(الطريق إلى جهنم مبلط بذوي النوايا الحسنة)!

طلال الإمام_ السويد:

منذ اليوم التالي للكارثة الإنسانية الواسعة التي ضربت سورية، بفعل زلزال أزهق  أرواحاً وألحق دماراً واسعاً في العديد من المدن والبلدات السورية، وأصبح الألوف بلا  مأوى، في ظروف جوية سيئة، ومنذ بدء وصول المساعدات من دول وهيئات شقيقة وحليفة للتخفيف من معاناة السوريين، وفزعة السوريين من كل  الجغرافيا السورية، بغض النظر عن الانتماءات الدينية/ الطائفية أو الإثنية، ومع ارتفاع أصوات المطالبين برفع الحصار عن الشعب السوري، بدأت وسائل الإعلام التي تدور في الفلك الأمريكي أو الأوربي، بمرافقة جوقة من بعض السوريين داخل البلاد وخارجها، تركز على أن المساعدات الإنسانية التي تصل إلى سورية لا تذهب لأصحابها الحقيقيين وإنما لجيوب وخزائن الفاسدين، لذلك بدأت هذه الجوقة تبرّر عدم إرسال الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي مساعدات لسورية، بسبب الفساد وأنها لا تصل إلى مستحقيها.

أولاً_ نعم، هناك ضعاف نفوس، هناك فاسدون يستغلون ظروف البلد، هناك أثرياء الحروب والأزمات الذين يغتنون على حساب معاناة شعوبهم، وهم كانوا موجودين وسيبقون في كل زمان ومكان، لكنهم لا يمثلون غالبية السوريين. وجميع البلدان والشعوب التي مرت بكوارث عانت وتعاني منهم.. المطلوب كشفهم ومحاسبتهم وإنزال أشد العقوبات بهم.

ثانياً_ المؤسف ان بعض من يشاركون في هذه الجوقة داخل سورية وخارجها يؤدون خدمات مباشرة لأجندة خارجية آخر همّها معاناة الشعب السوري، وهؤلاء نوعان، الأول منخرط في تلك الجوقة ويعرف ما يعمل، والنوع الثاني يردد تلك الاخبار بنوايا حسنة، لكن الفريقين يخدمان مخطط أمريكا ودول الاتحاد الأوربي ونفاقها بخبث أو بطيب نيّة. لذلك نقول إن الطريق إلى جهنم مبلط بذوي النوايا الحسنة. أتمنى من المخلصين الانتباه وعدم الانجرار إلى هذه الحملة المغرضة سواء بحسن نية أو بسوء نية. أليس من الأفضل، إلى جانب المطالبة بمحاسبة الفاسدين، الإشارة إلى الفزعة السورية، إلى تلك المبادرات الأهلية الرائعة لمساعدة السوريين بعضهم بعضاً؟ أليس من الأفضل الإشارة إلى روح التضامن السورية العابرة للدين/ الطائفة والانتماء الإثني، تلك الروح التي حاولوا قتلها عبثاً على امتداد أكثر من عقد من الزمن، وعاد الكثير من السوريين إلى أصلهم أمام هذه المحنة الوطنية الشاملة. وبهذا الشكل نفوت الفرصة أمام من يتربص بالسوريين شراً.

أخيراً، أتمنى من الجميع قبل نشر أي خبر التأكد من مصدره، وليس قيل وقال، أو أن صفحة في الفيس أوردته، كما أتمنى أن لا تؤثر تلك الأخبار المضللة على استمرار الطيبين تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة لضحايا الزلزال المدمر.

ارفعوا الحصار عن الشعب السوري!

المجد لسورية وللسوريين المخلصين أينما كانوا.. سورية تتسع للجميع.

العدد 1105 - 01/5/2024