شراكةُ إمبرياليةُ صهيونية في دعم نازية زيلنسكي وإبادة الفلسطينيين

رزوق الغاوي:

على عاداتها القديمة الجديدة، تواصل الإدارة الأمريكية ممارسة مواقفها المتناقضة وسياساتها الملتبسة تجاه المسألتين الفلسطينية والأوكرانية، بعيداً عن أي منطقٍ عقلاني مشروع أو معيارٍ واحدٍ محدد، لما فيه خدمة سياستها المعهودة واستراتيجيتها العامة، ماضية هذه المرة في ابتكار كذبة مكتملة الوضوح، بإعلان جو بايدن إنشاء ميناء على ساحل غزة تحت زعم أمريكي عجيب غريب مكشوف بشأن إرسال مساعدات للشعب الفلسطيني، وتكليف القوات الإسرائيلية بِنَقلها إلى برِّ غزة!!

إعلان بايدن هذا، المتزامن مع تأكيده المضي في دعم نظام زيلينسكي النازي، والكيان العنصري الصهيوني، بالمال والسلاح، أثار الكثير من التساؤلات حول نية إدارته استخدام هذا الميناء للتغطية على هدف واشنطن تحويله إلى قاعدة عسكرية أمريكية تشكل بداية لـشنّ (عدوان عسكري أمريكي مباشر ضد القطاع)، وخاصة  بعد إعلان بايدن أن (الإسرائيليين هم الذين سيؤمنون الميناء لتقديم المساعدات إلى غزة)،  في حين تواصل إدارته دعم تل أبيب بالأسلحة التي تستخدمها في تنقيذ حرب إبادة ممنهجة للفلسطينيين، وخاصة في أثناء الغارات التي تستهدف الفتيان الفلسطينيين اللاهثين وراء التقاط الفُتات من تلك المساعدات في مجازر لم يسبق لها مثيل، ما يؤكد المشاركة الأمريكية الفعلية والمباشرة في حرب الإبادة تلك، ويؤكد مجدداً ذهاب واشنطن بعيداً في انتهاج المعايير المزدوجة التي تستمر الإدارة الأمريكية في ممارستها العلنية، في خرقٍ فاضح وتحدٍّ فجٍّ لجميع القوانين والمواثيق الدولية.

وفي استعراض ٍسريع للقرارات والمواقف التي تتخذها وتقفها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، المحكومة على الدوام بتنفيذ إرادة  اللوبي الصهيوني، يمكن تأكيد حقيقة الإصرار الأمريكي على الانحياز وعدم الحياد في التعاطي مع القضايا الدولية، انطلاقاً  من المصالح الصهيونية البحتة ومصالح أباطرة الصناعة الحربية وملوك النفط وموارد الطاقة الأخرى، ونهبها من العديد من بلدان العالم، وتوظيف الضرائب الفاحشة المستنزفة من عرق المواطن الأمريكي، لتغطية نفقات السيناريوهات العدوانية ضد شعوب العالم وسلب حقوقها المشروعة، ودعماً للأنظمة النازية والفاشية والعنصرية العميلة لها، ولعل في الدعم المفتوح للنازية الأوكرانية والعنصرية الصهيونية خير دليل على ذلك .

وتبدو مفيدة الإضاءة على رؤى شخصيات ودوائر دولية تنتقد السياسة الأمريكية والغربية المنطلقة من معايير مزدوجة، فقد أكد رئيس الوزراء السويدى السابق كارل بيلدت أن (معظم العالم يرى معايير الغرب المزدوجة تجاه قضيتي غزة وأوكرانيا).

وقال الدبلوماسي الأوربي جوزيب بوريل فونتيليس أمام البرلمان الأوربى مؤًخراً (أن قطع إمدادات المياه الأساسية لمجتمع بشري تحت الحصار وحرمانه منها، يشكل انتهاكاً للقانون الدولي ويتعارض معه، بغضّ النظر عن مكان حدوثه.

ورأى محرر الشؤون الدبلوماسية في صحيفة الغارديان البريطانية باتريك وينتور أن (مراوغة الغرب بشأن غزة تكشف نظاماً عالمياً يواجه تمرداً على هيمنته على الخطاب الدولي، وقد يأتي النفاق الصارخ بثمن باهظ، من حيث فقدان المصداقية وإلحاق الضرر بالهيبة العالمية وتضاؤل احترام الذات، وأصبح لازدواجية تعامل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، مع مسألتي أوكرانيا وغزة، تأثير حقيقي على العلاقات بين شمال العالم وجنوبه وبين غربه وشرقه، ما يخلق عواقب قد يتردد صداها لعقود).

المسؤول في المجلس الأوربي للعلاقات الخارجية جوليان بارنز ديسي يرى (أن الضرر الذي لحق بالمكانة الأمريكية قد يكون محسوساً في نهاية المطاف ليس في الجنوب العالمي بل في الغرب نفسه، وقد يشعر الأوربيون بهذه الضربة أكثر من الجنوب العالمي وإن رد فعل الغرب على ما يحدث في غزة، وعدم قدرتنا على إدانة إسرائيل، لم يوقظ فجأة الجنوب العالمي على الكيل بمكيالين وحسب، بل أكد له مجدداً ما يعتقده).

الأحد 17/3/2024

العدد 1104 - 24/4/2024