المرأة والمجتمع

نسيبة موسى:

كلَّ يوم هو عيدٌ للمرأة

 هي المُكمّل للمُجتمع

 هي الحُب والحرب

المرأة هي الأساس في بناءِ شباب واعٍ من خلالِ دورها كأُمّ مُربّية ومعلّمة

رمز الحُب في المجتمعات، سرُّ جمال الحياة

 هي الرُّوح التي يسكُن إليها الرَّجُل.

المرأة والعنف

في كثير من المجتمعات تعاني المرأة من الاضطهاد والعنف الجسدي والنفسي، وحرمانِها من أبسطِ حقوقها، بمقولات صنعتها عادات وتقاليد مجتمعات لا تزال تتعامل مع المرأة على أنّها جارية!

حرمانها من التعليم والعمل والحُب والميراث وأجور العمل، هذا كلّه يندرج تحت عنوان (العنف).

ويضعون في فكرها منذُ الصّغر مقولات لا صحّة لها مثل قولهم: (أنتِ بنت وما بيصير تعلّي صوتك، أنتِ بنت ممنوع تتأخري، ممنوع تطلعي مع رفقاتك، ممنوع تحكي مع رفقاتك الشباب، ممنوع تشتغلي لأنك بنت ومنخاف عليكِ  …إلخ .

وهناك الكثير من المعتقدات والكلمات الظالمة بحق المرأة، لكن هل فكّرنا يوماً ما أثر هذه الكلمات عليها كأنثى حساسة رقيقة؟

وكيف سيكون تأثير هذه المعتقدات على تقدّم المجتمعات وتطوّرها؟

 نحنُ اليوم نسلّط الضوء على قضية عامة وتعاني منها نصف النساء حول العالم، لكن اليوم نتحدث عن المرأة في المجتمع السوري وما فعلته النساء السوريات لتغيير واقعهن منذُ فجر التاريخ.. فلتكن هذهِ رسالة إلى النساء والرّجال في المجتمع. 

المرأة في سورية

كسرت المرأة في سورية العديد من القيود التي وضعتها المجتمعات القديمة، والتي كانت عاملاً في ظلمها وزيادة العنف الممارس عليها فكرياً ونفسيّاً وجسدياً، فبدأت المرأة تشارك في العمل مع الرَّجُل في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والخدمية والصحيّة، شغلت المرأة مناصب سياسيّة على المستوى المحلّي والدَّولي، فمشاركتها في العمل السياسي يُحقق العدالة الاجتماعية والإنصاف والمساواة بين الرَّجُل والمرأة.

 في القرن الماضي مُنِحَت المرأة السوريّة حق الانتخاب عام ١٩٤٩م شرط أن تكون متعلّمة لكنها لم تحصل على حق الترشُّح.

كان أول دخول أنثوي تحت قبّة البرلمان السوري عام ١٩٧٣م بعد الانتخابات.  

أمّا عن دور المرأة ضمن صفوف الجيش والقوات المسلّحة، فهناك نساء استطعن أن يخُضن في الحياة العسكريّة، فعملنَ في مجالات عدّة كالإدارة العسكريّة والتخطيط والمراقبة ودراسة المواكب والهندسة العسكريّة.  

كانت فاصلة تحوّل في المجتمع عندما بدأت المرأة تشارِك في الأعمال التطوعيّة، حيثُ تكون قادرة على تطوير مهاراتِها والإيمان بذاتها وشخصيّتها وكسر الحواجز والقيود التي وضعها المجتمع وأقفلَ شخصيّتها في بعض المجتمعات، فأصبحت المرأة اليوم صاحبة قرار وشخصية إنسانيّة ملأَت قلبها بالشّغفِ والحُب، فمشاركتها في العمل التطوعي أتاحت لها الفرصة في زيادة مساحة علاقاتها الاجتماعية، فهناك نساء شاركن في حملات الإغاثة وتحديداً في سورية خلال سنوات الحرب الكارثيّة، قدّمنّ المساعدات للأهالي المُهجرين من مناطقِهم من خلال عملهن في المنظمات والجمعيات الأهليّة.

ماذا عن دور المرأة في الطّب؟

تمكّنت النساء من إدارة المستشفيات، فاستطعن إثبات دورهن القيادي في القطّاع الصحي، كعملهن في إدارة المُستشفيات، ساهم عمل المرأة في الطب بإيجاد أساليب جديدة في الأنظمة الصحية والعلاقات المهنية.

في العقود الماضية شغلت المرأة دوراً ريادياً مُهمّاً في سوق العمل، وتكمن أهمية مشاركتها ضمن سوق العمل في تحسين وضعها المادي ومساندة زوجها في ظلّ الظروف المعيشيّة الصعبة، هذا أولاً، أمّا ثانياً فهي تعمل ضمن مجال عمل مُعيّن تحبّه وهذا سينعكسُ بطريقة إيجابية وفعّالة، وبالتالي ستصنع فرقاً في تطوير محاوِر هذا العمل، فتعطي المعلومات والتجارب واكتساب معارف ومهارات جديدة من الآخرين، إضافة إلى تعزيز دور المرأة في العمل إلى جانب الرّجل، فهذا يعطيها القوة والإرادة لتغيير واقعها.

لا يمكن لأحد إنكار دور المرأة في الأسرة والتربية، إنها الدعامة الأساسية في بناء أسرة واعية متعلّمة مثقفة، فالمرأة العاملة والأم تسعى إلى تكوين أسرة زرَعت في قلوب أبنائها براعم الحُب لتتفتح وتكبُر يوماً بعد يوم بالعلم والقيم والأخلاق والتعاون، مما يدفعها إلى الفصلِ بين عملها وواجباتها تجاه أسرتها.

حقوق المرأة

للمرأة حقوق كما لكَ عزيزي الرَّجل.. هذه جملة نردّدُها دائماً نحنُ مَعشَر النّساء!

ليسَ فقط حقوق المرأة الاجتماعية بل حقوقها في شتّى مناحي الحياة، ففي المجال السياسي أقرّت اللجنة المعنيّة بالمرأة وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بحق المرأة في المشاركة في صناعة القرارات العامة والسياسية، والتصويت في الانتخابات والاستفتاءات العامة، وتمثيل الحكومة على المستوى الدَّولي.

وفي قوانين العمل: المساواة مع الرَّجل في التوظيف والأجر،

 وعدم حرمان المرأة من أجور العمل بسبب المرض أو الأمومة،

 وضمان المساواة في سن التقاعد بين الرَّجل والمرأة.  

 القوانين الاجتماعية: تحديد الحد الأدنى لسنّ الزواج بعد عامها الثامن عشر، ويحقُّ لها اختيار شريك حياتها المناسب وموافقة المرأة على الزواج في سنّ مُبكرة والرضا التام دون التعرّض للعُنف.  

نساء رائدات

 تاريخ سورية سطّر بين إنجازات صانعيه أسماء نساء سوريات صنعنَ المستحيل للنهوض بالمرأة وتغيير واقعهن من الظلم والاستبداد).

في القرن الماضي برزت أعمال سياسية واجتماعية لنساء سوريات استطعن ترك أثر على مرّ التاريخ إلى يومنا هذا يفتخر السوريون بإنجازاتهن، وهنا قائمة بأبرز الشخصيات النسائية في القرن الماضي:

•ماري عجمي ، شاعرة وصحفية سورية، أنشأت مجلة (العروس) عام ١٩١٠م كانت أوّل مجلة تُعنى بقضايا المرأة ، ومن مؤسسات الجمعيات التي تدافع عن حقوق المرأة وتناضل ضد الاحتلال العثماني.

•عادلة بيهم الجزائري، بدأت مسيرتها النضالية في ربيع عُمرها السادس عشر، عندما شاركت في الجمعيات التطوعية لإغاثة المنكوبين في فترة الاحتلال العثماني. هي رائدة الحركة النسائية السورية، فأسست جمعية يقظة المرأة الشاميّة عام ١٩٢٧م، ساهمت في تأسيس الاتحاد النسائي السوري وانتُخبت رئيسة له عام ١٩٦٧م. – نازك العابد كانت من المناضلات ضد الاحتلال العثماني، فقد أسست جمعية (نور الفيحاء) لمساعدة ضحايا الثورة السورية الكبرى، أصدرت مجلة هدفها النهوض بالمرأة السورية عام ١٩٢٠م، تم تبنيها أول امرأة كرئيسة لفرع الصليب الأحمر الدولي في سورية . عام ١٩٢٠م نفاها جمال باشا إلى اسطنبول بسبب نشاطها السياسي وكتابتها المقالات ضد الاحتلال العثماني، ومن ثم إلى الأردن ولم يسمح لها بالعودة إلا بعد أن تعهدت بعدم المشاركة السياسية.

كوليت خوري، أديبة وشاعرة وروائيّة سورية، حاصلة على شهادة الحقوق في بيروت وإجازة في اللغة الفرنسية من جامعة دمشق، كما عملَت مستشارة في الجمهورية العربية السورية لشؤون الأدب.

نساء برهنّ على سعي المرأة منذُ فجرِ التاريخ للبقاء يداً بيد إلى جانب الرَجل في كل مناحي الحياة، للحفاظ على الهوية الثقافية وخلق جيل واع ومفكّر.

حقوق لا بدّ من منحها

رغم نجاح المرأة السورية في تخطي عقبات مساهمتها في الحياة السياسية والاجتماعية، ورغم حصولها على العديد من الحقوق، ما زالت (الأضعف) في العديد من القوانين السورية، وخاصة قانون الأحوال الشخصية، وقانون الجنسية، الذي لا يسمح حتى اليوم للمرأة السورية المتزوجة من غير سوري، بمنح الجنسية السورية لأطفالها، وقوانين أخرى، وتسعى المنظمات النسائية التقدمية اليوم إلى تعديل هذه القوانين انسجاماً مع تطور المجتمع السوري.

في الختام

المرأة هي الجندي المجهول الذي يحارب دون مقابل.. هي الرّبة الأُمّ، عشتار ربّة الحُبّ، هي رُوح الحياة ونشوتِها.. البحرُ المعطاء والقلب النابض بالأمَل الذي يعطي للحياة رونقها وتضع لمسة الحنان والحُب أينما تكون.

العدد 1104 - 24/4/2024