شموخ | قصّة قصيرة جدّاً

إسكندر نعمة:

تكاثرَ عددُ النّهّابين والسّارقين ومصّاصي الدِّماء، في وطنٍ يعتمدُ سكّانُه على الزّراعة وحبِّ الأرض، تكاثرَ المستغلّون والنّهابون حتى أصبحوا فصائل عديدة، لكلّ فصيلة قائد يديرُ تحرّكاتهم ويوجِّه أعمالَهم.

بدأ زعيم عصابات السّرقة وشركاتهم يشعرُ أنّ في الأفق شيئاً مُريباً. لم يرُقْ لهُ الأمر. خشيَ من نتائج غير محمودة. أرسل عيونَه وجواسيسَه تخبُّ أرجاء الوطن، جاءَتْهُ التّقاريرُ أنّ تلكَ الشّجرةَ الضّخمة الباسقةَ القابعة في خاصرة الجبل وعلى امتداد السّهول والوديان هي الّتي تعقدُ في كلِّ ليلةٍ اجتماعاً لتحرّضَ النّاسَ والمظلومين على مجابهة فصائل السّارقين والنّهابين.

تدارس الأمرَ مع قادة فصائله، فوجدوا أنَّ الأمرَ خطير ويجب بترُ الخطر قبيل أن يستفحل. واتّخذ الجميع قراراً ظلّ طيَّ الكتمان.

ذات ليلة، وبعد أن انتصف اللّيلُ، أعدادٌ كبيرةٌ من السّارقين والنّاهبين ساروا خلسةً باتّجاه خاصرة الجبل وهم مدجّجون بالبنادق والقنابل يريدون اجتثاثَ الشّجرة الباسقة الشّامخةِ من جذورها. أحاطوا بالشّجرة، وما إن تلقّوا الأمر حتى انهالوا على الشجرة بالرّصاص الممزِّق والقنابل المُدمِّرة وألسنة اللّهيب الحارقة. ساعات وانتهى كلّ شيء، وسيطر على الطبيعة هدوءٌ وصمتٌ مخيفين.

في الصّباح الباكر، انتعل قائد السّرّاقين سيارتَه الفخمة وراح باتجّاه خاصرة الجبل ليطمئنَ إلى حصاد المعركة. ولكن ما إن اقترب حتّى شاهدَ شجرة باسقةً شامخةً، أغصانُها تتلاوح في الهواء، وأوراقُها الخُضرُ تعزف عبرَ الكون موسيقا الفرح والانتصار. والأرضُ من حول جذعها الضّخمِ المتين مزروعةٌ بأشلاءِ الرّصاصِ والقنابل.

العدد 1104 - 24/4/2024