مطبات من طرطوس.. إلى متى؟!

أعتقد ان الأزمة أرخت بظلالها على العديد من مفاصل الحياة في سورية ولا يكاد المواطن ينهض من حفرة إلا ويجد نفسه قد سقط في حفرة ثانية وهكذا تستمر الحفر ويستمر المواطن الجبّار بتجاوزها والنهوض منها. واليوم سنتوقف عند بعض المنغصات التي يعانيها المواطن في طرطوس ويأمل من المعنيين حلّها والالتفات إليها:

1- عثرت الجهات المختصة خلال الأسبوع الماضي على كميات كبيرة جداً من الأدوية والمستلزمات الطبية مرمية في نهر الغمقة بين بلدة رأس الخشوفة وقرية الحداديات بريف صافيتا. وفور تناقل الخبر بين الناس توجهت الى المكان قوى الأمن الداخلي ومديرية الصحة والجهات المختصة للكشف على الكميات وإجراء عملية إحصاء لها ونقلها من المكان والبدء بالتحقيقات لمعرفة مصدرها والذين قاموا برميها في جنح الظلام.‏

وعلمت (النور) من مصادر موثوقة جداً أن الكميات ضخمة وتقدر بالأطنان وقيمتها بمئات الملايين وقد تكون بالمليارات، وهي أدوية أجنبية من ايطاليا وتركيا وألمانيا وفي العادة تأتي للمشافي الكبيرة ومعظمها منتهي الصلاحية وقسم منها غير منتهٍ وهو عبارة عن شراشف وسيرنكات ومستلزمات للمرضى بعد العمليات.‏

وأكدت تلك المصادر أن التحقيقات جارية لكشف الفاعلين ومن وراءهم وكل ملابسات هذه القضية الخطرة.‏

2- رغم حالة الأمن والأمان التي تعيشها مدينة طرطوس فإن سكانها وزوارها والوافدين إليها من كل المحافظات السورية يعانون الكثير نتيجة المشكلات والأزمات التي تتفاقم في تلك المدينة يوماً بعد يوم بدءاً من فوضى الأكشاك والإشغالات على الأرصفة والساحات والكورنيش مروراً بصعوبة النقل العام وتراكم القمامة وسوء النظافة والشوارع وليس انتهاء بتعثر وتوقف مشاريع مداخلها الرئيسية التي مضى عليها سنوات وهي على هذه الحال.

رئاسة مجلس المدينة تبرّر هذا الواقع السيئ بضعف الإمكانات المادية والسيولة والاعتمادات المخصصة لها، وتطالب دائماً بإعانات لصرف الكشوف المنفذة في مشاريع المداخل وإصلاح الآليات المعطلة في النظافة والمرآب والإطفاء وغيرها… فيما علت أصوات عديدة من هنا وهناك تحمّل مجلس المدينة ورئيسه مسؤولية تردي الخدمات وتعثر العديد من المشاريع بسبب قلة الموارد المالية التي تعاقدوا عليها مع مستثمري عقارات المدينة، مع توجيه بعض الاتهامات لهم حول سوء الإدارة أو الإهمال أو التواطؤ مع بعض المستثمرين . ويؤكد هؤلاء وبالأخص المطّلعين منهم أن المدينة تملك مئات العقارات والمواقع المؤهلة للاستثمار بمبالغ تفوق ما تم التعاقد عليه بعدة أضعاف، ويتساءلون عن السر الكامن وراء ضعف بدلات الاستثمار لهذه الدرجة وعن الأسباب التي تمنع القائمين على المدينة من رفعها في ضوء الأسعار الحالية التي تضاعفت عن أسعار ما قبل الأزمة بنحو عشرة أضعاف.

3- تعاني قرية رجام الجرد التابعة لمنطقة الدريكيش من سوء تنفيذ مشروع الصرف الصحي الذي نفّذ في القرية بشكل جزئي ولم يقم المتعهد بإكماله بعد أن وضع عدداً من الأسباب الواهية التي لا تمت للحقيقة بصلة.

الطريق الذي يخدم القرية من الدريكيش وإليها بات في حالة سيئة جداً إضافة إلى الطريق داخل القرية والأهالي الذين ضاقوا ذرعاً بمخاطبة كل المعنيين بالمحافظة لمعالجة هذا الواقع وإعادة الطريق الى ماكان عليه وجدوا في جريدة (النور) كما افهمونا الملاذ الآمن للوقوف إلى جانبهم في المطالبة بتزفيت الطريق وإكمال وصلة الصرف الصحي ووضع المشروع في الخدمة. وبالطبع هذا الواقع لا يقتصر على القرية المذكورة بل هناك حالة مماثلة في مزرعة بو حمود وفي كفر شاغر والصفاصيف وجميع هذه المواقع قمنا بجريدة النور بزيارتها مع مدير عام الصرف الصحي بطرطوس ومدير عام الإنشاءات العسكرية ووعدوا بإصلاح ما تم تخريبه قبل نهاية العام 2016 ولكن حتى الآن لم تنفّذ تلك الوعود؟!

4- ما إن بدأ الفصل الدراسي الثاني في طرطوس حتى بدأ طلابنا في الشهادتين الإعدادية والثانوية بالتغيب عن قاعاتهم الصفية في مدارسهم الرسمية بذريعة متابعة الدروس الخصوصية وعدم تضييع وقتهم، فالدقيقة لها قيمتها في سلم الدرجات النهائية التي ترسم شكل المستقبل الموعود في المحافظة وليس سوى التحصيل العلمي طريقاً للوصول إليه!

قد لا يلام الأهل في حرصهم على مستقبل أولادهم فهم الأقدر على تلمس واقعهم والبحث عن الحلول والبدائل، ولذلك كانت الدروس الخصوصية ملاذاً لا بد منه بعد تراجع الأداء والمردود في مدارسنا العامة دون ان تلتفت الوزارة للتدقيق والبحث عن الأسباب للمعالجة.. ولذلك فهم يعمدون لتغييب أولادهم بطريقة قانونية هي التقارير الطبية (الوهمية) فهي الحل الأسلم لكي يقدم أولادهم الامتحانات باسم مدارسهم الرسمية وإن كانت مكلفة.

وكما هو معروف فإن الدروس الخصوصية لا مكان للفقراء وأصحاب الدخل المحدود فيها وليس لهم سوى المدرسة وأساتذتها طريقاً لتحصيلهم العلمي، ولذلك فهم لا يغيبون ولا يتغيبون وإن كانوا محط سخرية بعض (المدرسين) الذين أقل ما يقولونه لهم (ليش جايين).

السيد محافظ طرطوس أصدر تعميماً إلى مديرية التربية بطرطوس لمتابعة هذه الحالات وعدم قبول أي تقرير طبي ما لم يكن من المشفى بعد موافقة الصحة المدرسية عليه وتبقى العبرة في التزام أطباء المشافي بتنفيذ مضمونه.

5- تفاقمت أزمة المحروقات في كل المحافظات السورية  هذه الأيام بشكل لم يسبق له مثيل خلال سنوات الأزمة، وقد انعكس ذلك على واقع الكهرباء وكل الحياة العامة للمواطنين وحركة الإنتاج وظهرت طوابير السيارات لمسافات طويلة على بعض محطات الوقود وبقي معظم أصحاب السيارات لساعات طويلة على تلك المحطات للظفر ولو بعشرين ليتراً.. كما توقفت الكثير من المعامل والمنشآت العامة والخاصة عن العمل.. الخ

أمام هذا الواقع الصعب جداً على الجميع تابعنا تصريحات المعنيين في المحافظة عن توريدات النفط والفيول ومدى وصولها إلى ميناء بانياس وتبين وصول باخرة فيول الأسبوع الماضي والبدء بتفريغها وإرسال الكميات لمحطات التوليد، كما وصلت باخرة بنزين تحمل على متنها 10 آلاف طن إسعافية.

ومن المقرر وصول أول باخرة نفط في الرابع عشر من الشهر الجاري بعد انقطاع طويل، وفور وصولها وتفريغها ستقلع مصفاة النفط ببانياس وتقوم بتكريرها على مدى عشرة أيام إلى مازوت وبنزين وفيول لصالح السوق المحلية.. والأمل كبير أن تستمر ناقلات النفط بالوصول تباعاً حسب ما أفادت به الحكومة بعد زيارة رئيس مجلس الوزراء إلى إيران.

يذكر أنه اعتباراً من يوم الأحد من هذا الأسبوع بدأت أزمة البنزين تنجلي رويدا رويداً وقد جرى تزويد عدد من الكازيات في المحافظة والريف بمادة البنزين ولكن وبسؤال بعض أصحاب السيارات فإنهم متخوفون من أن تكون الكميات محدودة وأن تعود الأزمة بعد أيام قليلة أو أسابيع.

أخيراً: كلمة عتب برسم كل مهمل ومقصّر وكل من يتهرّب من العمل تحت أي شعار أو تبرير لأن الرجال تختبرهم الأزمات وسنراقب عمل هؤلاء ولن نبخل بالثناء على الرجال منهم الذين لا يوفرون فرصة للنهوض بواقع البلد وتجاوز الأزمة، والعتب والتشهير بالمقصرين الذين لا يوفرون فرصة للنهب والتسيّب استمراراً للأزمة.

العدد 1107 - 22/5/2024