(الشيوعي السوداني): نحو جبهة شعبية عريضة ضد الحرب وتداعياتها

أصدر المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني البيان الجماهيري التالي:

جماهير الشعب السوداني:

ونحن في بداية الشهر الرابع منذ اندلاع حرب القوى المضادة للثورة وجنرالاتها، يشتد أوار الحرب في كل بقعة من بقاع العاصمة الخرطوم ومدن دارفور وكردفان وتمتد حتى ولاية الجزيرة وسوف تتمدد إلى أماكن أخرى إذا ما تواصلت، حرب ضروس تستهدف إنسان هذا الوطن؛ أطفالاً ونساء ورجالاً بكل ويلاتها من قتل للمدنيين وترويع واغتصاب واعتقال واختطاف وسلب ونهب وتدمير للبنى التحتية ومؤسسات الدولة العامة والخاصة ودور العلم والثقافة، وماتسببت فيه من تهجير قسري ونقص مريع في خدمات الصحة والمياه والكهرباء، وتوقف لعملية الإنتاج وتوفير الغذاء مع تدمير ونهب للمصانع والمخازن – أضف لذلك توقف صرف أجور العاملين و العاملات الشيء الذى فاقم من معاناة قوى البلاد العاملة في كل القطاعات وأسرهم، بجانب الفشل الذريع في فتح المسارات وإيصال المساعدات للمتضررين في العاصمة والولايات، ويعم الخوف من أن تتحول هذه الحرب إلى حرب قبلية إثنية وعنصرية تمتد إلى الدول المجاورة آخذين في الاعتبار التداخل القبلي الواسع في إفريقيا.

يحدث كل ذلك ونحن نشهد عجز المجتمع الاقليمي والدولي عن إيقاف الحرب بالاكتفاء بدعواتهم المتكررة إلى إيقاف الحرب و(فوراً)! وفتح المسارات وإعلان إحصائيات القتلى والنازحين واللاجئين.

إن الحزب الشيوعي يثمن المبادرات الدولية التي تمت وأولها مبادرة جدة برعاية وجهود المملكة العربية السعودية وأمريكا، والتي توصلت إلى حوارات غير مباشرة بين طرفي الاقتتال وكانت حصيلتها إحدى عشرة هدنة وللأسف لم تفلح جميعها في الغرض منها بإيقاف الحرب وفتح المسارات لإيصال العون الإنساني للمتضررين، فقد افتقدت هذه الهدن والتي وافق عليها الطرفان إلى الرقابة الفاعلة على الأرض ومراقبة منتهكيها. كما أن المحادثات في جدة قد توقفت لفترات لأسباب ليست كافية أو مقنعة، منها ما ذهبت إليه أمريكا من أن الطرفين المتقاتلين لا يلتزمان بالهدن! أو أن المحادثات لن تتواصل إلا إذا طلبا ذلك!  وقد لجأت أمريكا بعد ذلك إلى سن عقوبات على شركات يملكها الجيش والدعم السريع، ولكن من خلال التجارب الدولية فإن هذا النوع من العقاب لا يجدي فتيلاً خاصة في مثل هذه الحرب. ومؤخراً بتاريخ 10 تموز (يوليو) انعقدت قمة منظمة الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) التي قاطعها الجيش، بحضور ممثلين للولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوربي وعدد من دول الإقليم ودول الجوار حيث خرجت بمناشدات لإيقاف الحرب ووقف غير مشروط لإطلاق النار وفتح المسارات لإيصال المساعدات للمتضررين وأنه لا يوجد حل عسكري للصراع. وبعدها انعقدت قمة دول جوار السودان التي تتأثر كثيراً بهذه الحرب وتداعياتها وأكدت على سيادة السودان وعدم التدخل في شؤونه وناشدت الطرفين بإيقاف الحرب وتكوين آلية وزارية لإيقافها. وقد مضى زمن ليس بالقصير على كل ذلك والحرب تودي بأرواح المدنيين وتفاقم من معاناتهم.

جماهير الشعب السوداني:

إن الحرب مستمرة بأعنف ما تكون. ويتواصل إمداد الطرفين بالسلاح والعتاد من دول مجاورة، وهو أمر محظور، دون أي عقاب للفاعلين من قبل مجلس الأمن، ويكشف المؤتمر الوطني المحظور بمشاركة قياداته الهاربة من السجون، عن دوره في الحرب وأهميتها لبقائه (وعودته للحكم ثانية) وذلك في جولة لقياداته بشرق السودان، طالباً فيها تجنيد وتدريب الشباب للحرب دعماً للجيش، ذلك رغم أن الكباشى، ونتيجة للضغوط المحلية والخارجية قد أكد على أهمية التفاوض في جدة لإيقاف الحرب (ولنفس السبب كوّن الدعم السريع لجنة للحوار مع القوى المدنية والسياسية لحسم الصراع)! وكل ذلك يعتبر ذراً للرماد ولا يعامل بجدية.  فالحرب مستمرة بقساوة ويسعى الطرفان لتحسين وضعهما التفاوضي أو لهزيمة أحدهما الآخر وهو الشيء الذي لن يحدث، والمتضرر الأكبر هو السودان وشعب السودان.

إن الحل للخروج من هذا الوضع الكارثي الذي يهدد بقاء السودان يكمن في أيدي بنيه وبناته؛ فالسودان بلد يذخر بموارد هائلة حجماً ونوعاً لا توجد في أي بلد آخر، الشيء الذي جعله هدفاً للأطماع الداخلية والإقليمية والدولية، فأصبحت تتنازعه أهواء الدول ومطامعها وما على شعب السودان الحر إلا أن يحزم أمره ويواجه الوضع الراهن بالاصطفاف في جبهة شعبية عريضة ضد الحرب وتداعياتها ويوحد المبادرات الوطنية و الجبهة النقابية التي تقف ضد الحرب ويستنفر لجان المقاومة والقوى المدنية والأحزاب والتنظيمات النسائية وأن يعملوا بجد عبر كافة الوسائل والسبل؛ بتسيير المواكب ورفع المذكرات والوقفات حتى تقف الحرب وتصل المساعدات الإنسانية للمتضررين ويعود النازحون واللاجئون إلى ديارهم و تسترد ثورة ديسمبر المجيدة زخمها لتحقيق أهدافها واستدامة السلام ومفارقة سياسات التبعية والفقر والتخلف والانطلاق إلى رحاب الدولة المدنية الديمقراطية ذات السيادة الوطنية.

لا للحرب.. نعم للسلام

المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني

24 تموز (يوليو) 2023م.

العدد 1107 - 22/5/2024