ماذا ينتظر السوريون من الرئيس القادم؟

طلال الإمام_ ستوكهولم:

بعد قدومي إلى السويد بفترة وجيزة جرت انتخابات برلمانية، سألت زميلتي في العمل: أية قائمة ستنتخب؟ فأجابت فوراً: نحن هنا لا نسأل بَعضُنَا بعضاً من سننتخب، لأننا نعتبر ذلك مسألة شخصية إلا من أراد الإفصاح عن رأيه، المهم أن نمارس حقنا. أتذكر الآن هذا وأنا أتابع ما يقال ويكتب على مختلف وسائل التواصل حول الانتخابات الرئاسية في سورية المزمع إجراؤها في 26 أيار (مايو) الجاري.

يلاحظ المتابع تجاذبات حادة ومواقف متناقضة حول هذه المسألة داخلياً ودولياً بين مؤيد ومعارض، أو من جماعة (اللعم: نعم ولا). هناك بعض المواقف الدولية تعتبر انتخابات الرئاسة شأناً داخلياً، فالسوريون وحدهم يقررون مستقبلهم بالشكل الذي يرونه مناسباً (موقف أصدقاء وحلفاء سورية). بالمقابل هناك قوى عالمية ذات أجندات خاصة معروفة (أمريكا، الاتحاد الأوربي وحواريهم في المنطقة والداخل السوري) يشكّكون في شرعية هذا الاستحقاق ويعملون على عرقلته بمختلف الحجج، أو يطالبون بتأجيله لحين إقرار دستور جديد.

إن من الواجب والضروري إجراء الانتخابات في موعدها المحدد وفق الدستور السوري لعام 2012، ذلك أن عدم إجرائها يعطي مبرراً لبعض القوى داخلياً وخارجياً للقول بوجود فراغ دستوري، وأن سورية بحاجة إلى حماية دولية (تحت الفصل السابع). كما أن من غير الموضوعي تأجيلها لحين الاتفاق على إصلاحات سياسية وإقرار دستور جديد، ونحن شهود على عدم تمكن اللجنة الدستورية المنبثقة عن لقاء سوتشي من الاتفاق حتى على جدول أعمال رغم اجتماعها خمس مرات في جنيف.

لكن لماذا تكتسب هذه الانتخابات الرئاسية أهمية استثنائية، ربما لأنها تجري في ظروف استثنائية ولموقع سورية الجيوسياسي: حرب إرهابية مدمرة تشن على سورية منذ أكثر من عقد من الزمن وتداعياتها: السياسية، والاقتصادية والاجتماعية المدمرة، إضافة إلى الحصار المفروض على الشعب السوري. لذلك لا بد من إجرائها في وقتها، وعلى السوريين ممارسة حقهم في التصويت. يتنافس على منصب رئيس الجمهورية وفق ما أعلنته المحكمة الدستورية العليا ثلاثة مرشحين: الرئيس الحالي د. بشار الأسد، محمود مرعي (من معارضة الداخل)، وعبد الله سلوم عبد الله (اقتصادي ووزير سابق).

يأمل السوريون من الرئيس القادم جملة من الإجراءات على كل المستويات أهمها:

* مكافحة الإرهاب والحفاظ على وحدة تراب الوطن عبر تحريره من المحتلين الأتراك والأمريكان والإسرائيليين.

* الحل السياسي للأزمة عبر حوار سوري سوري. ودستور ديمقراطي علماني يضمن سيادة الوطن وكرامة المواطن، يقر مساواة المرأة بالرجل في جميع الحقوق السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والمدنية.

* استمرار الدور الرعائي للدولة تجاه الفئات الفقيرة والمتوسطة والحفاظ على ملكية الدولة والقطاع العام وتطويره.

.* محاربة الفساد والرشوة بجميع أشكالهما ومفرزاتهما مع محاسبة صارمة للمتورطين فيهما.

* إنهاض الاقتصاد الوطني وتلبية الحاجات المعيشية الأساسية في الغذاء، الدواء، المدرسة، التعليم والعمل. وزيادة أجور المتقاعدين والعاملين في جميع القطاعات لتتوافق وارتفاع الأسعار الجنوني الذي يؤثر سلباً على السوريين الذين صمدوا سنوات في محاربة الإرهاب.

نتمنى أن يجري هذا الاستحقاق الدستوري بالشكل الذي يلبي تطلعات السوريين وإرادتهم نحو سورية حرة، موحدة، علمانية، خالية من الإرهاب والفساد، وأن يجري توزيع عادل للثروات الوطنية.

سورية لجميع أبنائها بغض النظر عن الانتماء الديني، الطائفي، الإثني.

العدد 1104 - 24/4/2024