مشاريع الاقتصاد الحقيقي هي الأساس في إعادة الإعمار

 

تتعلق آمال كل السوريين بانتهاء هذه الحرب القاسية والانتقال إلى مرحلة إعادة الإعمار من جديد وإزالة الدمار من شوارعهم ومدنهم وقلوبهم، وجمع شتات أحلامهم المحطمة والبدء من جديد برسم مستقبلهم والتخطيط لمنازلهم ومزارعهم ومصانعهم التي سترصف طريقاً للوصول إلى ثبات في القاعدة الاقتصادية تتحمل صعوبات التطور المستمر من دون أن تنهار مع أي ضغط قد يفرض من الخارج.

منذ سنوات ونحن نسمع عن الجهود المبذولة لوضع خطة واضحة لإعادة الاعمار من قبل الحكومة السورية، خطة توظف طاقات القطاعين العام والخاص في سبيل الوصول إلى أفضل صيغة تضع سورية من جديد على الخارطة في تطورها وقوة اقتصادها، ولكن تلك القوة لن تصمد إلا إذا كانت تعتمد على الاستثمارات المنتجة التي تحمي اقتصاد البلد وتمتن دعائمه عبر ضخ الرساميل في مشاريع تدعم القطاع الزراعي، إلى جانب العمل على تنمية الثروة الحيوانية ليصبحا سقفاً يحمي أمننا الغذائي وركيزة صلبة للصناعات الغذائية، فيكمل كل من القطاع الزراعي والصناعي الآخر، ومن خلال زج كل الطاقات في إحياء الصناعات المتوقفة بسبب الحرب، وإنشاء مشاريع صناعية جديدة متوسطة وثقيلة، فترسيخ قواعد الإنتاج في قطاعات الاقتصاد الحقيقي (كالصناعة والزراعة) حالة ضرورية في سبيل استقرار نمو الاقتصاد الحقيقي، فهذه القطاعات هي التي ستؤمن حال العمل بها فرص عمل للآلاف. وبالتوازي مع بناء المرافق العامة والبنية التحتية للقطاعات المختلفة التي دُمرت في هذه الأزمة، بناء يحقق من خلاله مطالب المواطنين الاقتصادية والاجتماعية.

وبشكل لا يهمل القطاعات الخدمية والسياحية ولكنه لا يضعها أيضاً على رأس قائمة الأولويات، فنحن لا ننكر دور هذه القطاعات في دفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام، ولكن من يضعها في المراكز الأولى في عملية إعادة الإعمار على أساس أن هذا القطاع سيكون المنقذ لاقتصادنا، ويظن أن الحل يكمن في المشاريع الريعية فهو يهذي. فنمو هذا القطاع لن ينعكس بشكل كبير وإيجابي على فئات الشعب الفقيرة والمتوسطة، إنما ما سيضمن أوضاعاً معيشية أفضل لشريحة المواطنين المعدمة التي باتت الفئة الأوسع هو القطاعات المنتجة، فإن صببنا اهتمامنا فقط بالمشاريع الريعية الخدمية والسياحية فسنعرّض اقتصادنا في المستقبل للشلل مع أي تهديد صغير لأمن بلادنا، وسنتحول إلى بلد مستورد مستهلك لا منتج ومصدر.

فمن يظن أن أعداء بلادنا والمتآمرين عليها سيتركونها بسلام فهو واهم، لهذا علينا في خطة إعادة الإعمار التركيز على القطاعات المنتجة التي تصنع من اقتصادنا قوة تصمد بوجه أي محاولة تسعى للنيل من خيرات بلادنا والتحكم بنا عن طريق قطع الواردات إلينا، فعندما نكون قادرين أن نصنع وننتج ونصدر لن تقف بوجهنا عقوبات جائرة أو حصار اقتصادي متعمد بل سنصمد بصمود اقتصادنا.

 

العدد 1105 - 01/5/2024