أطفال سعداء رغم اختلافهم.. وأقوياء جداً رغم ضعفهم

ريم داوود:

ابتسامة ساحرة..

يدٌ تلوّح بكل محبة..

نظرات تقودني نحو السلام..

وقبلة تُعبّر عن براءة الموقف..

إنه طفل متلازمة داون.

إيماناً منّا بالإنسانية، والمساواة، والعدالة. وتسليماً منّا بأننا موجودون لهدفٍ واحد، قيمة واحدة، ورسالة واحدة مهما اختلفنا بالأعراق والجنسيات، بالأجناس واللغات، أو حتى بالمعتقدات والإيمانيات، فنحن ماضون نحو مجهول شبه مُدرَك وعالمٍ يكاد يكون معروفاً.

راحلون فارغي الأكفَّ، خالي الجيوب، خاوين غير حاملين سوى أعمال تحاكي جوهرنا، وأفعال تحكي مسيرة حياتنا، فلنمضِ منها مُنادين بالإنسانية، مُناشدين بعضنا باحترام اختلافاتنا مهما كانت جسدية أم فكرية، سواء اخترناها أم فُرِضَت علينا كما هو الحال لدى أطفال متلازمة داون.

  • اضطراب داون:

هو اضطراب ينتج عن خلل في انقسام الخلايا تحديداً في الكرموسوم (٢١)، يسبّب هذا الخلل تغيّرات في النمو بشكل عام، وتتفاوت شدّة هذا الاضطراب في حدّتها، فتصل عند بعض المصابين إلى إعاقة ذهنية.

ولكي نتعمّق أكثر في فهم هذا الاضطراب، لابدّ من الغوص قليلاً في مسبّباته الجينينة، ذلك أن خلايا الإنسان البشري تتكوّن كما نعلم من (٢٣) زوجاً من الكروموسومات يأخذها الجنين من كلا الوالدين، لكن ما يحدث لدى طفل داون أنه يحصل على نسخة إضافية كاملة أو جزئية من الكرموسوم (٢١) الذي يظهر واضحاً لدى هؤلاء الأطفال متجليّاً بأعراض عديدة:

الشكل الخارجي: عيون لوزيّة، وجه مُسطّح، قصر قامة، أصابع مُدبّبة.

الأجهزة الداخلية: ضعف عضلات، مشاكل في الجهاز السمعي، مشاكل في عضلة القلب، مشاكل في الغدة الدرقية والجهاز المناعي.

أما عن تشخيص هذا الاضطراب، فقد استطاع الطب الحديث وبمساعدة أجهزة وتقنيات متطورة من الكشف المبكر عن هذا النوع من الاضطراب من خلال بعض الفحوصات والصور الشعاعية للجنين أثناء تكوّنه، إلاّ أن أسباب حدوث هذا الاضطراب لاتزال مبهمة، فكما ذكرنا تعود لخلل في انقسام خلايا البويضة.

  • سيكولوجيا متلازمة داون:

نظراً لأهمية ودقّة العمل مع أطفال متلازمة داون عملت دراسات عديدة على البحث في بحور هذا الاضطراب للوصول إلى آلية فعّالة في التعامل معهم بهدف تحسين واقع حياتهم ودفعهم نحو التطور والاستمرار، وقد أُجريت دراسة لقياس العلاقة بين الصحة النفسية لأمهات ذوي داون وبعض المتغيّرات لديهم، وأثبتت أن تكيّف الأم وقبولها لوضع طفلها يؤثّر بشكل كبير على تطور الطفل جسدياً وعقلياً. كما أقيمت دراسة حول فعّالية استخدام الرسوم المتحركة التلفزيونية في إكساب بعض المهارات اللغوية لأطفال داون ممّن يعانون إعاقة ذهنية بسيطة.

أما اجتماعياً، فعلى الأسرة تقبّل الطفل وإشعاره أنه طفل عادي لا يختلف عن الآخرين.

-عدم الشعور بالحرج من وجوده بين الناس وإكسابه الثقة بذاته.

– اكتشاف مواهبه وقدراته ودعمه لتطويرها.

– احترام ما يحب وما يكره من الأشياء مع إعطائه حرية الرفض، الشيء الذي يساعد في تكيّفه بشكل أفضل.

– الصبر في التعامل معهم ومعرفة أنهم يعانون من بطء استيعاب واستجابة.

– وضعهم في برامج مخصّصة لتأهيلهم ورفع قدراتهم الذهنية.

– دمجهم في المجتمع لاستبعاد دخولهم في عزلة وانطوائية.

ختاماً، يُعدُّ التدخّل المبكّر مرحلة من مراحل العمل على تحسين حالة الطفل والمضي به نحو مستقبل أفضل يمكّنه من التكيّف والتعايش بإيجابية ويسر مع المحيط.

العدد 1105 - 01/5/2024