من نضالات المرأة السوفييتية في الحرب الوطنية
لعبت المرأة السوفييتية خلال الحرب الوطنية أدواراً متعددة، كان أهمها انضمامها للجيش الأحمر أثناء محاربته للنازية والفاشية.
فقد شغلت المرأة مواقع الرجل الذي ذهب للحرب، فاحتلت مجالات حيوية كالقطاعين الصناعي والزراعي، كما أنها كانت تسيطر على طاقم المستشفيات العسكرية. وأظهرت المرأة السوفيتية إبان الحرب نماذج من العمل المتفاني في المصانع والحقول. وقد سجلت حوادث وفاة في صفوفهن من شدة الجوع دون أن يتركن مواقع العمل.
وكان الجيش الأحمر أول جيش أوربي في القرن العشرين يضم وحدات نسائية نظامية، وبينها الفوج 46 لقاذفات القنابل الليلية، وفوج المقاتلات النسائي رقم586
وتقول الإحصائيات الرسمية إن التعداد الإجمالي للنساء المشاركات في العمليات الحربية بلغ 800 ألف امرأة، وهو ما يشكل قرابة 8% من مجموع تعداد الجيش الأحمر. وأما حصة النساء في وحدات الأنصار السرية في الأراضي المحتلة فبلغت 9.8% أي حوالي 25800 امرأة.
صدر في ثمانينيات القرن الماضي كتاب بقلم الصحفية سفيتلانا أليكسييفيتش بعنوان (الحرب ليست وجهاً نسائياً) ويروي حقيقة حياة المرأة السوفيتية إبان الحرب الوطنية العظمى.
وجاء في الكتاب أن هلاك جندي هو مأثرة من أجل الحياة. أما موت امرأة فهو هلاك للحياة عينها.
ويتذكر أحد الرجال المشاركين في الحرب قائلاً:
(إذا آمن المرء باحتمال موته حكم عليه بالموت. كنا نشعر بالذنب إزاء الشهيدات من النساء، لأنهن استشهدن ونحن بقينا على قيد الحياة).
واليكم سير حياة بعض النساء البطلات في الحرب:
– مارينا راسكوفا: طيارة بطلة عملت في مختبر لمصنع الطائرات، وباحثة في اكاديمية جوكوفسكي لهندسة الطائرات. حطمت مارينا راسكوفا عام 1937 الرقم القياسي في مسافة الطيران وهى ملاحة ضمن طاقم طائرة (آ ي را) السوفيتية الصنع.
بعد نشوب الحرب الوطنية العظمى (1941- 1945) رفعت راسكوفا إلى ستالين طلباً بتشكيل أفواج جوية نسائية، فوافق ستالين على عرضها.
وجرى في أواخر تشرين الأول (أكتوبر) عام 1941 تشكيل الفوج الجوي النسائي لمقاتلات (ياك – 1) والفوج الجوي لقاذفات (سو-2) والفوج الجوي لقاذفات (أو-2) التي أطلق عليها (جنيات الليل). وعينت راسكوفا قائدة لفوج القاذفات الذي حمل اسمها بعد موتها. ومنح فوجها وسامي سوفوروف وكوتوزوف.
لقيت مارينا راسكوفا مصرعها يوم 4كانون الثاني (يناير) عام 1943 في حادث جوي بالقرب من مدينة ساراتوف ودفنت في جدار الكرملين بالساحة الحمراء في موسكو، وأطلق اسمها على شارع في موسكو.
– فالنتينا غريزودوبوفا: طيارة، بطلة الاتحاد السوفيتي وتحمل رتبة عقيد في الجيش السوفييتي.
ترأست عام 1941 لجنة النساء السوفيتيات المناهضة للنازية وكانت عضوة في لجنة التحقيق في جرائم النازيين.
في عام 1942 تولت قيادة فوج الطيران البعيد المدى. وقامت شخصياً بما يزيد عن 200 تحليق جوي بما في ذلك 132 تحليقاً ليلياً. وكانت تقوم بقصف الأهداف المعادية وتنقل المعونات من الذخائر وغيرها من الشحنات العسكرية عبر الخطوط الأمامية للقتال، بغية دعم وحدات الأنصار. ترقت عام 1943 إلى رتبة عقيد في الجيش السوفيتي.
– زويا كوسموديميانسكايا.. بطلة المقاومة والصمود والتصدي، كانت عضوة في مجموعة أنصار سرية كانت تعمل في مؤخرة القوات الألمانية المهاجمة على موسكو. وعبرت مجموعتها السرية الخط الأمامي الألماني في تشرين الثاني (نوفمبر) 1941 وقد حاولت زويا حرق مستودع أسلحة ألماني، لكن الجنود الألمان ألقوا القبض عليها، حيث تعرضت للتعذيب الوحشي، وأعدمت شنقاً في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1941 وقالت وهي تتوجه بكلمتها الأخيرة إلى الجلادين الهتلريين، بحضور أهالي قرية بيتريشيفو الذين جمعهم الألمان ليحضروا عملية إعدامها: ( إن عددنا 170 مليوناً ، وليس بوسعكم شنقنا جميعاً). وظل جثمانها معلقاً طيلة شهر على عود المشنقة. وكانت أول امرأة منحت لقب بطل الاتحاد السوفييتي في أثناء الحرب الوطنية العظمى.
– ليزا تشايكينا: بطلة في وحدات الأنصار السرية، بعد نشوب الحرب الوطنية العظمى ترأست تشايكينا تنظيم الشبيبة السري، وشاركت في عمليات أجرتها وحدة أنصار سرية. كلفت تشايكينا في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 1941 بمهمة جمع المعلومات عن عديد حامية العدو العسكرية بالمنطقة، لكن المخابرات النازية ألقت عليها القبض وقامت بتعذيبها لحملها على كشف المعلومات عن وحدتها السرية، وفشلت في ذلك، فأعدمت بالرصاص في 6 آذار (مارس) 1942 على أيدي الجزارين النازيين. فمنحت لقب بطل الاتحاد السوفيتي.
– ليديا ليتفياك: انضمت عام 1942 إلى فوج 586 (فوج الطيران النسائي) وتدربت على قيادة طائرات من نوع (ياك – 1) تمكنت في 13 أيلول من إسقاط قاذفة المانية من نوعju – 88) ) ومقاتلة من نوع (مي – 109) كان يقودها بارون ألماني سبق أن انتصر في 30 معركة جوية. في 11 شباط عام 1943 تمكنت من إسقاط طائرتين معاديتين وتعرضت طائرتها الإصابة مما اضطرها إلى الهبوط في منطقة كانت تحت سيطرة الألمان، وعندما حاول الألمان أسرها، أسرع أحد زملائها إلى نجدتها، بعد أن هبط بطائرته والتقطها وطارا معاً إلى قاعدتهما. في نهاية شهر أيار تمكنت ليديا من إسقاط منطاد ألماني كان ينظم نيران المدفعية الأرضية، منحت على أثرها وسام الراية الحمراء.
هذه نماذج من النساء السوفيتيات اللواتي انخرطن بقناعة وجدارة في الحرب الوطنية جنباً إلى جنب مع الرجل، بل وقمن بتغطية غياب الرجل في العديد من المواقع الأخرى.