الإرهابيون لا مكان لهم في مفاوضات التسوية
تتكثف الاتصالات الدولية، ويهرول ستيفان دي ميستورا من بلد إلى آخر سعياً لتنفيذ استحقاق بدء المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة بتاريخ 25/1/،2016 هذا الاستحقاق الذي اتفق عليه بعد اجتماعَي فيينا، وكُرّس وحُدد موعده في القرار الدولي 2254 الصادر عن مجلس الأمن الخاص بالتسوية السياسية للأزمة السورية.
لقد سمع ديمستورا ما كان يتوقع سماعه في دمشق: نحن جاهزون للذهاب والتفاعل مع هذا الاستحقاق، لكننا لن نفاوض الإرهابيين، ونؤكد ضرورة تطبيق القرار 2253 الداعي إلى وقف جميع أشكال الدعم للمجموعات الإرهابية، فهم خارج أي عملية سلمية.. وهذا ما نراه تطبيقاً للقرارات الدولية الخاصة بالحل السياسي للأزمة السورية على قاعدة مكافحة الإرهاب..
حتى كتابة هذه السطور، لم تتوافق القوى الدولية والإقليمية المتدخلة في الأزمة السورية، بشأن (القائمة) التي تتضمن أسماء المجموعات الإقليمية الإرهابية التي سيطبق بشأنها القرار ،2253 وتبذل الولايات المتحدة وشركاؤها السعوديون والقطريون والأتراك جهوداً مستمرة لاستثناء بعض المنظمات الإرهابية من هذه القائمة، لكن الرد الروسي كان قاطعاً: لا نقبل وجود الإرهابيين على طاولة التفاوض. ورغم تأكيد المسؤولين في إيران والسعودية عدم تأثّر سعيهما من أجل حل الأزمة السورية، فإن تدهور العلاقات بينهما، على خلفية إعدام الشيخ النمر، وإحراق السفارة السعودية في طهران، سيؤثر بهذا الشكل أو ذاك في سير التحضير لتنفيذ الاستحقاقات الواردة في القرار 2254.
في هذه الأثناء يستمر إحراز الجيش السوري الباسل النجاحات في تصدّيه وملاحقته للإرهابيين في جميع المناطق السورية، في القنيطرة ودرعا ومحيطها وفي ريف دمشق وجبال اللاذقية وحماة، ويكبد الإرهابيين خسائر بالغة، وتتناقل وسائل الإعلام العربية والعالمية معلومات عن هروب مئات الإرهابيين وانشقاقهم وتسلّلهم إلى تركيا ومنها إلى أوربا، تحت ضغط نيران القوات المسلحة السورية وغارات سلاح الجو الروسي.
معارضو الائتلاف مازالوا يصرّون على وحدانية تمثيلهم لجميع أطياف المعارضة، وبدؤوا يضعون شروطاً تعجيزية للاستحقاق التفاوضي، وهم مدعومون بآل سعود، وسيحاولون نسف الأسس التي اتفق عليها في فيينا، والواردة في القرار ،2254 أما بقية أطياف المعارضة (الخارجة) عن مزاج الائتلافيين، فتسعى عبر لقاءات تنسيقية إلى المشاركة في المفاوضات، وتتواصل من أجل ذلك مع القوى الدولية الكبرى وممثلي الأمم المتحدة.
الأداء السياسي السوري الواقعي، والتقدم على الصعيد العسكري الذي يحرزه الجيش السوري، لم يقابله توازن في الأداء الاقتصادي والاجتماعي للحكومة السورية، فهي مازالت غائبة عن معالجة معاناة المواطنين السوريين المعيشية، ومازالت تعلّق تقصيرها على شمّاعة تداعيات الأزمة ومفاعيلها، ومازالت تتجاهل تردّي أوضاع الجماهير الشعبية رغم تصريحات المسؤولين الحكوميين في وسائل الإعلام، ورغم الإجراءات المتخذة على الورق!
مازال أسياد الأسواق يتحكّمون بلقمة المواطن، أما ليرته السورية فتتقزّم أمام عينيه، وتبقى الحقيقة الوحيدة الماثلة أمامه هي معاناته وتراجع دخله الحقيقي، وهجرة أولاده، رغم أنه المساند الحقيقي للصمود السوري!
ورغم الآلام التي سببتها سنوات الجمر الخمس، و رغم المعاناة المعيشية، سيبقى شعبنا صامداً، مسانداً لجيشه الوطني، مصمماً على رسم غد سورية عبر حواره الوطني، وهو يريده غداً ديمقراطياً، علمانياً، مدنياً، معادياً للإمبريالية والصهيونية والرجعية والإرهاب.