سيناريو غربيٌ ساذجٌ للنيل من روسيا

رزوق الغاوي:

تخبطاتٌ غير مسبوقة وخيباتٌ متتابعة أصابت وتصيب الغرب المتكالب في عدائه لروسيا وشعبها ورئيسها، عبر إطلاق جملة من ردود الفعل الغربية المتوترة والطائشة يُمنةً ويسرةً، تُوَجَّهُ بأساليب لا تستند إلى أيّ أساسٍ منطقي للرئيس فلاديمير بوتين، الذي لا يعير أيّ اهتمامٍ لمثل تلك الردود ، بل يُبدي منتهى الهدوء والحكمة والثقة بقدرة الشعب الروسي، من خلال إدارته للعملية العسكرية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية على حدٍّ سواء بإقليم دونباس، والخاصة بخلفيات تلك العملية الاستباقية ومسوغاتها، وضد ممارسات النظام الأوكراني النازية.

تلك التخبطات والخيبات الغربية تمثلت في سيناريو بائسٍ وساذج أوكل الغرب تنفيذه لمحكمة لاهاي الجنائية الدولية، عبر إصدار مذكرة تدعو لتوقيف الرئيس بوتين (بزعم مسؤوليته عن ارتكاب جرائم حربٍ في أوكرانيا)، وأيضاً توقيف مفوضة حقوق الطفولة الروسية (ماريا لفوفا بيلوفا)، وهو أمرٌ اعتبرته موسكو مدعاةً للسخرية، لافتةً إلى أن قرارات المحكمة الجنائية باطلة قانونياً وعديمة الأهمية، وأن روسيا لا تعترف أصلاً بقانون المحكمة الأساسي وليست عضواً في نظام روما الأساسي لها، ولا تتعاون معها، وليست للمحكمة التزامات عليها.

وجاءت ردود موسكو الرسمية واضحةً وصريحة مفادها أن روسيا (على غرار عدد من الدول الأخرى لا تعترف أصلاً باختصاص هذه المحكمة، وترى أن قراراتها من وجهة النظر القانونية باطلة). وخير مثال على ذلك أن العديد من دول العالم بينهم الولايات المتحدة الأمريكية والصين وأوكرانيا ذاتها غير أعضاء في تلك المحكمة.

في هذا السياق فنَّدت مفوضة حقوق الطفولة الروسية (ماريا لفوفا بيلوفا) ساخرةً مزاعم المحكمة الجنائية الدولية بأن المئات من الأطفال الأوكرانيين أُخذوا من دور الأيتام ورُحِّلوا إلى روسيا، وتم عرضهم للتبنّي فيها، مؤكدة أن المجتمع الدولي قدّر عالياً قيام المفوضية الروسية بمساعدة أطفال بلادنا الروس، وعدم تركهم في مناطق العمليات العسكرية وإخراجهم منها.

على ضوء ما تقدّم، قامت لجنة التحقيق المسؤولة عن الأبحاث الجنائية الرئيسية في روسيا، بفتح تحقيق في إصدار المحكمة الجنائية الدولية غير القانوني مذكرات توقيف بحق مواطنين روس، مؤكدةً أن المحققين الروس سيعملون على تحديد هوية قضاة المحكمة الجنائية الدولية الذين يقفون وراء قرار المحكمة لافتة إلى احتمال القيام بإجراءات ردّ على ذلك في المستقبل.

ويبقى الأهم من ذلك كله أن ثمة إشارات اعتبرها مراقبون تهديداً مبطناً وجهته صراحة مارغريتا سيمونيان (مديرة قناة تلفزيون آر تي الروسية) على (تويتر) لأية دولة تريد توقيف الروسي الرئيس بموجب قرار لاهاي، بقولها إنها تريد أن ترى تلك الدولة على ضوء أن رحلة الصواريخ الروسية إلى عاصمة تلك الدولة ستستغرق نحو ثماني دقائق فقط.

أخيراً لابد من لفت الانتباه إلى أن نظام المحكمة الجنائية الدولية ينص على ضرورة أن تمارس كل دولة سلطتها الجنائية على المسؤولين عن جرائم دولية، كما ينص على أن المحكمة تتدخل شكلاً فقط ومن دون أيّ حقّ آخر، إذا لم تستطع الدولة أو لم تظهر استعداداً لفتح تحقيقات مع الجناة ومقاضاتهم، كما أنه لا يحق لتلك المحكمة عقد محاكمات غيابية، ما يعني في النتيجة أن السيناريو الغربي ساقطٌ قبل إعلانه من حيث شكلُه ومضمونُه، وبات بائساً وساذجاً وفاشلاً لاحول له ولا قوة ومردوداً على مريديه.

1/5/2023

العدد 1104 - 24/4/2024