العقل.. والعقلاء..

بسبب قلة العقلاء من حولنا نجد المجانين يتكاثرون.. والعقل في الإنسان هو كالبوصلة للبحّار، والعين السليمة بالنسبة للصياد، والضوء الذي ينير الطريق أمام بني آدم.

وقد قسم أهل العلم والفلسفة العقل إلى قسمين:

قسم لا يقبل الزيادة والنقصان، وقسم يقبلهما، فأما الأول فهو العقل الغريزي، وأما الثاني فهو العقل التجريبي، وهو مكتسب وتحصل زيادته بكثرة التجارب والوقائع، وباعتبار هذا يقال: إن المشايخ أكمل عقولاً، وأتم دراية، وان أصحاب التجارب أكثر فهماً، وأرجح معرفة، وقيل: العقل غريزة تربيتها بالتجارب.

العقل يخطط،  والأيادي تنفذ، والقلب يدفع الثمن.

وأصحاب العقول الصغيرة خططهم تنحصر بشجاعتهم في لسانهم، وضرب المواعيد الكاذبة، ومهاجمة الأفكار التي تفوقهم حجماً، وقيمة، ومعنى.

وأبداً لايقاس صوت الحسون  بشخير الخنازير، ولا ضوء الشموع بألق النجوم، ولا تحليق الصقور برفرفة الحمام، ولا ضجيج المنافق باتزان الحكيم وهدوئه.

وما أكثر الذين يأكلون العسل على أمل أن تكبر عقولهم، وتتسع صدورهم، ولكن هيهات أن ينبت الورد من البصل، والياسمين من الفجل.

(إن قوة الإنسان الحقيقية في عقله لا في جسده، والعقل كمظلة الطيار لا تنفع حتى تنفتح..  والعقول القوية لا يهمها أي شيء.. إنها تعمل في كل الظروف كساعة وسط العواصف).

انقسم العقل في السنوات القليلة الماضية إلى قسمين: الأول يعمل لخدمة الإنسانية، والثاني يجاهد ويكافح لدمارها وتخريبها، فهو أشبه بقنبلة في يد الصغار ونور في قلوب الكبار.

قالوا: عقل بلا أدب كشجاع بلا سلاح.

وقال بعض الحكماء: لو كان الناس كلهم عقلاء، ما أكلنا رطباً، ولا شربنا عذباً، يعني: أن العقلاء لايقدمون على صعود النخل لاجتناء الرطب، ولا على حفر الآبار لاستنباط الماء لما في ذلك من الخطر. par وقالوا: ثلاث يعرف بها العاقل:

إقباله على شأنه، وملكه لسانه، ومداراته لأهل زمانه.

قد يسقط العقلاء أحياناً في الوحول، لكن شرفهم وكرامتهم لا يمكن أن تلوثها اقذار الوحول والمياه العكرة، فلا يضر الجواهر الثمينة ولا ينقص من قدرها سقوطُها في بركة مليئة بالحشرات والضفادع. لكنها لن تتمكن من أن تسبق السلاحف الحكيمة، وإن كانت أرجلها من ذهب.

ولا خير في حسن الجسوم وطولها

 إذا لم يزن حسن الجسوم عقول

(وإن من أحمد الأشياء في الإنسان: زيادة العقل على اللسان).

العدد 1140 - 22/01/2025