هل يرتقي المسؤول إلى مستوى تضحيات المواطنين؟

 شحّ واستغلال وقهر وتقشف وتسول وانتظار، هذا هو الحال!.. فهل من مغالطة في القول: ما الذي يستحق العيش من أجله بعد الآن بالنسبة للمواطن السوري المأزوم في أزمته؟!. التصريحات والوعود غير المحققة لم تعد تفي بالغرض… ثمة طقس يخيم على المشهد الاحتفالي السوري، بحيث يحيل مشهد الكهرباء في سورية كل ما يمكن اعتباره مسلّماً به إلى علامة استفهام؟!.وهو المشهد ذاته يتداخل مع أزمات تتعلق بالماء والمازوت والغاز والبنزين وليس انتهاء برغيف الخبز… فماذا عنكم أيها السادة الوزراء.. ألستم أفراداً من الجموع أم أن الاستطلاع من الأعلى يغيّر المشهد والمسار؟!! فالمشهد ينقلب بشدة نحو الهاوية، وبمقاربة حياتية نتحدث لا أكثر، فعندما يصبح الحصول على عشرين لتراً من المازوت احتفالاً مثلاً، ولتعلموا حتى وإن كنتم تعلمون بسعر 200ليرة وما فوق لليتر الواحد، وعندما يصبح وصول الكهرباء لمدة ثلاث ساعات متواصلة بهجة، ويتحول تأمين جرة غاز منزلي إلى بطولة مطلقة، هذا كله ولم نتحدث بعد عما نأكله في ظل تزايد الأسعار والاحتكار العنيف ونوم جمعيات حماية المستهلك في العسل..

 منذ ما يقارب ستّ سنوات يعاني السوريون من عدم توفر كل ما يتعلق بمتطلبات الحياة الأساسية، بحكم أنهم مؤمنون بوطنهم، ينتظرون الخلاص يقدّمون ويؤثرون على أنفسهم، ولعل الحديث عن أكثر وجوه المعاناة اليوم لم يعد منطقياً في ظل أزمات تظلل كل شيء… لكن يبدو في العموم انقطاع التيار الكهربائي تحت مظلة (التقنين) الأمر الأكثر تأثيراً مع قدوم فصل الشتاء مترافقاً مع عدم القدرة على تأمين المحروقات بما فيها المازوت للتدفئة والغاز أيضاً… ومع تقديم وزارة الكهرباء، في التصريحات المستمرة والإطلالات الإعلامية، حلولاً آنية غير كافية وغير مقنعة أيضاً، يتحمل المواطن الانقطاع المستمر.

 وصلتنا مؤخراً عدة شكاوى من مناطق وبلدات من أبناء بلدنا الغالي بأنه نتيجة حصول هبات ضغط على خطوط للتوتر العالي في الشبكات، فقد طال الضرر مختلف الأجهزة الكهربائية في المنازل والمحلات، إضافة إلى الضرر الذي أصاب عدادات الكهرباء، ومراكز تحويل الشركات والمصانع… إلى هنا (مبلوعة)!!…لكن أن تطالب مؤسسة الكهرباء أبناء الوطن بمبالغ مالية ثمناً لاستبدال الساعات الكهربائية، فهنا (الفاجعة)!!

هل فعلاً هذا ما حدث يا وزارة الكهرباء؟!… أم أن الموضوع مجرد عطل فني في عقول الإدارات التي تريد التحكم حتى في الشعرة المتبقية على رأس المواطن المسكين؟!… كيف يحدث هذا وكل التصريحات الأخيرة على لسان الوزارة تشير إلى أن التركيز يتجه نحو إعادة الإعمار؟

الوزارة(المنورة) التي أصدرت رؤيتها لكيفية تحسين واقع القطاع الكهربائي من عام 2014حتى عام،2020 والتي خصصت المليارات من الليرات لتنفيذ هذه الخطة…؟ طبعاً لا أحد ينكر الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها وزارة الكهرباء وتجاوزت 200مليار ليرة سورية، فضلاً عن الخسائر البشرية التي لا تقدر بثمن أثناء قيامهم بواجبهم في إصلاح الأعطال، ثم بعد ذلك بدأت الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت المنشآت النفطية التي تؤمن الوقود اللازم لمحطات التوليد الكهربائية، فقامت منذ أكثر من ثلاث سنوات بضرب السكك الحديدية التي تنقل الفيول إلى محطات التوليد، الأمر الذي أثر على عملها، فانخفض إنتاج الطاقة الكهربائية في تلك المحطات، وقد بادرت وزارة الكهرباء بالتنسيق مع وزارة النفط إلى إيجاد بدائل لنقل الفيول إلى محطات التوليد عن طريق الصهاريج، وهذه كلفت وزارة الكهرباء مبالغ وتكاليف إضافية تجاوزت 3 مليارات ليرة سورية لتحفيز سائقي الصهاريج على نقل الفيول إلى محطات التوليد، بهدف الحفاظ على استمرارية توليد الطاقة الكهربائية، وبالتالي استمرارية التغذية الكهربائية للإخوة المواطنين، وتبذل الحكومة مساعي كبيرة لتأمين الموارد اللازمة ضمن الأولويات المتاحة لاستيراد النفط اللازم لسد العجز الحاصل في كميات الوقود المتاحة..

لكن على الجميع أن يعمل في هذا البلد من باب الحق ومن باب الواجب أيضاً دون أي اعتبارات أخرى، ومنه على الجميع أن يكون صادقاً في تحمله مسؤولية ما هو قائم عليه، من دون أن يأتي أحد ويقول للمواطن عليك أن تدفع!… فمن سيدفع له ثمن براده وغسالته ومكواته وتلفازه وجميعها احترقت؟؟ ومن سيدفع له ثمن المونة التي خربت؟!!.. ومازال مواطننا يقدم التضحيات وأبناءه دفاعاً عن وطنه وعزته وكرامته…..

العدد 1107 - 22/5/2024