هل يحمي قانون العاملين الموحد موظفي الدولة من القرارات المضللة والكيدية (2)

استكمالاً لما نشرناه في العدد 759 من صحيفة النور  حول المادة 64 من قانون العاملين الموحد متسائلين عن دوره في حماية الموظفين من القرارات غير المدروسة والتقارير الكيدية التي باتت تتحكم بالمصلحة العامة، بقضائها على أصحاب الخبرات والإداريين الناجحين، بإقصائهم بطرق سيئة ومنح كتّاب التقارير وغيرهم من غير المؤهلين للعمل فرصة قيادة هذه المؤسسات وهيكلها الإداري، فضلاً عن عدم تطبيق سياسة التعيين وفق الهيكلية الحقوقية للمؤسسة الحكومية، ومثالاً على ذلك المركز الوطني للمناهج يتسلم إدارته دكتور في الطب البيطري، والتعيينات الوزارية أيضاً مثال أكبر على سوء التعيين الإداري للمؤسسات.

 فيما يلي سوف نضيء على باقي بنود المادة 46 وما تحمله من إيجابيات لا تُطبَّق أبداً بل يجري تجاهلها وتجاهل قانون العاملين الموحد في سورية، الذي لا نعلم لماذا وُضع إذا كان لا يطبق عملياً كحال سائر القوانين ؟ 

لنقرأ الفقرة (و) ونطابقها بالواقع الحالي للوظائف الحكومية لنجده متناقضاً ومخالفاً لها وخصوصاً في مجال المضاربات المالية التي نشطت خلال السنوات الأخيرة من الحرب، وأغلب المضاربين هم إداريون في المؤسسات والدوائر الحكومية، إذ تنص الفقرة (و) من المادة 64 (في سياق ما يُحظر القيام به) على:

أولاً- أن يجمع بين وظيفته وأي عمل أخر يؤديه بالذات أو بالوساطة وبشكل خاص:

أن يقبل تكليفه بأي عمل مهما كان نوعه لدى الجهات العامة الأخرى إلا بناء على موافقة خطية من الوزير المختص في الجهة العامة التي يعمل لديها .

1-    أن يجمع بين وظيفته وممارسة مهنة حرة باستثناء المهن التي تنص القوانين والأنظمة النافذة على جواز ممارستها وضمن الشروط المحددة فيها.

2-    أن يشترك في المضاربات المالية أو أن يمارس أي عمل من الأعمال التجارية أو الصناعية .

3-    أن يدخل في التعهدات والمناقصات، بنفسه أو بالواسطة، أثناء وجوده في عمله، ويبقى هذا الحظر قائماً بعد تركه الخدمة لأي سبب كان ولمدة خمس سنوات بالنسبة للتعهدات والمناقصات التي تجري في الجهة العامة التي كان فيها عند تركه الخدمة .

4-    أن يستخدم، بأي صورة كانت، بعد انتهاء خدمته أو إنهائها من الدولة لأي سبب كان، لدى إحدى الجهات الخاصة المحلية أو الأجنبية التي لها علاقة بأعماله السابقة أو أن يكون ممثلاً أو وكيلاً لديها ما لم تنقض خمس سنوات على انفكاكه عن تلك الأعمال. ويصدر رئيس مجلس الوزراء التعليمات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا البند .

5-    أن يشترك في تأسيس الشركات أو يقبل عضوية مجالس إدارتها أو أي عمل فيها إلا إذا كان مندوباً عن الدولة أو عن المنظمات الشعبية.

6-    أن يشتري عقارات أو منقولات تطرحها السلطات القضائية أو الإدارية للبيع إذا كان ذلك يتصل بوظيفته.

7-    أن يكون وكيلاً في القيام بأعمال للغير بأجر أو بمكافأة، ولا يجوز أن يكون وكيلاً دون أجر أو مكافأة إذا كانت الأعمال الموكل فيها مما جرت العادة بدفع أجرة إلى الوكلاء في مقابل القيام بها. ويجوز أن يتولى العامل لقاء أجر أو مكافأة أعمال القوامة أو الوصاية أو الوكالة عن الغائبين أو المعونة القضائية إذا كان المشمول بالوصاية أو القوامة أو الغائب أو المعان قضائياً ممن تربطه به صلة أو قربى أو نسب لغاية الدرجة الرابعة، وذلك بشرط إخبار رئيسه بذلك.

8-    أن يقرض أو يقترض من المتعاملين مع الجهة العامة التي يعمل لديها أو من المتعهدين معها أو ممن له صلة بنشاطها.

ثانياً- غير أنه يجوز، خلافاً للبنود السابقة وبموافقة خطية من الوزير المختص وفي حدود التعليمات التي تصدر بهذا الشأن عن رئيس مجلس الوزراء، السماح للعامل بالجمع بين وظيفته وأي عمل آخر يؤديه بالذات أو بالواسطة، إذا كان هذا العمل الأخر ليس من شانه الإضرار بأداء واجبات الوظيفة ولا يتعارض مع مقتضياتها .

أما بالنسبة لبقية فقرات المادة 64 لقانون العاملين الموحد فنجد الكثير من التساؤلات عن تطبيقها في هذه الحرب التي نعيش يومياتها، وأكثر ما يلفت الانتباه هو الفقرة (ط) التي يجب أن تفعّل وتتقدم بالتساؤلات لبعض المديرين الذين يظهر في تصريحاتهم تناقضات مستمرة وفاضحة، وكذلك الفقرة (ي) التي تمنع إدخال الأسلحة إلى أماكن العمل الحكومية، وهو ما نراه اليوم قد ازدهر بكثرة وتعدى لدى البعض إدخال الأسلحة، فقد بات الكثير من المسؤولين والإداريين لهم أتباع من الزعران أو ما يسمى (البودي غارد) الذين يدخلون المؤسسات بطرق فاضحة تؤثر على سمعة المؤسسة وتخدش أهميتها وسمعتها كمكان عام وخدمي للجميع. وكثيراً ما نسمع عن هذه الحالات دون رقيب أو عقاب من أصحاب القرار وفق القانون والسلطة القضائية الذي يقع على عاتقها هذا الأمر .

ونذكر هنا ما تبقّى من فقرات المادة 64 :

ز- أن يشترك في تنظيم أية اجتماعات داخل مكان العمل تتعارض مع أحكام القوانين والأنظمة النافذة .

ح- أن يترك العمل أو يتوقف عنه أو يعطله بقصد الإخلال بالنظام العام أو توقيف أو تعطيل الإنتاج أو أن يحرض العاملين على ذلك .

ط-أن ينتمي إلى جمعية أو جماعة تتوخى أغراضاً غير مشروعة تهدد مصالح الدولة أو تعرضها للخطر .

ي- أن يدخل إلى مكان العمل الأسلحة أو المتفجرات أو أية مادة من شانها تعريض الموجودات للخطر ما لم يكن بإذن رسمي وبغرض حماية الجهة العامة.

ك- أن يقبل الزيارات الشخصية إلا لضرورة قصوى وبإذن من المسؤول المختص وفي المكان المخصص لذلك .

ل- أن يأتي بعمل أو يظهر بما يخل بشرف الوظيفة الموكولة إليه. ولاسيما لعب الميسر، والوجود في العمل في حالة السكر .

م- أن يرتكب المحظورات الأخرى التي تقررها الجهة العامة تبعاً لطبيعة العمل لديها وحسن تأمين سيره.

بالنسبة للفقرتين (ك) و(ل) نجد الخلل واضحاً عند زيارة أي مؤسسة حكومية، من الإدارات المليئة بالزوار الشخصيين إلى المكاتب العامة التي هدفها العام خدمة المواطن، ولا يقف الأمر عند ذلك بل زاد لنرى أحياناً موظفين غير مؤهلين نفسياً لخدمة العمل الموكل إليهم أو حتى لخدمة المواطن فتراهم يتعاملون معه بسوء وقلة أدب واحترام .

 بالرغم مما ذكرناه من نقاط المادة 64، فإننا نجد أن من لم يرتكب أية مخالفة من المخالفات الواردة، قد أصبح خارج العمل، بموجب تقارير كيدية مضللة للحكومة، بينما ثمة العديد من المرتكبين لا ترى الحكومة ارتكاباتهم، وهم ما زالوا يعيثون في الوظيفة العمومية فساداً…

 

العدد 1105 - 01/5/2024