الساديّة تخلق النيرونية!

آخر تداعيات السياسات الاقتصادية الليبرالية الجديدة في منطقة اليورو، كانت في إسبانيا، فقد ازداد غضب الشارع الإسباني بعد زيادة ضريبة القيمة المضافة، وخفض أجور العاملين، والسير قدماً في تطبيق السياسات المالية التقشفية. وسبق ذلك إجراءات مماثلة في ألمانية حيث رُفِعَ سن التقاعد وخُفِّض الإنفاق على العام والإنفاق على الخدمات الاجتماعية، وقلّصت الأموال الموجهة نحو مكافحة الفقر والاستبعاد الاجتماعي. وهكذا كان الحال في اليونان وإيرلندا والبرتغال. وأدت هذه الإجراءات التي جرت تحت عنوان (الليبرالية الاقتصادية الجديدة) إلى تأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي، أكثر مما كان، فحدثت تلك الطفرة المذهلة في معدل البطالة والإفقار.

والمفارقة اللافتة أن زعماء الليبرالية الاقتصادية الجديدة يعترفون بما تسببه تلك السياسات من عذاب لقطاعات واسعة من السكان، ويعترفون بسادية سياساتهم بغية تحقيق الهدف الاقتصادي الضروري! لا أعلم ما هو ضروري أكثر من تحقيق رفاهية السكان!

في دولة ما: جرى تطبيق السياسات الاقتصادية الليبرالية الجديدة، وجرى ما جرى من نتائج مشابهة: بطالة (بمعدلات أعلى)، وفقر (بنسب أكبر)، وتهميش الناس وحرمانهم من حقوقهم (معظم الناس)، والاستئثار بالسلطة… والأهم حصر حق الحياة بفئة معينة (لا تتجاوز 1%)، وشهدت شوارع دولة ما حركة احتجاجات واسعة على السياسات الاقتصادية السادية المتبعة، وتحولت المعارضة السلمية إلى العسكرة والتسلح والإرهاب، وبذلك كانت السياسات الاقتصادية المتبعة نوعاً من النيرونية التي أشعلت شرارة النقمة بذريعة تقوية اقتصاد دولة ما، لكن الواقع أن هدفها كان إحراق دولة ما والوقوف على أطلالها، وبهذا سادت الفوضى والجريمة ووقعت الكارثة، وهي تصيب الجميع..!

العدد 1104 - 24/4/2024