طريق العودة من جنيف إلى دمشق!

يكتب الرئيس الفرنسي الراحل الجنرال شارل ديغول، وكان قائداً عسكرياً في القوات الفرنسية التي كانت تستعمر سورية قبل الاستقلال، يكتب عن خصوصية الشعب السوري، فيؤكد صلابة هذا الشعب في التعامل مع قضاياه الوطنية..

والسوريون لايفصلون، في الشأن الوطني، بين الكرامة الوطنية بمعنى السيادة وبين الكرامة الوطنية بمعنى الانتماء. ومن خلال هذه المعادلة، حققوا أهم إنجاز تاريخي معاصر وهو الاستقلال الوطني!

ماذا يعني ذلك هذه في الفترة بالذات؟!

يعني أن من الضروري وضع هذه الحقائق على طاولة البحث ريثما ينتقل الحوار من جنيف إلى دمشق، وتتحول المسألة المطروحة شكلياً من مؤتمر عالمي حول سورية إلى مؤتمر حوار وطني في سورية تحت مظلة الانتماء، وعندئذ يصبح أي تدخل خارجي عدواناً على بلادنا..

ويمكن تكثيف هذه الحقائق بعنوانين رئيسيين:

+ الأول هو الاستمرار في منطق الصلابة في التعامل مع القضايا الوطنية، لأنه منطق يجتمع حوله السوريون، وتفويت الفرصة على أي قوى خارجية طامعة أو متآمرة تريد النيل من سورية والسوريين..

+ الثاني هو إعطاء درس جديد للعالم في الانتماء الوطني وتغليب المصلحة الوطنية على كل نزوع شخصي ومصلحي ومرضي.  وهذا يستند أيضاً إلى منطق الدفاع عن الدولة السورية والرهان على قوتها، والفصل بينها كمعطى وطني ثابت يحميه السوريون، لأنه عنوان وحدتهم، وبين الخلاف السياسي أو الخلاف على برنامج وطني تحت مظلة الشعب والقانون والدولة.

إن وجود قوى دولية في المؤتمر، يعني وصول العالم والمجتمع الدولي إلى نتيجة مهمة هي أن الحوار أفضل الطرق للحل، وهي فرصة على السوريين استغلالها، وخاصة أنهم دفعوا مئات الألوف من القتلى والجرحى  والمشردين، فضلاً عن الدمار الذي لم تشهده مدن عاشت الحرب العالمية الثانية دون فائدة!

دفع السوريون الثمن غالياً وكبيراً، لأن منطق الحوار كان غائباً، ولم يكن هو الطريق إلى الحل، ولأن كل أعداء سورية في مشارق الأرض ومغاربها وجدوا في ذلك  خاصرة طرية يمكن الدخول منها، في محاولة تغيير موازين القوى على الأرض، وهي أول وآخر خط أحمر يضعه الشعب في حركيته التاريخية أمام كل تغيير مفترض!

عندئذ، يصبح طريق الحوار الوطني هو طريق العودة إلى دمشق، فالبيت السوري محصن وطنياً تحت مظلة العنوان الكبير الذي يجتمع عليه الشعب، والذي اجتمع عليه قبل الاستقلال، فتمكن من صنع السابع عشر من نيسان العظيم!

العدد 1105 - 01/5/2024