السـوريون صامدون في الدفاع عن وطنهم ووحدته وسيادته

في مواجهة الإصرار الروسي والدولي على مكافحة داعش والنصرة، ووضع قائمة تضم حلفاءهما من المنظمات الإرهابية، لجأ الأمريكيون إلى إخراج مسرحية فك ارتباط (النصرة) بالقاعدة وتغيير اسمها.. وبعبارة أخرى أرادت الولايات المتحدة إفهام الجميع بأن هزيمة (معتدليها) وبضمنهم (النصرة) خطٌّ أحمر، وعرضت على روسيا بالمقابل تفعيل دورها، وزيادة مستوى مساهمتها في الجهود الروسية لمكافحة داعش في مناطق سيطرتها في سورية والعراق.

الجيش السوري كان له كلام آخر، حين قطع شرايين الدعم والمساندة عن هؤلاء (المعتدلين) في حلب، وضرب حول مناطق وجودهم طوقاً محكماً، وحرّر (بني زيد) الذي يعد قلعة رئيسية من قلاع النصرة وشركائها في مدينة حلب، الأمر الذي دعا الأمريكيين وحلفائهم الخليجيين والأتراك إلى قرع نواقيس الخطر، فحسم معركة حلب لصالح الجيش السوري يعني بجميع المقاييس بداية خروج سورية من نفق الإرهاب الأسود، ووضع العملية السلمية لإنهاء الأزمة السورية على السكة الصحيحة، وهذا ما يتناقض تماماً مع السياسة الأمريكية الهادفة إلى (إدامة) الاستنزاف لقدرات سورية جيشاً واقتصاداً، ومقدرات، والسقوط في مستنقع المخطط الأمريكي الشامل للشرق أوسط برمته.

لقد استنفر الأمريكيون جميع وسائلهم، وفتح آل سعود كل خزائنهم من أجل خرق حصار (معتدليهم).. وديسمتورا مازال يعلن نهاية آب موعداً لجولة جديدة من المحادثات بين الحكومة و(المعارضات)، ولا يجوز – حسب المنطق الأمريكي- أن يدخلها الوفد الحكومي السوري وبيده ورقة حلب.

على الجانب السياسي، تتابع الولايات المتحدة تنصّلها من التفاهمات مع الجانب الروسي حول مكافحة الإرهاب، وتسهيل العملية السياسية لإنهاء الأزمة السورية، وهي تطالب روسيا بهدنة طويلة في حلب كي يتسنى لها دعم (معتدليها) وبضمنهم النصرة، وكي يتحول الخرق الجزئي لطوق الحصار إلى خرق كامل. وبالطبع فإن الواجهة المعلنة هي (الأوضاع الإنسانية)، هذه الأوضاع التي كانت مغيّبة عن أذهان الأمريكيين وحلفائهم قبل تحرير بني زيد وتطويق الإرهابيين!

وقد أكد بوتين في لقائه مع أردوغان الخارج من محاولة الانقلاب، أن الديمقراطية في سورية يجب أن تتحقق بأساليب ديمقراطية، ملمحاً إلى (الواجهات) التي يعلنها الأمريكيون وحلفاؤهم لعدوانهم على سورية، وأعلن الطرفان عزمهما على تفعيل الحلول السياسية للأزمة السورية، وكلفا وزيري الخارجية ومسؤولي المخابرات اقتراح الوسائل الكفيلة بذلك.

في هذه الأثناء حرر المقاتلون الأكراد وحلفاؤهم مدينة (منبج) الاستراتيجية من سيطرة الدواعش، بعد معارك عنيفة، وانسحب الإرهابيون منها بعد أن استخدموا سكان المدينة دروعاً بشرية. وبغض النظر عن التصريحات التي صدرت عن بعض التنظيمات الكردية، فإن طرد داعش من مدينة منبج يعد تطوراً مهماً في مكافحة الإرهاب على كامل التراب السوري، ويجب توظيفه في الحفاظ على وحدة الكيان السوري.

المواطنون السوريون يثقون بجيشهم الوطني، وبأبنائهـم، الذين يواجهون إضافة إلى غزو الإرهاب، ترسانة الأمريكيين ومليارات الخليجيين ومساندة الأتراك البشرية واللوجستية، وهم منذ خمس سنوات ونيف صامدون في معركة الدفع عن سورية ووحدة أراضيها، وانسجام مكوناتها الاجتماعية والدينية والإثنية، وسيبقون على المتاريس مادامت هزيمة الإرهاب ونجاح المساعي السلمي وتوافق السوريين ومستقبل بلادهم الديمقراطي.. المدني تتطلب ذلك.

الشعب السوري صفاً واحداً خلف جيشه الوطني، وسورية لن تركع.

 

العدد 1104 - 24/4/2024