أزمة دواء كشفت غياب الرقابة …

أزمة دواء كشفت غياب الرقابة
#العدد823 #بقلم_ولاء_العنيد #جريدة_النور

لقد وصل خبر سحب أدوية الضغط الشرياني التي تحتوي على مادة (فالسارتان) من الأسواق كالصاعقة على المواطنين، فنسبة انتشار هذا المرض كبيرة، وهو من الأمراض المزمنة التي لطالما تجرع الناس مرارة الإصابة به، فالمصاب بهذه المرض لا يستطيع أن يوقف دواءه كما يشاء أو يغير نوعه، بل يجب عليه استشارة طبيب مختص، فضلاً عن أن هناك مرضى اعتادوا على استعمال عقار من نوع معين وسيضرهم التغيير المفاجئ لنوع الدواء مما سيؤثر على صحتهم سلباً، وربما لا يستجيبون للدواء الجديد، مما ترك الناس بحالة يصعب التعامل معها لخطورتها على الصحة.
خوف الناس من سبب سحب هذه الأدوية كبير، ومجرد العلم بأن مادة (فالسارتان) تحتوي على مواد مسرطنة بث الرعب في نفوسهم، لهذا سارع المرضى كل منهم إلى طبيبه ليجد له البديل المناسب، فهذه الأدوية تستخدم من قبل كل من يعاني من ارتفاع في ضغط الدم، للحد من السكتات الدماغية ومضاعفات النوبات القلبية، إضافة إلى المرضى الذين يعانون من أثار نوبة قلبية حديثة أو قصور في القلب. وعليه إن التوقف عن تناول الدواء بشكل مفاجئ أو تغيير الجرعات الدوائية يسبب تهديداً هائلاً لصحة المرضى.
ومع كثرة الإشاعات التي حملها الخبر زادت صعوبة الأمر وبين تأكيد خطورة هذه المادة من عدمه جعلت المرضى والأطباء في حيرة من أمرهم، إلى جانب التصريحات المتناقضة التي صدرت من قبل العاملين في وزارة الصحة، وعدم التأكد من صحة المعلومة رغم انتشارها بشكل واسع وسريع حتى تبين أن مادة (فالسارتان) التي مصدرها الصين هي التي تلوثت بمواد مسرطنة، أما المصنعة في ايرلندا وسويسرا فهي سليمة عالمياً، غير أنه لم تظهر معلومة تؤكد ما إن كان مصدر المادة التي يصنع بها الدواء المحلي من المصدر السليم أم الملوث، مما جعل الناس يسألون عن كيفية دخول هذه المادة إلى سورية، فضلاً عن استخدامها في صناعة الأدوية من دون مراقبة صارمة من قبل الصحة.
وكما علم الجميع إن ظاهرة سحب الأدوية التي تحتوي على (فالسارتان) عالمية، ولكن هذا لا يبرر تقصير وزارة الصحة الذي تجلى بشكل واضح بمرور هذه المادة دون رقابة، لأن من أهم واجبات الوزارة إجراء فحوصات دورية روتينية تشمل عينات عشوائية لإجراء ضبط الجودة والنوعية لضمان المحافظة على سلامة المواطنين.
إن هذا الخلل عرّض حياة الملايين من المواطنين للخطر، إلى جانب تحميلهم نفقات استشارة طبيبهم المختص من جديد لتغيير دواء واحد، إلى جانب الرعب النفسي الذي تعرضوا له خوفاً من تأثّرهم بالمواد المسرطنة الذي تبين وجودها في مركب (فالسارتان).
غير أن هناك أمراً أشد أهمية وهو أن ثقة المواطنين اهتزت من جديد بوزارة الصحة وبالقائمين على قسم الأبحاث والرقابة، فكيف ستعيد الوزارة ثقة الناس بها وبمخابرها وبقدرتها على ضبط مرور المواد المستخدمة في تركيب الدواء والتأكد من جودته لضمان الحفاظ على صحة وسلامة المواطنين، وبتحكمها بسعر الدواء بعيداً عن مصالح بعض كبار الحيتان في الصناعة الدوائية.

العدد 1104 - 24/4/2024