف دقيقة صمت إكراماً لأرواح شهداء سورية الأبرار. ثم بدأ الندوة الدكتور سنان علي ديب بالقول: إن موضوع إعادة التنمية والبناء لا ينفصل عن إعادة إعمار البشر لجهة تعزيز الفكر القومي لمواجهة الفكر المتطرف، موضحاً أن من نتائج المؤامرة على سورية تراجع معدل النمو الاقتصادي وانخفاض مستوى المعيشة وانتشار البطالة بشكل كبير وارتفاع الأسعار التضخمي لقلة العرض وانخفاض قيمة صرف الليرة مما انعكس سلباً على الشريحة الأوسع من الشعب.

لا بد في المرحلة الحالية من الأخذ بعين الاعتبار التغير الديموغرافي الحاصل نتيجة الأزمة ومعالجة الاختلالات التنموية السابقة المتراكمة، وهذا سيتطلب إنشاء بنى تحتية وصناعية سكانية ومجتمعات عمرانية جديدة، وأشار إلى الدور الريادي لوزارة التربية والتعليم، باعتبار أن العلم والتربية والثقافة هي الأدوات القادرة على مواجهة مشكلات المجتمع والتغلب عليها للوصول إلى مستقبل مشرق من خلال عملية بناء نظام تعليمي قادر على مواجهة تحديات الحاضر وطموحات المستقبل، وثانيها قدرتها على بناء شخصية الإنسان، وإعادة تشكيل ثقافته، بما يتواءم مع عاداتنا وقيمنا وأخلاقنا من ناحية، وبما يتناسب مع مستجدات العصر الذي نعيشه وسيطرة العولمة عليه من ناحية أخرى، فضلاً عن بناء منهج التواصل الحضاري وخلق روح المواطنة، وجعل الإنسان الرأسمال الحقيقي في البناء البشري والتنموي، فبالتربية تبنى وتنهض الأمم، لذلك لابد أن يكون التعليم في سورية محور التنمية الأول في مختلف أنشطة الدولة وخططها، فلا بد من إعداد جيل التنمية، من خلال الاهتمام ببناء شخصية الطالب وتعميق المسؤولية فيه بوصفه عنصراً رئيساً مشاركاً في بناء الوطن، وتهيئته بصورة جيدة لاكتساب المعارف والخبرات والمهارات الفنية والتقنيات الحديثة التي تؤهله للإنتاج والعطاء والخلق والإبداع، بوصفه محور التنمية الشاملة وغايتها الأولى.

مطلبنا اليوم وضع المجتمع السوري على سكة النهضة الشاملة المطلوبة، وغلق الصفحات السوداء التي ملأتها سيئات الأزمة الكئيبة، وفتح صفحات جديدة ناصعة البياض نرسم فيها مستقبلنا المشرق ونخطط في ثناياها ملامح قادمنا الجميل. ثم تحدث  السيد بولس سركو باختصار شديد إن وطننا سورية يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى جهودنا وعزائمنا، وهذا يتوقف على قدرتنا في أن نشجع جميع الأفراد على تحمل مسؤوليتهم والمشاركة من موقعهم في العمل بروح الفريق الواحد، لضمان نجاحهم بالرغم من كل المعيقات التي ستواجهنا.

عبد القادر الحاج قال: لا شك أن الطبيعة الطارئة لأحداث الحروب تبرر الحلول الأسعافية لتأمين الحاجات الأساسية للحياة، ولكنه من غير المقبول أن تخلو رؤى ما بعد الحرب من استجابات حقيقية لإعادة بناء الإنسان نفسياً وثقافياً واجتماعياً..ثم تحدث ا لرفيق علي ريا: إن إعادة بناء الإنسان المواطن من أكبر التحديات التي نواجهها اليوم في مرحلة إعادة البناء هو العمل على إعادة بناء الانسان المواطن المتوازن فكراً و روحاً، المؤمن بقدراته، والمعتز بهويته، المتمسك بقيمه الوطنية وبعراقة أمته، الواعي لحقوقه وواجباته، المحب لمن حوله والمحصن بعقل مستنير والقادر على العطاء والبناء، وذلك خلال التوسع في المصالحات الوطنية في كل المحافظات، ونبذ بث الفتن بين أبناء الشعب الواحد والدعوة إلى الوحدة على جميع الجبهات، وتحسين آليات التعاون والتنسيق بين مختلف الجهات المعنية لتحقيق الهدف المنشود في إعادة بناء سورية الوطن والإنسان، ووضع خطة شاملة تطال مناهج التعليم المختلفة والإعلام تعزز الولاء للوطن والانتماء القومي وقبول الآخر، والفهم الصحيح لجوهر الأديان ونبذ العنف والتطرف ضمن خطة إعادة بناء الانسان السوري نظراً للاستهداف الممنهج الذي تعرض له النسيج السوري طوال سنوات الأزمة للتأثير على صيغة الحياة المشتركة بين مختلف مكونات المجتمع.

الشيخ نهاد بدور (عضو لجنة المصالحة) قال: عموم الشعب السوري من عمال وفلاحين ومثقفين مؤمنين بوحدة التراب السوري. إن ما حدث لوطننا خلال سبع سنوات من حرب كونية ومآس لم يشهدها بلد عبر التاريخ، فقد ضاقت بشعبنا الدنيا، وشبعنا قتلاً، تدميراً وفقراً، حتى نسي الضحكة والفرح وساد الحزن كل مفاصل حياته، وشهد العالم بأجمعه تجلي الروح الوطنية الجماعية لدى السوريين الوطنيين جيشاً وشعباً، وهذا كان أهم أسباب بقاء سورية صامدة متماسكة، وعليه فقد كان لابد من محو آثار هذه الحرب الكونية، وذلك بإطلاق عملية إعادة أعمار سورية.

إن أول مرحلة الإعمار هي بناء الإنسان، لأن الإنسان هو أساس كل تقدم وكل ابتكار وإبداع.. وفي الختام أكد المجتمعون أن خطة إعادة بناء الإنسان يجب أن تشمل العناصر المادية والبنى التحتية والقوانين مع الملاحظة المستمرة للنتائج التي تظهر لتحقيق التنمية الشاملة ومعالجة نتائج الحرب الإرهابية على العنصر البشري من جميع النواحي التربوية والتعليمية والثقافية والفكرية والصحية، ولا بد من تشكيل مركز أبحاث خاص بتوصيف الواقع الحالي وتحليله ودراسته للخروج بتوصيات تساهم في إحداث رؤية واقعية لإعادة بناء الإنسان السوري، والتأكيد على النتائج التي من شأنها زيادة الصمود والتصدي لنتائج هذه الحرب الجائرة،  وحذر المشاركون من ولادة فريق جديد يحاكي فريق عبدالله الدردري وأفكاره المدمرة مستخدماً أرقاماً ومؤشرات خلبية وبرامج براقة معدة بإتقان في أروقة المنظمات الاقتصادية للدول المعادية وذلك من خلال التشجيع على اللجوء للبنك الدولي الذي سوف يسهم بكل قواه في إغراق البلد بالديون لضمان عدم عودة سورية إلى قوتها الاقتصادية.. برامج ستؤدي إلى زعزعة استقرار الاقتصاد وتهديد السلم الاجتماعي، فنعود من حيث بدأت الحرب وتتحول عملية إعادة الإعمار إلى عملية نهب وفساد واستئثار، لذلك يجب توخي الحذر.

العدد 1107 - 22/5/2024