تلفزيون الشارقة: الملتقى العربي!

عندما يشاهد المواطن العربي برامج تلفزيون الشارقة، تنتابه موجة أحاسيس دفعة واحدة، من بينها:

أن هذه المحطة التلفزيونية لاتزال تحترم الإنسان العربي، الذي هو المشاهد المفترض لها، فلا تشغله بما ليس له فائدة، ولا تضلله بما ليس في صالحه، ودائماً تحرص هذه المحطة على الهوية الطبيعية لتلفزيون (عربي في مجتمع عربي)، يفترض أن تكون موجهة له أصلاً.

وأهم من كل هذه الأسباب أن تلفزيون الشارقة لم يركض وراء البرامج الاستعراضية التي تسحر من يشاهدها بالنجوم والأضواء والفضائح والبهرجة دون أن يكون فيها من الدسم مايستحق المشاهدة، وفي هذه الحالة نحن أمام تلفزيون له أصالته ورسالته الواضحة، فهل يمكن التعرف على هذه الرسالة؟ لاحظوا كيف يعرف تلفزيون الشارقة بنفسه:

(هو جهاز إعلامي ملتزم ومسؤول، تأسس ليكون منارة من منارات الثقافة والفكر والأدب والقيم الأصيلة في مجتمع الإمارات والمنطقة.. افتتحه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة، ليكون ضيفاً على كل بيت إماراتي في الحادي عشر من شهر شباط 1989).

أي أن محددات الهوية الإعلامية لتلفزيون الشارقة تقوم أساساً على أن هناك (مشاهد يفترض أن أحترمه، وأنا أدخل على بيته برسالتي السامية، لا لتخريب ملامح هذا البيت!).

على فكرة، ليس المطلوب من أي محطة عربية هذه الأيام أن تحمل السلاح، وتبني متراساً لهذه الجهة أو تلك، وتباشر في معركة ليس لها فيها ناقة ولا جمل.. المطلوب فعلاً محطة تعمل من أجل الإنسان العربي أولاً وأخيراً، بما له من تراث وثقافة وحضارة يجري العمل على رميها في مهب الريح..

وآخر البرامج الذي بثت حلقته الأولى مساء 23 تموز الحالي هو برنامج: (الملتقى العربي)، الذي يعده مروان صواف، وهو معد ومقدم برامج سوري معروف عربياً، وكان من أوائل من خاضوا تجربة المذيع الصحفي بنجاح!

والحلقة الأولى مع (مصطفى البرغوثي) من فلسطين.. لفت نظري في هذه المناسبة ثلاث نقاط مهمة، الأولى هي أن تلفزيون الشارقة يصر على هويته في عصر ضياع الهويات، فيطلق برنامجاً من هذا النوع، وثانياً أن فلسطين كانت في الحلقة الأولى في وقت ضاع العرب في معارك هامشية وفتن وحرائق أنستهم أهم القضايا التي يحملونها بأمانة التاريخ، وثالثاً أن هناك آلية تفكير لاتزال تنبض هي آلية التفكير (الجمعي) و(العربي)، ناهيك عن إطلاق البرنامج في 23 تموز.. هذا البرنامج الحواري يطرح السؤال الكبير: هل نحن بحاجة إلى مراجعة الهوية التي أطلق على أساسها كل تلفزيون عربي؟!

العدد 1107 - 22/5/2024