الحزب الشيوعي السوري الموحد: اتفاق وقف إطلاق النار جنوب سورية خطوة إيجابية لوقف سفك الدماء

 عقد المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري الموحد اجتماعه الدوري يوم السبت الواقع في 8/7/،2017 برئاسة الرفيق حنين نمر، الأمين العام للحزب، وحضور رئيس وأعضاء هيئة رئاسة اللجنة المركزية، وقد قدّم رئيس اللجنة المركزية الرفيق نبيه جلاحج عرضاً حول مستجدات الوضع السياسي، خاصة فيما يتعلق بالتطور الأخير حول وقف إطلاق النار في الجبهة الجنوبية الغربية.

وبعد مناقشة التقرير، رأى الاجتماع أن توقيع الرئيس فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب على اتفاق لوقف إطلاق النار في جنوب غرب سورية، يعد في حد ذاته خطوة إيجابية يمكن أن توقف سفك الدم في تلك المنطقة،
وتحد من تسلط المجموعات الإرهابية التي تقف من ورائها إسرائيل، وتمهد الطريق أمام استكمال مهمة مؤتمر أستانا للوصول إلى وقف إطلاق نار شامل على كامل الأراضي السورية في إطار الحفاظ على أمنها ووحدتها، وتهيئة عوامل إنجاح مؤتمر جنيف7 الذي يعقد هذا الأسبوع.

لكننا مع كل شعوب العالم، خاصة الشعوب العربية، نُبدي شكوكنا وتحفظنا على النوايا الخبيثة التي تختفي وراء مواقف الإدارة الأمريكية، فهي ساهمت مع تركيا في تجميد مؤتمر أستانا قبل بضعة أيام، وهي التي خرقت اتفاقات عدة لوقف إطلاق النار،
ونشرت أساطيلها في البحر الأبيض المتوسط، وتستمر في محاولاتها البائسة للحيلولة دون توحيد الجبهتين السورية والعراقية، وتعرقل أي جهد سورية لتحرير الرقة وعودتها إلى وطنها الأم سورية،
وتحاول إنشاء قواعد عسكرية في الشمال الشرقي السوري وتجند مئات المرتزقة للتصدي لعملية تحرير دير الزور التي تشكل حالياً الهدف الرئيسي للجيش العربي السوري.
كما كثرت في الآونة الأخيرة غارات الطائرات الأمريكية على المدنيين الأبرياء وقد حصدت حتى الآن أرواح المئات من أبناء شعبنا في دير الزور والرقة والحسكة، بينما يشتد تدفق السلاح الأمريكي عبر الحدود التركية ومنه أسلحة ثقيلة ومتطورة.

وفي الوقت نفسه تهيئ أمريكا الأجواء لشن عدوان على سورية، بدلالة الترويج للمسرحية الساخرة، وهي استخدام سورية للأسلحة الكيماوية ضد الإرهابيين، مع أن كل شعوب الأرض تعلم علم اليقين أن أمريكا هي منبع الإجرام والسموم في العالم كله.

ومع ذلك فإننا نرى أن الإدارة الأمريكية تعاني من أزمات حادة، وهي في وضع دفاعي في المنطقة العربية، بعد تحرير الموصل الذي يعد نصراً كبيراً للشعوب العربية، وبعد الصمود البطولي للجيش العربي السوري واسترجاعه معظم الأراضي،
والدور الفعال للحلفاء والأصدقاء، خاصة روسيا والصين وإيران، وبداية تفكك القطب الأحادي العالمي.. كل ذلك يجعل من الصحيح الاستفادة من حالة التراجع الأمريكية لفرض تراجعات مستمرة عليها، شريطة ألا يكون ذلك على حساب حقوقنا الثابتة التي تتمثل بالمحافظة على استقلال البلاد ووحدتها وأمنها،
واستعادة كل شبر سيطر عليه الإرهابيون، وعلينا الاستمرار بفضح السياسة الأمريكية ونفاقها وإبقاء الشعب في حالة استعداد دائم لخوض معارك التحرير، الأمر الذي يتطلب مراجعة الظروف التي تعمل بها الجبهة الداخلية ومدى تطابقها أو انسجامها مع حاجات المهمات الوطنية الكبيرة التي تجابهنا.

ويعتبر المكتب السياسي للحزب أن تحرير الموصل هو ضربة كبيرة للمشروع الإرهابي ككل، ونصر لحركة التحرر الوطني العربية، وبرهان جديد على إمكانية الانتصار بوجه المخططات الاستعمارية والعميلة والإرهابية والرجعية وغيرها عندما تتوفر الإرادة السياسية..
ويحيي المكتب السياسي للحزب هذا الانتصار الذي يأتي مكملاً لانتصارات الجيش العربي السوري ويدعو إلى تنسيق متواصل للجيشين والارتقاء به.

وقد بحث الاجتماع بعض المسائل الداخلية التي تتحدث عنها الصحافة المحلية ووسائل الإعلام الأخرى يومياً، ولوحظ وجود اهتمام كبير وصريح لديها بهذه المسائل في الفترة الأخيرة بدلاً من الأسلوب الخجل الذي كان يتصف فيه التطرق إلى الأوضاع الداخلية..
وواضح أن ذلك يعود بشكل أساسي إلى تردي الأوضاع المعيشية للجماهير المتوسطة والفقيرة الحال، المتمثل بارتفاعات مستمرة في الأسعار دون رقيب أو حسيب ودون مبرر مقنع، سوى أن الحكومات المتعاقبة لم تقتنع ولم ترد أن تقتنع حتى الآن أن أية محاولة لإحداث توازن بين الأسعار والدخول لن يكتب لها النجاح ما دامت الدولة لا تسيطر على المفاصل الرئيسية للتجارتين الخارجية والداخلية، أي المواد الأساسية، وسيظل المواطن فريسة للعمولات الباهظة التي يسرقها منه كبار التجار الطفيليين.

كما جرى البحث في قضايا الفساد وروائحه التي تزكم الأنوف وفي بعض مظاهر الفلتان الأمني والقانوني وتفاقم نشاط ميليشيات النهب والسلب وتجاوز القوانين من قبل أطراف من السلطة والمتنفذين فيها.

ويمتد الحديث إلى الإدارة والإصلاح، الأمر الذي ركز عليه السيد رئيس الجمهورية أمام مجلس الوزراء وأثار اهتمام الناس.

ونحن نعتقد مع الكثيرين من أبناء شعبنا، أن أزمة الإدارة، وخاصة الإدارة الاقتصادية، تتطلب معالجة سريعة وواسعة وعميقة، مما يتطلب معه عقد مؤتمر اقتصادي شامل يهيئ له الاختصاصيون من كل القوى السياسية الوطنية والهيئات الاقتصادية والاجتماعية،
وهو ما اقترحناه على القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي، ومازلنا ننتظر الإجابة عليه.

كما تطرق الاجتماع إلى قضية الموقوفين السياسيين الذين لم يثبت ضلوعهم في الأعمال الإرهابية، وتأكيد عدم جواز استبقائهم في السجون، في الوقت الذي صدرت فيه عدة مراسيم للعفو عن الآلاف ممن حملوا السلاح بوجه الدولة.

واطلع المكتب السياسي على الحوارات والنقاشات الجارية حول مشروع (مبادئ لدستور سوري) الذي أصدره الحزب، وسينشر في صحيفة (النور) في عددها القادم، ورأى في هذه الحوارات ظاهرة إيجابية يجب تشجيعها واستمرارها.

ثم انتقل الاجتماع إلى بحث بعض القضايا التنظيمية، ومنها التحضير لاجتماع اللجنة المركزية القادم، واتخذ القرارات اللازمة.

العدد 1104 - 24/4/2024