رغم غزو الإرهاب والحصار يمكن للحكومة تخفيف أعباء المواطنين

تتصاعد هموم المواطن مع استمرار الأزمة السورية بصورة لم يسبق لها مثيل، ولا يقتصر ذلك الأمر على شعور المواطن بعدم الأمان وخصوصاً في مناطق التماس مع الإرهابيين، وإنما تعداه ليشمل كل مناحي الحياة دون استثناء، إن من يزور سورية من الخارج، يتعجب من قدرة الشعب على التحمل والصبر، في هذا الظرف العاصف الذي تعيشه البلاد، لقد تحمّل الشعب ويلات الحرب القذرة التي تُشنّ عليه ببطولة، وقدّم التضحيات الجسام، بيد أن الألم ينتابه بعمق عندما يرى، ويعيش اللا مبالاة من المسؤولين الحكوميين تجاه همومه الكبيرة، وتجاه معاناته التي لا حدّ لها.

أجل، أيها السادة المسؤولون الحكوميون، إن الجماهير الشعبية تعاني الأمرّين في حياتها، فهي تعاني من الارتفاع الخيالي لأسعار المعيشة بالنسبة إلى المداخيل الزهيدة التي يتلقاها المواطن، ولا يقتصر الأمر على ارتفاع الأسعار فقط، وإنما يتعداه إلى صعوبة الحصول على السلع المرتبطة ارتباطاً مباشراً بحياته.

إن الحصول مثلاً على مادة الخبز التي لا يمكن للسوري العيش دونها، يجري بصعوبة بالغة، فالأفران مزدحمة بصورة مخيفة، وهناك الكثير من الصبيان الصغار، ولا ندري من يسوسهم، وبدلاً من أن يذهبوا إلى المدارس يزدحمون أمام الفرن، من أجل الحصول على هذه السلعة لكي تباع بأسعار مضاعفة. أما الحصول على مادة المازوت بأسعارها المحددة من قبل الدولة فمستحيل، وترجع أسباب ذلك إلى الحرب الإرهابية على البلاد والحصار الاقتصادي، لكن وجود هذه المادة عند تجار السوق السوداء بوفرة، وهم يحصلون على أرباح طائلة من خلال بيعها للمواطنين، يؤكد حقيقة لا لبس فيها، وهي مدى استشراء الفساد في أجهزة الدولة، في هذا الظرف الصعب، وتقف الحكومة موقف اللامبالاة تجاه هذه الظاهرة.

أما الحديث عن المواصلات فهو أيضاً ذو شجون، لقد أصبحت معاناة المواطن لا تطاق سواء في الصباح عندما يتوجه إلى عمله، أو ظهراً عندما يعود إلى منزله، ويشعر المواطن بالإهانة فهو لا يستطيع استخدام الحافلات إلا بشقّ الأنفس، هذا بعد تعرضه للتدفيش وغيره، ولا يقتصر الأمر على ذلك أيضاً إذ يستغرق المواطن من الزمن لوصوله إلى منزل في كثير من الأحيان ساعات، وإذا حاول الوصول إلى مكان عمله سيراً على الأقدام، فلا تتسع الأرصفة له، لأن السيارات الحكومية وأولي الأمر، وسيارات أثرياء الحرب السورية تملأ الأرصفة، فيضطر المواطن المسكين أن يسير في عرض الشارع متعرضاً لمخاطر السير. باختصار، إن المعاناة أصبحت ترافقه منذ أن يفتح عينيه صباحاً حتى إغماضها ليلاً، وتصريحات الحكومة أصبحت تجعله أكثر تشاؤماً، فقد صار يعلم بإحساسه أن الأمور ستسير بشكل معاكس، وأما الإعلام فحدث ولا حرج، فهو شبه غائب عن همومه، ومعاناته، وفقد مصداقيته لدى الأكثرية الساحقة من المواطنين.

لقد آن الأوان أيتها الحكومة الموقرة وأيها السادة المسؤولون، رغم صعوبة الظرف، وقساوة الحرب الظالمة على بلادنا، أن تتحسسوا آلام الشعب، وأن تعملوا دون كلل لخدمته، لأنه هو المبدع الحقيقي لكل ما يحققه الوطن.

 

 

العدد 1107 - 22/5/2024