للمرة الرابعة في تاريخها.. الأمم المتحدة تفعّل المادة 99 من ميثاقها.. فماذا يعني ذلك؟!

علي شوكت:

تنص المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة على أن الامين العام للأمم المتحدة أن ينبّه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى فيها أنها قد تهدد الأمن والسلم الدوليين. وهي أهم مادة من بين خمس مواد تحدد مهام الأمين العام وتندرج تحت الفصل الخامس عشر من الميثاق.

وهي تعطي للأمين العام للأمم المتحدة دوراً في وقف أي تهديد للأمن والسلم الدوليين، لكنها في الوقت نفسه لا تعطيه القدرة العملية على حسم وقف أي حالة تهدد الأمن والسلم الدوليين. لكنه يضع المسؤولية على عاتق أعضاء مجلس الأمن لإقرار ما يجب إقراره حسب آليات المجلس.

تاريخياً جرى تفعيل المادة 99 لأول مرة عام 1960 إبان الحرب الأهلية في الكونغو في عهد الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة داغ همر شولد، وقد اعتمد القرار آنذاك في اجتماع مجلس الامن رقم 143 في الرابع عشر من تموز للعام نفسه الذي دعا فيه مجلس الأمن إلى سحب القوات البلجيكية ونشر قوات حفظ السلام.

وفي المرة الثانية جرى تفعيل المادة المذكورة أيضاً عام 1979. بقرار مجلس الأمن رقم 457 في الرابع من كانون الأول عقب الثورة الإسلامية في إيران واحتجاز 52 مواطناً أمريكياً كرهائن. وقد جرى الافراج عن الرهائن بعد اتفاق الجزائر في 19 كانون الثاني 1981

وفي المرة الثالثة أيضاً وجّه الأمين العام للأمم المتحدة خافيير بيريز دي كوييار خلال الحرب الأهلية اللبنانية، فقد أرسل إلى مجلس الأمن رسالة دعا فيها مجلس الأمن للانعقاد في الخامس عشر من آب لعام 1989 لبحث الأزمة اللبنانية والعمل على وقف الاقتتال الفوري بين جميع الأطراف المتحاربة ودعم جهود الجامعة العربية من أجل وقف الحرب.

في هذه المرة دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في رسالة موجه إلى مجلس الأمن لتفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة في 6 كانون الأول الجاري، فقد حث الأمين العام للأمم المتحدة أعضاء مجلس الأمن للضغط من أجل تفادي وقوع كارثة إنسانية داعياً إلى وقف إطلاق النار فوراً.

وجاء في رسالته: (أكتب إليكم بموجب المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة كي أسترعي انتباه مجلس الأمن إلى مسألة أرى أنها قد تفاقم التهديدات القائمة والتي تهدد صون الأمن والسلم الدوليين.

لا يوجد مكانٌ أمن في غزة. إننا نواجه خطراً جسيماً يتمثل في انهيار المنظومة الإنسانية، فالحالة تشهد تدهوراً سريعاً إلى كارثة بما تنطوي عليه من تداعيات، وربما لكي يكون ثمة سبيل لإزالتها وعكس مسارها على الفلسطينيين، وعلى السلام والأمن الدوليين في المنطقة. ويجب تفادي هذه النتيجة بأي ثمن).

كما جاء في رسالة الأمين العام: (إن المجتمع الدولي تقع على عاتقه استخدام كل ما في جعبته من نفوذ لمنع المزيد من التصعيد)، حاثاً مجلس الأمن في مناشدته على الإعلان عن وقف إطلاق النار الفوري لدواعٍ إنسانية وتجنيب المدنيين المزيد من الأذى، من أجل إيصال المساعدات بشكل أمن إلى جميع أنحاء غزة. وعلى أثرها عقد مجلس الامن اجتماعاً في الثامن من كانول الأول الجاري وقدمت دولة الإمارات مشروع قرار لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية ووجوب أن تلتزم الاطراف المتصارعة بموجب القانون الدولي وتمتثل للقانون الدولي الإنساني. وقد فشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع القرار بسبب الفيتو الأمريكي وامتناع المملكة المتحدة عن التصويت بمقابل 13 صوتاً لصالح مشروع القرار.

إن تفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة وعلى شكليته في المقدرة على حسم أي صراع أو أي تهديد للأمن والسلم الدوليين إلا أنه في هذه المرة شكل علامة فارقة سياسياً على الرأي العام الدولي ودليلاً على أن العدو الإسرائيلي يشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين وأنه يشكل خطراً واضحاً على المنطقة، وبذلك فإنه يحمّل الكيان الصهيوني كامل المسؤولية عما يحصل في غزة، وهذا ما أثار غضب أحد مسؤولي الكيان واصفاً الأمين العام للأمم المتحدة بأشد العبارات داعياً لإقصائه عن منصبه.

العدد 1105 - 01/5/2024