السيد وزير السياحة: أكثر من عقد… ومشكلة مغارة بيت الوادي تنتظر الحلّ؟!

 مغارة بيت الوادي من أجمل المغاور المعروفة في منطقة الدريكيش ناحية دوير رسلان، وذلك لكثرة وتنوع التكوينات الكلسية التي تشكل أكثر من 70% من مساحة المغارة، فهي لديها من الخصائص الجمالية ما يستقطب السائح إليها.

أما الخصائص الأخرى التي تميز هذه المغارة (الناحية الأثرية والتاريخية – الطبيعة الهيدرولوجية والتكوينية – البيئية – النباتية والحيوانية)
فقد لوحظ أثناء القيام بالرفع الطبوغرافي لمغارة بيت الوادي وجود بقايا فخارية مكسرة تعود إلى عصور قديمة (العصر الكالكوليتي 4500-3400 ق.م) كما لوحظ وجود بقايا عظام إنسانية منثورة في أماكن عدة من المغارة ما يدل على أن الإنسان استعمل مغارة بيت الوادي لمدة طويلة بدءاً من العصر الكالكوليتي مروراً بالعصر البرونزي القديم الأول والحديث وصولاً إلى العصور الوسطى.

ومن الجدير ذكره وجود الكتابات على الجدران والصخور في وسط الصالات بكثرة ولاسيما في الصالة الكبرى، بعضها غير مقروء أو مفهوم، لذا تعد هذه المغارة محطة تاريخية لأن هذه الكتابات قد تكون موضع اهتمام علماء التاريخ والاجتماع وهي دليل على الحقبات التاريخية التي توالت على المغارة.

تتميز المغارة بوجود نبع ماء غزير يجري في المستوى السفلي للمغارة يستدعي الاستكشاف بوساطة تقنيات الغطس.
أما من الناحية التكوينية فهناك وجود لكسور جيولوجية مميزة في الصالة الأخيرة، وقد عملت وزارة السياحة على طرحها في سوق الاستثمار السياحي منذ عام 2008 ومنذ ذلك التاريخ بدأت معاناة المواطن دمر رجب قاسم صاحب منشأة بيت الوادي السياحية، وانطلاقاً من ثقته بمهنية جريدة (النور) فقد وضع المشكلة بعهدتنا على أمل ان يصل الى حقوقه:

بداية القصّة

بتاريخ 11/3/2006 اقترح مدير السياحة بطرطوس استملاك كامل العقار (282) الذي يشكل المطعم الحالي القائم بموجب رخصة نظامية بالقرب من المغارة، بذريعة منع حدوث مشاكل مع من يود استثمار المغارة ومالك العقار المذكور ولتعزيز الجدوى الاقتصادية.
وهنا نطرح سؤالاً قديماً جديداً عن السبب الذي يحول دون استثمار المغارة من قبل صاحب المطعم ما داموا هم أصحاب العقار وما داموا قادرين على القيام بكل ما يطلب منهم شريطة ان توضع لهم الشروط والضوابط ليلتزموا بها تماماً؟

لكن فيما بعد تبيّن أن السيد مدير السياحة آنذاك قد قام بتزوير الحقائق والوقائع بغية الحصول على بعض الوثائق، كما لجأ إلى تضليل الجهات الرسمية للحصول على بعضها الآخر، وبهذا جرت تهيئة الظروف من اجل استصدار استملاك مبني على وثائق باطلة ومزوّرة!!

بالأدلة والوثائق

إن ما يؤيد كلامنا عن وجود تزوير وتضليل ما جاء في كتاب السيد محافظ طرطوس بكتابه رقم 10/11/ تاريخ 24/12/2006 فقد جاء فيه بأنه من خلال التدقيق بقرار الاستملاك تبين ان إجراءات الاستملاك قد بنيت على بيانات غير دقيقة من جهة ومتناقضة من جهة أخرى، الأمر الذي يجعل الاستملاك عرضة للطعن بالإلغاء، ومن هذه البيانات بيان المساحة إذ قدّم للاستملاك بيان مساحة للعقار 282 بمساحة 490 متراً مربعاً، في حين تبين ان مساحة العقار المذكور هي 7450 متراً مربعاً ولم يطرأ على العقار أي تعديل، كما جاء في كتاب المصالح العقارية رقم 12499/ ط تاريخ 10/12/2006.

إضافة إلى ذلك موافقة بلدة دوير رسلان على الاستملاك التي وردت بكتاب صادر عن رئيس البلدة، وهذا مخالف اصولاً فقد استوجب القانون 20 للعام 1983 أن تصدر الموافقة بقرار من المكتب التنفيذي للوحدة الإدارية، مع الإشارة إلى وجود كتاب آخر للبلدة المذكورة برقم 427/ ص تاريخ 16/10/2007 يفيد بأنه ضلل بالموافقة من خلال إشارته إلى ان اللجنة المكلفة بالدراسة قد أفهمته أن المقصف المذكور غير مشمول بالاستملاك أبداً.

كما أكدت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بكتابها رقم 20/802 تاريخ 4/8/2008 أن قرار الاستملاك قد صدر بناء على وثائق ثبت عدم صحتها، إذ انطوت على عيوب منها أن العقار المذكور، وبحسب ما أفاد به مدير تنفيذ المشاريع السياحية بطرطوس، لم يكن وارداً ضمن العقارات المراد استملاكها عند إعداد إضبارة الاستملاك، بل أدخل العقار المذكور بطلب من مدير السياحة بالكتاب رقم 680/ ص تاريخ 11/3/2006 إضافة إلى أن الغاية من استملاك العقار المذكور هي تنفيذ مشروع سياحي، وبما ان العقار المذكور وبحسب ما جاء في المخطط الاستملاكي هو عبارة عن مقصف ومطعم المغارة مؤلف من ثلاثة طوابق وحائزة على الترخيص اللازم ومنتسب لغرفة سياحة المنطقة الساحلية ومصنف نجمتين، وبالتالي فإن الغاية من استملاك العقار محققة ولا حاجة لاستملاكه.

وهناك نص بلاغ للسيد رئيس مجلس الوزراء برقم 146/ ب/3383 /15 على عدم رفع مشروع الاستملاك إلاّ بعد استكمال كافة القضايا الفنية (طرق – كهرباء – صرف صحي – مياه) ومن خلال الوثائق يتبين ان كل ما ذكرناه غير موجود في دائرة قطرها اكثر من كيلو متر واحد.

السيد وزير السياحة في عام 2008 يتعهّد لرئاسة الجمهورية بكتابه رقم 7781 تاريخ 28/10 2008 بالتريث بقرار الاستملاك لحين البت قضائياً بالموضوع، لكنه يعود عن التعهد ويرفع كتابه رقم 12 /ص.م تاريخ 14/9/2009 الى رئيس مجلس الوزراء الذي وافق على استكمال إجراءات الاستملاك للعقارات المشمولة بالدراسة الهندسية للمشروع، لكن وزير السياحة في حينها يخالف هذا الكتاب ويعمد إلى ضم أراضي جديدة تفوق مساحة الاستملاك ذاته، وهي غير مشمولة بالدراسة الهندسية للمشروع وكانت بحاجة إلى قرار استملاك جديد.

 

قرارات الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش!!

طالب تقرير الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بتحريك الدعوى العامة بحق كل من مدير السياحة بطرطوس في ذلك الوقت (علي. د) لقيامه بتزويد السلطات بمعلومات غير صحيحة أدت إلى اتخاذ قرارات مشوبة بعدم المشروعية (قرار الاستملاك رقم 3096 للعام 2006)، إضافة إلى المهندس (آصف. ص) العامل في مكتب الحسابات السطحية لدى مديرية المصالح العقارية بطرطوس، وذلك لقيامه بإعداد بيان مساحة للعقار 282 بخلاف الواقع والأصول إضافة إلى السيد (علي. ر) رئيس قسم التحديد لدى مديرية المصالح العقارية بطرطوس لقيامه بالتصديق والتوقيع على مخطط غير أصولي مسبغاً عليه الصفة القانونية بخلاف الواقع والأصول وتزويده للسلطات المعنية.

طبعاً هناك أسماء أخرى لا مجال لذكرها كانت مساهمة ومشتركة في هذا الظلم الذي لحق بعدد من الأهالي الذين يعملون في المقصف المذكور، ويعتمدون في تأمين قوتهم اليومي لهم ولعائلاتهم على عملهم هذا.

أخيراً

سنكتفي بهذا الغيض من فيض الوثائق غير الصحيحة والمزورة، لأننا لو تابعنا في البحث والتدقيق في الوثائق المزورة وغير الدقيقة والصحيحة لطال بنا المقال فهل سنجد صحوة من وزارة السياحة تعيد الحقوق لأصحابها وتلغي قرار الاستملاك للعقار 282 الذي بني على باطل بهذا الخصوص يا ترى وتفتح باب المغارة المغلق منذ سنوات في وجه السياح ممّا يدر على الدولة وعلى أبناء المنطقة مبالغ نحن في أمسّ الحاجة إليها الآن؟!. أم أن آذان الوزارة ستبقى مغلقة كباب المغارة يا سيادة الوزير؟!.
طبعاً هذا مالا نتمناه لأنه لا يصب في مصلحة الوطن ولا المواطن!!

 

العدد 1105 - 01/5/2024