بلا عنوان (19)

رمضان إبراهيم:

ثلاثون سنة حتى جاءني الجواب. ثلاثون سنة وأنا أفكر في ذاك اللغز الذي جعله يعتاد على قرض أظافره بشكل مرعب.

عندما سألته ذات مساء عن السبب الذي يجعله متوتراً بهذا الشكل، جاءتني إجابته على شكل زفرة مُرّة.

يوم كانت في السنة الأخيرة من دراستها الجامعية، صدمتها سيارة دون لوحات بعد أن طاردتها دون أن تتمكن من إمساكها.

يومذاك بقيت في المشفى حوالي سنة كاملة، عجز الأطباء فيها عن إعادة الحركة إلى أطرافها.

أحبها كما لم يحب أي شيء في هذا الكون. كان يعتقد أن الشمس لا تشرق إلا لأجلها، وأن كل عبير الأزهار بعض من شذاها، وأن الربيع لا تتفتح أزهاره إلا لها، بمعنى آخر كانت تمثل له رحيق الحياة الشهي.

عندما زارها للاطمئنان على صحتها، أخبره والدها أن أختها ستلازمها حتى يأذن الله بالفرج.

وقف بجانبي وهو يقضم أظافره، وابتسم ابتسامة فاحمة وقال:

اليوم سأخبرك بالسر!

لقد تزوجت أختها التي قال لي والدها إنها ستبقى معها حتى آخر العمر بعد أن وافقت على ذلك.

تزوجت أختها وأنا اليوم أشرف عليها بكل ما تحتاج.

صدِّقني.. مازالت تعني لي كل ما هو جميل في هذا الكون.

أطرقتُ مليّاً في عينيه وانصرفت.

قالت غيمة عابرة:

الوفاء مطر الإنسانية.

العدد 1104 - 24/4/2024