قمة العشرين.. الحرب الصامتة

تأسست مجموعة العشرين في عام 1999، وتضم إضافة إلى الدول الأعضاء في مجموعة بريكس (الصين، روسيا، الهند، البرازيل، جنوب إفريقيا): الأرجنتين،

أستراليا، كندا، فرنسا، ألمانيا، إندونيسيا، إيطاليا، اليابان، كوريا الجنوبية، المكسيك، السعودية، تركيا، بريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وقد اعتُرف في القمة الاخيرة التي عقدت مؤخراً في الهند بالاتحاد الإفريقي كعضو دائم في المجموعة.

ويمثل أعضاء G20 نحو 85٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 75٪ من التجارة العالمية، وأكثر من ثلثي سكان العالم.

بداية كان التمثيل في المجموعة على مستوى وزراء المالية ومحافظي البنوك، ثم تحول في عام 2007 إلى مستوى قادة ورؤساء الدول، كذلك كان البدايات لمناقشة القضايا الاقتصادية والمالية العالمية، لكنها وسعت جدول أعمالها ليشمل التجارة وتغير المناخ والتنمية المستدامة والصحة والزراعة والطاقة والبيئة وتغير المناخ ومكافحة الفساد.

 

قمة نيودلهي الأخيرة.. الحرب الصامتة!!

شبكة نقل ضخمة من الولايات المتحدة الأمريكية إلى الهند

 

الغرض من المشروع هو أن يكون رداً على (طريق الحرير الجديد) الذي أطلقته الصين: اتفق الاتحاد الأوربي، الولايات المتحدة، الهند، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على مشروع مشترك ضخم للبنية التحتية خلال قمة مجموعة العشرين.

يهدف مشروع البنية التحتية الضخم إلى ربط الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا والشرق الأوسط والهند بشكل أفضل.

وقال الرئيس الأمريكي (جو بايدن) خلال القمة: إن الولايات المتحدة والهند والسعودية والإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأوربي اتفقت على مذكرة تفاهم لمشروع مشترك للسكك الحديدية والشحن.

 

تسريع التجارة بنسبة 40 بالمئة

ووصفت رئيسة المفوضية الأوربية (أورسولا فون دير لاين) الاتفاق بأنه (تاريخي).  وتحدثت عن العلاقة الأكثر مباشرة حتى الآن بين الهند والخليج العربي وأوربا.  وسيعمل خط السكك الحديدية بين الهند وأوربا على تسريع التجارة بنسبة 40 بالمئة.

كما تحدث الرئيس الأمريكي عن (ممر اقتصادي تاريخي).  وقال جيك سوليفان، مستشار بايدن: إن المشروع يهدف إلى تعزيز النمو في العديد من المناطق الحيوية في العالم. ولابد أيضاً من تحسين التكامل في مختلف أنحاء الشرق الأوسط ـ بإشراك (بعض الشركاء غير المتوقعين) في المنطقة (يقصد إسرائيل).

وتتمثل الخطة في إنشاء (بنية تحتية مستدامة وعالية المستوى) من شأنها سد الفجوة العالمية وتمكين المزيد من الازدهار وتحسين الاتصال بالمناطق الرئيسية في جميع أنحاء العالم.

وبحسب البيت الأبيض، يمثل المشروع فرصة عظيمة لمنطقة الشرق الأوسط للعب دور رئيسي في التجارة العالمية والاتصالات الرقمية والطاقة.

ويتضمن جزء من المشروع أيضاً توسيع شبكات الكهرباء ومشاريع الطاقة وكابلات البيانات عالية السرعة. ومن خلال كابلات الطاقة وخط أنابيب للهيدروجين النظيف، سيتم أيضاً تعزيز التجارة بالطاقة النظيفة بين آسيا والشرق الأوسط وأوربا.

ووفقا للمعلومات الأمريكية، فإن خطوط الأنابيب القادمة من إسرائيل ستعمل، من بين أمور أخرى، على توصيل الهيدروجين النظيف إلى أوربا.  وقال سوليفان إنه (من المهم أن تكون إسرائيل جزءاً من هذه الرؤية).  لكنه أكد أن هذا ليس مقدمة لتطبيع العلاقة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.

ومن المقرر أن يتم تمويل المشروع، من بين أمور أخرى، من خلال مبادرة البوابة العالمية للاتحاد الأوربي. ومن المتوقع أن يستثمر هذا ما يصل إلى 300 مليار يورو في البنية التحتية للدول الناشئة والنامية خلال السنوات القليلة المقبلة.  وتتنافس هذه المبادرة مع مبادرة البنية التحتية الصينية التي يطلق عليها (طريق الحرير الجديد)، التي تعمل عليها جمهورية الصين الشعبية في العديد من الدول منذ سنوات.

 

خطوط جديدة إلى إسرائيل!!

جزء من المشروع المعلن عنه الآن هو أيضاً توسيع شبكات الكهرباء ومشاريع الطاقة. يتم أيضاً تضمين كابلات البيانات عالية السرعة في الخطة. ووفقاً للمعلومات، سيتم أيضا تعزيز التجارة بالطاقة النظيفة بين آسيا والشرق الأوسط وأوربا من خلال كابلات الطاقة وخط أنابيب للهيدروجين النظيف. وفقاً للبيت الأبيض، فإن خطوط الأنابيب التي سيتم مدها من إسرائيل إلى أوربا ستوفر الهيدروجين النظيف إلى أوربا.

وحقيقة أن إسرائيل جزء من المبادرة أمر لافت للنظر.  وكانت هناك تقارير مؤخراً عن تقارب محتمل بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل.

ويُنظر إلى المشروع المعلن عنه الآن أيضاً على أنه استجابة لـ (طريق الحرير الجديد) الصيني.  وكان محللون اقتصاديون وسياسيون قد ذكروا: أن مبادرة واشنطن هذه هدفها كبح نفوذ الصين في الشرق الأوسط.

ومن خلال (طريق الحرير الجديد)، تدعم الصين مشاريع البنية التحتية في جميع أنحاء العالم وتريد فتح طرق تجارية جديدة إلى أوربا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا.  وقد أبرمت العديد من الاتفاقيات مع جميع الدول العربية تقريباً

 

البيان الختامي

قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، إن قمة مجموعة العشرين في نيودلهي توصلت إلى توافق حول الإعلان الختامي لزعمائها، وذلك رغم الخلافات الرئيسية فيما بينهم والتي تتعلق بتوصيف الحرب الروسية- الأوكرانية.

وجاء في الإعلان: توصل مفاوضون من أقوى 20 دولة في العالم إلى توافق بشأن اللغة التي يمكن استخدامها للإشارة إلى الحرب في أوكرانيا (لم يعتمدوا تسميتها بالحرب الوحشية الروسية)،

وقد أعلن قادة مجموعة العشرين (كما في نهاية كل قمة عالمية) أنهم سيدعمون الجهود المبذولة لزيادة القدرة العالمية للطاقة المتجددة 3 مرات بحلول العام 2030، متعهّدين بتسريع العمل لمكافحة تغير المناخ.

تغيّب عن القمة الرئيسان الصيني والروسي، وبهذا الصدد يقول المحللون الروس، إن هذه القمة ليس لها أية قيمة في المنظور السياسي الروسي، وخاصة أن معظم المشاركين هم من الداعمين للحكومة الأوكرانية ويمدون الجيش الأوكراني بالأسلحة المتطورة.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد اتهم الغرب (بتقويض دور المؤسسات الدولية) من خلال الدفع بأجندته الخاصة.

ملوّحاً قبل انعقاد القمة، بأن بلاده ستمنع صدور إعلان ختامي لقمة مجموعة العشرين ما لم يُتبنّ موقف واضح فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا.

عن (دير شبيغل) الألمانية

ترجمة فادي نصار

العدد 1105 - 01/5/2024