ارتفاع الأسعار فوري.. وانخفاضها «سلحفاتي»!

يتابع المواطنون السوريون تجليات الانخفاض الدراماتيكي لأسعار الدولار، وهم رغم إدراكهم للأسباب السياسية والسيكولوجية والأمنية التي ساهمت في هذا الانخفاض، لم (يهضموا) المبررات الاقتصادية والنقدية التي ساقتها أجهزة الحكومة، ويتخوفون من أن يكون السبب الرئيسي لهذا الانخفاض السريع هو (صولات وجولات) المضاربين والسماسرة في سوق القطع الأجنبي السوداء، بهدف جني المليارات بعد ارتفاع الدولار.

وما يثير استغراب المواطنين هو عدم انخفاض الأسعار تساوقاً مع هبوط سعر صرف الدولار، رغم أن هذه الأسعار كانت ترتفع آنياً مع كل ارتفاع يطرأ على أسعار الدولار.

معاون وزير التجارة الداخلية صرح بأن انعكاس انخفاض الدولار على الأسعار يتطلب مزيداً من الوقت، فمن استورد من التجار بالسعر المرتفع لن نخفض أسعاره! إما لماذا يلجأ هذا المستورد إلى رفع أسعاره بارتفاع الدولار مباشرة، وفورياً، رغم أنه استورد بالسعر الأدنى، فقد سكت سيادته عن ذلك!

أيها السادة في حكومتنا!

أنتم ونحن وغيرنا أيضاً يعلمون أن سعر القطع الأجنبي مرتبط بوضع الاقتصاد الوطني، بالدورة الاقتصادية، بديناميكية القطاعات المنتجة، بالنشاط التصديري، إضافة إلى الأسباب المتعلقة بالاستقرار والأمن، لذلك فإن أي مكاسب تحققها الليرة السورية مقابل القطع الأجنبي، إن لم ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتحسن الأوضاع الاقتصادية، تثير الشكوك، وهنا يأتي دور الأدوات النقدية والمالية والقانونية للحكومة، بقمع المضاربين في السوق السوداء، ومراقبة الأسواق، والتدقيق في وثائق الاستيراد.

لقد عانت الفئات الفقيرة والمتوسطة خلال سنوات الجمر مفاعيل الأزمة والحصار الظالم وغزو الإرهابيين، وشدت على البطون وهي تقف خلف جيشها في مواجهة الإرهابيين، لكنها كانت ترى بوضوح أن مقتنصي الفرص وتجار الأزمة والحرب، وأسياد الأسواق ومحتكريها كانوا يسرحون ويمرحون ويفرضون إيقاعهم في الأسواق دون أي وازع وطني واجتماعي وإنساني، مما ساهم في زيادة معاناة جماهير الشعب السوري الصابرة.

كفى أيها السادة! إن معالجة وضع أسعار القطع الأجنبي لا يحتاج إلى فك الطلاسم، بل إلى الجدية والحزم والمصداقية والحكمة، حفاظاً لا على مصالح جماهير الشعب السوري فحسب، بل على اقتصادنا الوطني برمته.

 

 

العدد 1105 - 01/5/2024