بيدرو كاستيلو.. أستاذ مدرسة ماركسي من ريف البيرو يفوز بالانتخابات الرئاسية في البيرو

تتهاوى الأنظمة التابعة للولايات المتحدة الأمريكية في دول أمريكا اللاتينية، أو ما يُعرف بالحديقة الخلفية للولايات المتحدة. فبعد إحياء روح اليسار في البرازيل إثر تبرئة الرئيس الأسبق (لولا دا سيلفا) من كل التهم الموجهة إليه، بل والحديث عن إمكانية الادعاء على القضاة الذين فبركوا له قضية فساد، والنتائج اللافتة التي حصدها اليسار المعارض لسياسات أمريكا في تشيلي والمكسيك، تنضم دولة البيرو إلى المعسكر اليساري رسمياً بعد فوز المرشح اليساري، المدرّس في إحدى المدارس الريفيّة، الماركسي بيدرو كاستيلو، الذي رفع شعار (قلم رصاص)، وتمكّن من الإطاحة بمرشحة المال والأعمال ربيبة عائلة فوجيموري، التي أمعنت فساداً في البلاد، برعاية واشنطن وحمايتها.

أدلى البيروفيون بأصواتهم للاختيار بين مرشحين متناقضين للرئاسة، هما: اليمينية الشعبوية كيكو فوجيموري، واليساري بيدرو كاستيلو، في بلد يتوق إلى عودة الحياة إلى طبيعتها بعد سنوات من الاضطرابات السياسية.

وسيتعيّن على الرئيس الجديد مواجهة تحديات وأزمات تعاني منها بلاده، بدءاً بالركود الاقتصادي وتسجيل أعلى معدّل للوفيات بسبب فيروس كورونا على مستوى العالم، مع إعلان البيرو، التي تعد 33 مليون نسمة، عن وفاة 184 ألفاً بسبب الوباء. وقد حصل كاستيلو على 50.27 بالمئة من الأصوات، بينما حلت فوجيموري ثانيةً بنيلها 49.73 بالمئة.

المرشحة اليمينية كيكو فوجيموري، هي ابنة ألبيرتو فوجيموري الذي حكم بيرو لعقود ثلاثة، ثم فرّ إلى اليابان، لأن أصول عائلته يابانية، هرباً من المحاكمة بتهم اختلاس أموال الدولة، ولكنه اعتقل لاحقاً في تشيلي وسُلّم إلى البيرو حيث حُكم عليه بالسجن لمدة 25 عاماً بتهم اختلاس أموال الدولة، بينما بقيت (الابنة المباركة) حسب معنى اسمها باليابانية، في البيرو، وبدأت بخوض غمار العمل السياسي منذ التسعينيات (١٩٩٤).

سعت فوجيموري، المرشحة المفضلة لقطاع الأعمال والطبقة المتوسطة، إلى تصوير خصمها على أنه تهديد شيوعي، مشيرة إلى أن فوزه سيحوّل البيرو إلى بلد أشبه بفنزويلا أو كوريا الشمالية. وكانت قد قضت بالفعل 16 شهراً في السجن ما قبل المحاكمة. وهي من بين المتهمين بفضيحة شركة (أوردبرخت) الشهيرة البرازيلية.

ولكل هذه الأسباب هي مهدّدة بالسجن ٣٠ عاماً، لذلك استماتت لتحقيق الفوز بالانتخابات الرئاسية لتضمن حصانتها لسنوات خمس جديدة، واعدةً بإخراج والدها من السجن، وهو الذي سجن زعيم الدرب المضيء (غونزالو) ونكّل بأعضائه. لذلك هي مكروهة جدّاً من البيروفيين، لكن الدعاية الأمريكية الضخمة التي سخّرت لها جعلت الشعب البيروفي يرتاب من شبح الشيوعية، فاحتلت مركزاً أهّلها لخوض غمار الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

على نقيض الثريّة فوجيموري، فإن بيدرو كاستيلو الذي فاز بالرئاسة، هو أستاذ مدرسة من ريف البيرو، ماركسي، ليس من أصحاب الثروات، ولم يكن معروفاً لدى البيروفيين إلى أن تولى قيادة حركة إضراب المعلمين الكبيرة في عام 2017، وبدأ نجمه بالصعود رويداً رويداً حتى حان موعد هذه الانتخابات، فقد أعلن عن برنامجه الذي يضرب المصالح الامبريالية في البيرو، بخاصة لجهة إعادة توزيع الثّروة والتأميم.

كاستيلو، رجل مؤثر ومحبوب ومتواضع، ولا يتخلى عن لباسه التقليدي في معظم المناسبات، الأمر الذي زاد من شعبيته، ولا سيما في الريف البيروفي حيث يزداد عدد الفقراء بسبب عدم اهتمام السلطة المركزية به وعدم تنميته كما يستحق.

إنه وعي الشعوب التي عانت وتعاني من سياسات الولايات المتحدة الأمريكية، وبالفعل (إنّه ليس قلم رصاص بل ثورة)، حسب وصف كاستيلو لشعاره الانتخابي.

(الأخبار)

العدد 1105 - 01/5/2024