السعودية وإسرائيل… تنافسٌ وتسابقٌ في الإجرام!

اعتقدنا مخطئين بأن إجرام العصابات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني هو أعلى درجات إجرام الإنسان بحق الإنسان، وأن هذه الحركة الخبيثة ستكون خاتمة شرور البشرية، إلا أن نظام آل سعود امتاز وتفوق بالجريمة والإرهاب، بل وتفنّن تحالف الأجلاف بقيادتها في سفك دماء الشعب اليمني البطل.

عانى اليمن السعيد، طيلة السنوات الثلاث المنصرمة، قصفاً هستيرياً متواصلاً من قبل طائرات العدوان السعودي، وهذه الغارات تعكس درجة الحقد والجبن التي وصلت إليها الطغمة الحاكمة في السعودية، فلقد دمّروا المساجد والمدارس والمشافي والجامعات والأحياء السكنية والمنشآت الحيوية والمراكز التنموية والبنى التحتية. لقد وصل إجرام السعودية إلى حدٍّ لم تستطع فيها حتى واشنطن، الداعمة الأكبر لها وشريكتها الأساسية في الإجرام، من الصمت عن ذلك.

لم يكتفِ تحالف الأقزام بتدمير الحجر والبشر، في هذا البلد العزيز، بل قام بإغلاق المنافذ الجوية والبحرية والبرية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الوضع المأساوي المتفشي أصلاً، مما يهدد حياة ملايين البشر.

فلقد وصلت الأوضاع الإنسانية هناك إلى حالةٍ مزريةٍ، وقد اعتبرت الأمم المتحدة بأن اليمن يمر بأسوأ أزمة إنسانية في العالم حتى الآن، بسبب منع وصول الغذاء والوقود والإمدادات الطبية إلى الضعفاء والأبرياء.

ولم تفلح البيانات الصادرة من المنظمات الإنسانية الدولية، كمنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة وبرنامج الأغذية العالمية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ودعوات ونداءات شخصيات حائزة على جائزة نوبل للسلام، في إطفاء نار الحقد السعودي على الشعب اليمني الصامد.

إن البيانات التي تقدمها المنظمات الدولية عن الأوضاع الإنسانية في اليمن صادمة للغاية، فقد وصفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) اليمن بأنه أسوأ الأماكن على وجه الأرض بالنسبة للأطفال. فهناك أكثر من 11 مليون طفل بحاجة إلى مساعدة إنسانية، كما يوجد حوالي 7 ملايين شخص يوشكون على الوقوع في براثن المجاعة، منهم مليونا طفل تقريباً يعانون من سوء التغذية الحاد، إضافة إلى أن حوالي 15.7 مليون شخص بحاجة إلى مساعدة في مجال المياه والإصحاح البيئي، و14.8 مليون شخص بحاجة إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية. ولقد عبّر عن هذا الواقع المأساوي المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة (خيرت كابلياري) في مؤتمر صحفي بالعاصمة الأردنية عمان، في 26 تشرين الثاني 2017، قائلاً: إن التقديرات تشير إلى أن طفلاً واحداً يموت هناك كل عشر دقائق من أمراضٍ يمكن الوقاية منها.

إضافة إلى ما سبق، فلقد وصلت عدد حالات الإصابة بالكوليرا (الإسهال المائي الحاد)، في الفترة الواقعة بين الأول من أيار حتى نهاية تشرين الثاني، إلى ما يقارب مليون إصابة، وفق التقارير الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، أي بمعدل يومي يصل إلى ما يقارب 4500 إصابة، كما رُصدت ألفان و218 حالة وفاة بسبب الكوليرا في 22 محافظة من أصل 23.

كما عاد الخُنَاق (الدفتيريا) للانتشار؛ ففي الأشهر الثلاثة الأخيرة سُجلت 189 إصابة، ووصل عدد الوفيات إلى 20 حالة، معظمهم من الأطفال والشباب. وقال ممثل المنظمة القُطري لمنظمة الصحة العالمية في اليمن، الدكتور نيفيو زاغاريا: (إنّه لمن الصادم أن يموت الأطفال في عام 2017 بمرضٍ قديمٍ يمكن تجنبُّه باللقاحات ويسهل علاجه)، وأضاف الدكتور زاغاريا قائلاً: (لقد مات الأطفال والبالغون في الأيام الأخيرة بينما كانت الأدوية اللازمة لإنقاذ حياتهم متاحة على بُعد لم يكن يتجاوز بضع ساعات منهم. فنحن بحاجة إلى أن يُتاح لنا الوصول إلى جميع مناطق اليمن باستمرار ودون قيد أو شرط لوقف هذه الأعداد الفادحة من الوفيات الناجمة عن سوء التغذية والكوليرا، والدفتيرياً أيضاً حالياً).

وبالرغم من هول المجازر والدمار والمآسي في اليمن، لم يتحرك ضمير حماة حقوق الإنسان في الغرب أبداً؛ فطوال فترة العدوان لم نسمع من المسؤولين الغربيين إدانةً واحدةً للسعودية على ما تفعله في اليمن، إلا أن ضميرهم هذا ينتعش، على ما يبدو، عندما تفوح رائحة النفط فقط؛ إذ سارع هؤلاء المنافقون للإدلاء بعبارات الإدانة ضد اليمن وإيران، وعقد المؤتمرات وإصدار البيانات، على خلفية إطلاق صاروخ باليستي على الرياض.

لقد فاق إجرام السعودية في اليمن كل جرائم الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة وجرائم الولايات المتحدة الأمريكية في غير مكان من العالم، والبيانات السابقة خير دليل على ذلك؛ فلا غرابة من وجود صداقة سرية متينة وقديمة بينهما، فالجذور الإيديولوجية للدولتين متشابهة إلى حد بعيد.

ختاماً… لم يكن حكام السعودية يوماً إلا فرساناً للجاهلية، ومطايا للضلال، وجنداً في جيوش الأعداء؛ نفضوا أيديهم من كل ما يمكن أن يلمّ شعث شعوب منطقتنا أو يقوّم اعوجاج مسيرتها، والشواهد كثيرة على ذلك؛ تكالبوا على شعب اليمن الفقير فنافسوا الصهاينة في إجرامهم؛ لم يتحرّجوا من اللجوء إلى إسرائيل لمواجهة إيران، والأمر لم يعد سراً؛ اتخذتهم الولايات المتحدة الأمريكية عبيداً، تسومهم كيفما تشاء؛ ظنّوا أن المال قد يجعلهم أسياداً، إلا أنّهم بقوا، رغم مالهم، عبيداً أقزاماً وجُفَاةً طَغَاماً.

العدد 1104 - 24/4/2024