عندما تذهب إلى السوق:خذ حبة تحت اللسان!

 آخر نصيحة يتداولها السوريون تقول:

– لا تذهبوا إلى السوق، احذروا، ففي الأسواق صورة عن المأساة والدهشة..

السوق هذه الأيام واحدة من أسباب أمراض القلب في بلادنا، وإلا لماذا يعاني جارنا من غصة في الحلق عندما يذهب إلى السوق ويتناول سريعاً حبة تحت لسانه؟

ولماذا يرش أصحاب الدكاكين الماء على وجه أم محمود أم الأولاد عندما تقع على الأرض وهي تسأل عن سعر البندورة والفاصولياء والباذنجان والخيار؟

وعلى نحو أدق لماذا يكتب أحد مخرجي السينما مخططاً لسيناريو فيلم نوعي عن المأساة، فيخطط للتصوير بعناية:

(تبدأ الكاميرا بلقطات من سوق الخضارـ تقترب العدسة رويداً رويداً من قائمة الأسعار ثم تبتعد سريعاً كي لا يصيب المصور ما أصاب أم محمود ولا يرش الماء على وجهه فتتعطل الكاميرا)..

هكذا يكتب المخرج سيناريو السوق!

السوق هذه الأيام واحدة من غرائب الطبيعة، وإلا من أين يأتون بهذه الخضار وكأن أحد رسامي الكاريكاتير رسمها ليسخر من أسعارها ونوعيتها، فثمة خشب في قلب البندورة وقلب الخس وثمة رائحة كريهة تنبعث من قلب النعناع، وثمة ملامح إرهابية على وجه البائع؟!

زائر السوق هذه الأيام نموذج من نماذج السينما العالمية الصامتة، وإلا لماذا يسأل المواطن عن السعر ويركض هارباً كما هو شارلي شابلن في فيلمه الأخاذ أضواء المدينة؟ أو لماذا نسمع موسيقى جنائزية أمام صندوق البائع لرجل يدفع ثلث راتبه من أجل طبخة (كواج) كانت أمهاتنا تقدمها لنا في آخر الشهر لأنها أرخص أنواع الطعام؟!

هناك اقتراح طريف قاله أحد الموظفين للمدير:

– يا سيدي.. لدي اقتراح لمشكلة الصرافات الآلية التي لا تعمل.. خذوا رواتبنا وأجورنا، وأطعموا أولادنا بطاطا وفلافل فقط!

نعم يا سيدي.. هذا الاقتراح عملي.. صدقني!

 

العدد 1107 - 22/5/2024