(عودة حبيب).. نموذج للفن الوطني التقدمي الراقي

(النور)_ خاص:

  • صورة رائعة عن عدم فناء الشهيد الذي كان يدافع عن الوطن:

(يصبُّ النهر وسط البحر مُنطفئاً ولا يفنى.. نراهُ يعودُ في السُّحُب)

  • تهنئة رأس السنة كتعبير عن موقف مبدئي: (كل عام وفلسطين قضيتنا وسورية وطننا الحبيب).

قدم الشاعر أيمن أبو الشعر قصيدته (عودة حبيب) ملحنة ومغناة، ومخرجة ككليب في ليلة رأس السنة، بكلمات تعبّر حقاً عن محتوى هذا العمل الفني الهام جداً، وتكرسه كموقف يمثل مشاعر القسم الأكبر من الشعوب العربية، وخاصة الشعبين السوري والفلسطيني، فلماذا يمكن اعتبار هذا العمل مميزاً ونوعياً وموقفاً يمثل التقدميين والوطنيين الشرفاء؟

في التوجه- لو نستنهض ذاكرتنا قليلا ونعيدها لسنتين من الزمن، لتذكرنا أن أيمن أبو الشعر طرح في أمسيته في دمشق قبل سنتين مشروعاً جديراً بالاهتمام والدعم، فقد عبّر عن امتعاضه من انتشار الأغنيات السوقية السخيفة وحتى المبتذلة نتيجة دعمها إعلامياً ومادياً، وأعلن أنه سيحاول المساعدة قدر ما يستطيع في تكريس الأغنية الراقية التقدمية، وقدم يومذاك نموذجاً عن ذلك في قصيدة (أفدي عيونك) التي لحنها الفنان وليم حسن وأدتها مباشرة أمام الجمهور المطربة الشابة لانا هابراسو، وكما عودنا الشاعر فإنه لا يلقي الكلمات جزافاً، فبعد انقضاء عام واحد عاد في أمسيته السنوية التي يقيمها عادة نهاية أيلول، ليقدم للجمهور عدة أعمال نوعية معاً: (يا خالد) من ألحان الفنان وليم حسن في رثاء الصحفي خالد الخطيب، و(غن يا موال) و(آثم خل حسامك) وهما من قصيدة الثلاثيات الشهيرة، ومن ألحان الفنان معن دوارة، وكذلك أغنية كاتيوشا الروسية الشهيرة بترجمته وأداء المطربة لانا هابراسو وهي ذات أصول روسية.

في الصميم- لم يكن سؤالي عن الرسالة التي قصد توجيهها الشاعر أيمن أبو الشعر بتقديمه الأغنية ليلة رأس السنة عبثاً، فهذا اختيار هام اجتماعياً،  ففي ليلة رأس السنة تعوّد الناس أن يوجهوا الأمنيات الطيبة والتهاني متأملين أن يكون العام القادم عام خير.. لم يغفل أيمن أبو الشعر ذلك لكنه عنوَن تهنئته بعبارة (كل عام وفلسطين قضيتنا وسورية وطننا)، إنه بهذه الكلمات اختصر مساراً زمنياً طويلاً دامياً مرهقاً، وذلك عبر تقديم نقيضه أي أنه انطلق من التأكيد على فشل أو إفشال الأعداء الذين حاولوا أن يضغطوا بكل الوسائل على الشعب كي يكره وطنه، ودفعه إلى التخلي عن قضيته المحورية قضية فلسطين، كما أنه بذلك وجه صفعة لدول التطبيع مع العدو الإسرائيلي، مجسداً بذلك أن القيمة الحقيقية للنضال تكمن في عدم الاستسلام.

في العمل الإبداعي – لماذا تبدو قصيدة (عودة حبيب) قصيدة وطنية تقدمية بامتياز؟ أولاً يبدو أن التعاون بات على أشده بين الشاعر أيمن أبو الشعر والملحن معن دوارة والمطربة لانا هابراسو، ولابد بادئ ذي بدء من أن أثني على تلحين الفنان معن دوارة الذي عبر عن الشعر الجميل بموسيقا جميلة بالفعل حتى أن الشاعر أيمن وصفه (بزرياب السوري)، وأثني كذلك على غناء وأداء المطربة لانا هابراسو التي وصفها الشاعر (بالأسطورة) وقد تمثلت بأدائها معاني وصور القصيدة.

وأنتقل إلى الجوهر فالقصيدة بحد ذاتها قمة في الإنسانية والوفاء والتعبير عن الحب الصادق الذي لا يمكن أن ينتهي بالموت. نلاحظ أن القصيدة تحكي عن عودة شهيد من أرض المعركة محمولاً في تابوت لكن الشاعر أسمى القصيدة (عودة حبيب)، وكانت القصيدة عبارة عن شلال صور تكرس مضامين النضال في وجه المحتل وتبرز مدى معاناة الشعب البسيط، فهو يصف طفولة تلك الأجيال كطفولة معذبة تتجرع شاياً في الحلم، ولكنها لا تتراجع ولا تندم رغم أنها تسير في درب هو الإعصار المدمر نفسه، ومن البديهي أن شاعراً مثل أيمن أبو الشعر لن يقفل أي عمل فني بانتكاسة وخنوع أو يأس، فها هو ذا يحول الخاتمة إلى شعار مذهل عبر صورة النهر الذي يصب في البحر منطفئاً كما يوارى الشهيد الثرى لكن النهر لا يفنى وسط البحر بل تلعب الشمس دورها لتبخر مياه البحر وتعيد ذاك النهر (رمزيا) إلى منابعه كما أن الشهيد الذي ثوى تحت الثرى سيعود عبر انتصار أفكاره التي ناضل من أجلها، ولهذا فحبه لن يموت وهو لن يمحى من الذاكرة.

بقي أن أشير إلى أن لقطات فيديو جنازة الشهيد وصورته في نهاية الكليب هي لقطات حقيقية لتوديع أحد أبناء عائلة الشاعر، حتى إنه ذكر اسمه في تعليقه وهو (عزة المنجد) الذي لم يمُت حبه، سيعود كشهداء الوطن (رمزياً) كما تعود السحب إلى أرض منابعها.. نعم، إنه عمل إبداعي وطني تقدمي بامتياز.

 

لمتابعة الأغنية على الرابط التالي:

https://www.facebook.com/aymankac/videos/1241075713422292

 

أو على موقع صحيفة النور.

العدد 1105 - 01/5/2024