احتفال لرابطة النساء في دمشق

 احتفلت رابطة النساء السوريات في دمشق، بمناسبة الذكرى المئوية لثورة أكتوبر الاشتراكية، والذكرى الـ93 لتأسيس الحزب الشيوعي السوري، وذلك يوم السبت الواقع في 2 كانون الأول في المركز الثقافي العربي – أبو رمانة.

حضر الاحتفال حشد كبير من ممثلات المنظمات النسائية السورية والعربية والفلسطينية وشخصيات ثقافية وعلمية، وممثلين عن القوى الوطنية والديمقراطية.

وقد افتتحت الاحتفال الرفيقة هدى مللي مرحبة بالحضور، وبالنشيدين العربي السوري والأممي.

وألقت الرفيقة زينب نبّوه (أم فياض) كلمة تضمنت تحية للحزب الشيوعي السوري ونضاله التاريخي، وأهمية ثورة أكتوبر، والتأثير الذي أحدثته على النطاق العالمي، وهذه مقتطفات منها:

الحضور الكريم.. أرحب بكم جميعاً..

قبل أن أتكلم عن الذكرى المئوية لثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى، نجاحاتها وإخفاقاتها وآفاق مستقبل الاشتراكية، لابد أن أحيي، بحرارة، الذكرى الثالثة والتسعين لتأسيس حزبنا الشيوعي السوري، وليد ثورة أكتوبر الذي لم يفصله عن انتصارها إلا سبعة أعوام فقط (1917-1924).

نحتفل اليوم بذكرى مرور مئة عام على محطة نضالية ثورية بارزة من محطات طريق طويل لنضالات متواصلة خاضها الاشتراكيون والديمقراطيون والشيوعيون، نضال من أجل التحرر، غاياته وأهدافه: الحرية والمساواة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، من أجل تغيير الواقع الذي كان بعيداً جداً عن سقف التطلع الإنسانية.

في عام 1917 استطاع حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي أن يصل إلى السلطة في روسيا القيصرية بأقل الخسائر الممكنة، وفي حدث ثوري قلب البنية الاقتصادية والاجتماعية لأضعف البلدان وأكثرها تخلفاً في سلسلة النظام الرأسمالي العالمي.

لقد حققت هذه الثورة خلال سبعة عقود، وهي فترة زمنية قصيرة نسبياً في التاريخ، لشعوبها من الإنجازات ما لم يسبق أن قدمه أي نظام لشعبه في تاريخ البشرية الطويل في كل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعالمية، ومنها ما قدمته لشعوب العالم في مجابهة النازية والفاشية والانتصار عليها، وهو أكبر إنجاز حققته ثورة أكتوبر، ومن أجل سلام دائم وتآخ بين الشعوب والحضارات.

ولا ننسى نحن في سورية خاصة والبلدان العربية عامة ما قدمته الدولة السوفييتية من مساعدات من أجل إنهاض بلادنا، مثل بناء سد الفرات، ومصانع النسيج، والقطارات، ومن أبرز ما قدمته للشعب السوري هو تأهيل آلاف الكادرات العلمية من أطباء ومهندسين وطيارين ورواد فضاء وفنيين، معظمهم من أوساط كادحة مما ساهم في بناء وتطوير سورية الحديثة.

المرأة وثورة أكتوبر

كتب لينين وتحدث طيلة نضاله الثوري حتى قبل الثورة الاشتراكية، عن تحرر المرأة، لأنه اعتبر أن هذه القضية ترتبط ارتباطاً عضوياً بالنضال من أجل الاشتراكية، وقد حققت الثورة منذ السنوات الأولى لانتصارها إنجازات هامة للمرأة ساعدت كثيراً على تطورها في مجالات أساسية، فالدستور السوفييتي وبرنامج الحزب عام 1919 فتح المجال واسعاً للمرأة في ميدان العمل السياسي، فقد احتلت مكانة مرموقة في مجلس السوفييت الأعلى وفي مختلف مواقع صنع القرار في الدولة والقوات المسلحة، وفي عالم التكنولوجيا والفضاء والبحث العلمي، وفي كل مجالات الحياة الأخـــــــــــرى، في الوقت الذي لم تحصل فيه المرأة على ما يماثله من تطور في البلدان الرأسمالية الأكثر تطوراً، وبقيت تحتل قانونياً مكاناً أدنى بكثير من مكانة الرجل.

وفي الثورة لعبت المرأة دوراً كبيراً عبّر عنه لينين بإيجابية عالية، إنه لولاهن لما انتصرنا ولكان انتصارنا موضع بحث.

أخطاء وصعوبات

ورغم النجاحات الهامة التي حققتها ثورة أكتوبر، فقد واجهت أخطاء وصعوبات هامة في الداخل، إضافة إلى التدخل الإمبريالي الصهيوني، مما أدى إلى انهيار التجربة الاشتراكية.

وعند الحديث عن إخفاقات تجربة ثورية بحجم ثورة أكتوبر الاشتراكية التي غيرت التاريخ، من الهام والضروري وضع الأمور في إطارها التاريخي والواقعي والموضوعي.

يمكن القول إن ما سقط هو نموذج محدد في بناء الاشتراكية، النموذج الإداري شديد المركزية للاشتراكية على حساب الديمقراطية، وكان ينبغي ربط الديمقراطية الاجتماعية بالديمقراطية السياسية.

إن إخفاق تجربة ثورية عظيمة مشبعة بالنجاحات مترافقة ببعض السلبيات والنواقص لا يعني أبداً نهاية التاريخ، التعبير الأكثر رواجاً في الأدبيات السياسية، ولا يعني زوال فكرة الاشتراكية نفسها التي امتلكت أهم تراث فكري وثوري يفتح آفاقاً جديدة أمام الشعوب لدراسة تجربة الماضي واستخلاص العبر.

إن فشل تجربة لا يعني أبداً وقف النضال من أجل الأهداف الإنسانية التي حملتها مبادئ الاشتراكية العلمية، والتي تشكل جوهر طموح الإنسان للحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة الحقة.

فالاشتراكية التي نريد والتي حلم بها مؤسسو الماركسية أن تكون أكثر تقدماً وعدالة وإنسانية وأوسع ديمقراطية من أي نظام عرفه التاريخ، وليس أمامنا نحن القوى الاشتراكية قوى اليسار والتغيير إلا أن نؤكد استيعابنا لدروس ثورة أكتوبر والتجربة الطويلة المحركة للاشتراكية والشيوعية على امتداد قرن كامل.

كما ألقت الرفيق لويزا عيسى كلمة عن تاريخ الحزب الشيوعي السوري ونضاله في كل المجالات ، فيما يلي مقتطفات منها:

يأتي احتفالنا بالذكرى المئوية لثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى والذكرى الثالثة والتسعين لتأسيس حزبنا الشيوعي السوري في أشد وأصعب الظروف التي مرت بتاريخ سورية، بل بتاريخ دول العالم في العصر الحديث.

فمنذ آذار 2011 وسورية تعيش حالة الاضطراب والقتل والذبح وتدمير المنشآت العامة والخاصة والبنى التحتية من مستشفيات ومدارس ومنازل وطرقات واتصالات، من قبل عصابات المرتزقة المدعومين مالياً من قطر والسعودية، وسياسياً وعسكرياً من أمريكا وأوربا الغربية وتركيا، وفرض الغرب علينا عقوبات اقتصادية وحصاراً وتجويعاً، دعماً للإرهابيين.

لقد تصدى جيشنا الباسل للغزاة وهو مستمر بذلك منذ سنوات سبع، واستطاع تحرير أكثر من 93% من المناطق المأهولة بالسكان، مدعوماً بمساعدة الأصدقاء وفي مقدمتهـــــم روســـــــيا الاتحادية، بلاد ثورة أكتوبر.

 إن شعبنا السوري الذي رفع شعار الحل السياسي بيد والمقاومة والتصدي باليد الأخرى، سيواصل استخدام جميع الوسائل لإنهاء الإرهاب وإلحاق الهزيمة بالإرهابيين، وإعادة الأمان إلى ربوع سورية، واستئناف مسيرة التنمية وإعادة الإعمار، لممارسة الدور الوطني والقومي في قضايا المنطقة.

أدت ثورة أكتوبر إلى ظهور الأحزاب الشيوعية والعمالية في العالم، وفي سورية تأسست أول مجموعة أطلقوا على أنفسهم المجموعة البلشفية، في شمال سورية، في عام ،1920 ثم تأسّس الحزب الشيوعي السوري اللبناني في عام 1924 في بيروت، ومن رواده الأوائل النقابي فؤاد الشمالي، والمثقف الثوري يوسف إبراهيم يزبك، وهيكازون بوياجيان، الذي قاد تنظيم الحزب في دمشق، ومعه المناضلون ناصر حدة، وفوزي الزعيم، وعلي خلقي.

في عام 1925 عقد الحزب مؤتمره الأول التأسيسي، وصاغ مجموعة من القرارات التنظيمية والفكرية والسياسية ودعم الثورة السورية الكبرى، وحضره 15 مندوباً يمثلون حلب وأنطاكية وإسكندرون وبيروت وزحلة ودمشق والجزيرة، وتشكلت اللجنة المركزية من فؤاد الشمالي، وأرتين مادويان، وهيكازون بوياجيان، وغيرهم، وانتُخب فؤاد الشمالي سكرتيراً للحزب.

كان تأسيس الحزب الشيوعي السوري تلبية لحاجات الوطن، من أجل حقوق العمال والفلاحين، وسعى لتشكيل النقابات للمهن الموجودة في البلاد، وتحالف مع القوى الوطنية المتنورة، وقام بدور كبير في النضال ضد الحلف الاستعماري المعادي للوطن وضد الفاشية العالمية.

وعُقد المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي السوري اللبناني في أواخر 1943 وأوائل عام 1944 في بيروت، وقد أقر المؤتمر الميثاق الوطني للحزب الشيوعي السوري، وميثاقاً مماثلاً للحزب الشيوعي اللبناني مع اختلاف بسيط، تضمن 20 بنداً تبدأ بالاستقلال والسيادة التامة والتحرر الوطني الكامل، وتنتهي بالتوزيع العادل للضرائب، وبنوداً هامة لحياة المواطنين، وانتخب المؤتمر الرفيق فرج الله الحلو أميناً عاماً للحزب الشيوعي اللبناني، والرفيق خالد بكداش أميناً عاماً للحزب الشيوعي السوري.

ونحن نحتفل بهذه الذكرى لا يغيب عن بالنا مساهمة النساء السوريات في حياة الحزب منذ تأسيسه، وكان للرفيقات دور فعال في المجالات الاجتماعية والسياسية، وفي مجال العمل الرابطي منذ تأسيسها في عام 1948 حتى يومنا هذا.

ففي الحروب والأيام الصعبة ساهمت الرفيقات الرائدات بأعمال الدفاع المدني والإسعافات الأولية والتبرع بالدم وجمع التبرعات، وحكن كنزات الصوف والجوارب للجنود على الجبهة، وفي الأحياء أقمن الندوات الثقافية ودورات تعليم الخياطة والتمريض ومحو الأمية في المدينة والريف، ومنحوا شهادات محو الأمية الصادرة عن وزارة الثقافة، وقدن المظاهرات ضد الاستعمار بكل أشكاله، وضد السلطات السورية التي كانت تقمع الأحزاب اليسارية والشيوعية وتمنعها.

ساهمت الرابطيات في الاحتفالات الوطنية والأممية، وللرابطة نظام داخلي وبرنامج مطلبي، وتُصدر نشرة غير دورية.

الرابطة عضو مؤسس في الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي،وعضو دائم فيه، وتتابع اجتماعات المركز الإقليمي العربي للاتحاد، ومقرّه بيروت.

للرابطة علاقات جيدة مع الاتحادات النسائية التقدمية، وشاركت في اللجنة النسائية العربية لدعم الانتفاضة، وفي حملات التضامن والاحتجاج مع المنظمات الفلسطينية. اهتمت الرابطة بواقع المرة السورية، ودرست القوانين التي تهم النساء، والأسرة، مثل قانوني الأحوال الشخصية والجنسية، وقانون العقوبات العام، وأقامت ورشات عمل وندوات نقاشية في الصحف والتلفزيون والمراكز الثقافية والمنتدى الاجتماعي في دمشق وغيرها.

تقدمت الرابطة بمشاريع تعديل لتلك القوانين، إلى مجلس الشعب والوزارات المختصة، وطالبت بإصدار قانون ضد العنف الأسري، إلا أن الحكومات المتعاقبة لم تتجاوب مع مطالب الرابطة وغيرها من المنظمات والجمعيات النسائية، مع أن الدستور السوري لعام 2012 نص على ضرورة التعديل للقوانين التمييزية بحق النساء.

وفيما يتعلق باتفاقية إزالة كل أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بعام ،1979 صادقت عليها سورية، لكنها تحفظت على بعض موادها مما حرمنا من الاستفادة منها، ومنذ وقت قريب أصدر السيد رئيس الجمهورية المرسوم التشريعي رقم 230/2017 أقر رفع التحفظ على المادة الثانية من الاتفاقية، ولتاريخه لم يُعدّل أي قانون نافذ في سورية غير منسجم مع الدستور السوري لعام ،2012 وكذلك مع اتفاقية (السيداو). وبصريح العبارة هذا موقف تمييزي بحق المرأة السورية.

الحضور الكريم!

هذا غيض من فيض من التاريخ الناصع لحزبنا الشيوعي السوري، والذي لا ينسى، فذكرى تأسيسه تبقى عزيزة على عقولنا ووجداننا.

وألقت الشاعرة مادلين اسبر قصيدة في هذه المناسبة.

العدد 1105 - 01/5/2024