القرار 2254 وموازين القوى

يقول السيد نيبنزيا المندوب الدائم لجمهورية روسيا الاتحادية في مجلس الأمن الدولي:

– مجلس الأمن بات خاضعاً للدول الغربية ولم يتجاوب مع ملاحظات كثير من الدول، للتعاطي مع العقوبات بصورة بناءة..

– مجلس الأمن تحول إلى بوق دعائي ينشر الأكاذيب في موضوع أوكرانيا..

– لبنان طلب زيادة التنسيق مع الحكومة في عمل القوات الدولية (اليونيفيل)، لكن طلبه تعرض للتجاهل من قبل الدول الغربية.

إذاً.. روسيا الاتحادية تصف واقع مجلس الأمن الدولي بأنه مهيمن عليه من الغرب، وروسيا القوية هي رأس الحربة في الصراع من أجل إنهاء النظام الدولي ذي الهيمنة القطبية الأحادية.. وهي صاحبة مبادرة ومسار (أستانة) حول الأزمة السورية كمدخل ميسر ومفكك للعقد الموجودة في مسار تطبيق القرار الدولي (٢٢٥٤)..

لكن هناك من يرى، أن إعاقة تطبيق هذا القرار، والمضي فيه يأتي بشكل رئيسي من النظام السوري أو المتشددين فيه (كما يصفونهم)..

لو افترضنا مثلاً.. والافتراض لن يكلفنا شيئاً، سوى أن نجمع المعطيات الحالية ذهنياً.. أننا استيقظنا غداً على قرار رسمي من الدولة السورية ينص على (أن الحكومة السورية واستجابة لدعوات المضي في تطبيق القرار الدولي٢٢٤٥ من قبل المجتمع الدولي وبعض الدول العربية إضافة إلى المطالبات من قبل المعارضات الداخلية والخارجية.. فإننا نعلن استعداد الدولة السورية للقبول بتنفيذ كل ما يخصها من بنود القرار).

المعروف بحسب هذا القرار أن البند الثاني بعد الاتفاق حول مسودة الدستور.. هو تشكيل مجلس حكم انتقالي يقود سورية للإشراف على تطبيق باقي بنود القرار الدولي سواء الاستفتاء على مسودة الدستور أو انتخابات رئاسية وبرلمانية.. إلى جانب الإشراف والمراقبة من قبل المؤسسات الدولية على كامل العملية السياسية الجديدة.. وفق هذا القرار.

الآن.. هنا المشكلة الحقيقية (والاستعصاء الفعلي).. من سيشكل هذا المجلس الانتقالي ذو الصلاحيات السوبرمانية؟؟

المعروف أن المعارضة السورية الخارجية مهيمَن عليها من قبل الغرب وتركيا والخليج.. أي أن كل هؤلاء سيلعبون دوراً رئيسياً في اختيار الشخصيات التي ستمثل المعارضة الخارجية في مجلس الحكم الانتقالي.. وهم يمتلكون قواعد عسكرية تحتل أجزاء مهمة وواسعة من الأراضي السورية (الأمريكي والتركي) ولديهم ولاءات مسلحة.. ذات طابع قومي.. وعشائري.. وجهادي تكفيري… ومذهبي مناطقي.. والمتنفذون من هؤلاء قد طفحت جيوبهم وأرصدتهم من وراء محاصصات من نهب الثروات السورية وأتاوات الحواجز.. ويغريهم بقاء الوضع القائم كما هو.. ولا مانع لديهم أن يكون القرار الدولي ٢٢٥٤ من حيث التنفيذ له طابع المحاصصة بحيث يستمر النفوذ والنهب بل تصبح مقوننة دستورياً من خلال إنشاء كانتونات حكم.. وإضعاف دور المركز أيضاً من خلال الدستور..

هذا هو واقع الحال.. وما جرى من صراع مسلح في الجزيرة السورية مؤخراً.. كان صراعاً على النفوذ وتقاسم الثروات المنهوبة.. وإعادة توزيعها من قبل المحتل الأمريكي لتوسيع دائرة الولاءات له ولمشاريعه.

وما جرى في السويداء من رفع البعض لأعلام مذهبية مناطقية.. جزء من مشروع إضعاف مركزية الدولة السورية كوحدة سياسية اقتصادية اجتماعية.

هناك لعب ثقيل يحصل.. الأمريكي والتركي لم يأتوا إلى أرضنا (للسياحة العسكرية)..

بموازين القوى الدولية الحالية.. وبحجم التدخل العسكري للناتو وحلفائه وأتباعه ومرتزقته.. لن ينتج عن الحل السياسي عبر تنفيذ القرار ٢٢٥٤.. وبالظروف الداخلية هذه.. إلا شتات لكيان كان اسمه: سورية.

“الميادين”

العدد 1107 - 22/5/2024