هل مازال الكتاب خير جليس..؟!

حسن البني: 

اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف هو احتفال يُقام كل عام في 23 نيسان، بعد أن قررت اليونسكو منذ عام 1995 الاحتفال بالكتاب ومؤلفي الكتب. ويُعتبر هذا التوقيت، تاريخاً رمزياً في عالم الأدب، كونه يوافق ذكرى وفاة عدد من الأدباء العالميين، مثل:(وليم شكسبير، غارثيلاسو دي لافيغا، وميغيل دي ثيرباتنس). وضمن احتفالات منظمة اليونسكو بهذا اليوم، تقوم المنظمة بالتعاون مع منظمات دولية معنية بصناعة الكتب باختيار مدينة كعاصمة دولية للكتاب، وهي مناسبة تُذكّرنا بأهمية الكتب والقراءة في العصر الحالي، فلا يكاد بحث علمي أو رسالة ماجستير أو دكتوراه يخلو من مصادر ومراجع لكتب علمية وأدبية حسب الاختصاص والموضوع، وهي تساعد على إثراء البحث بالمعارف والمعلومات، وتمده بالمصداقية وتدعمه بالأدلة العلمية والمنطقية، فأهمية العلم وقراءة الكتب ظهرت منذ القدم مع ظهور الحضارات، فالفلاسفة الإغريق مثل:(أرسطو) و(سقراط)، كان لهم الفضل الأكبر بوضع الأسس والقواعد للعديد من المهن الأكاديمية في الكليات، ولا تزال مؤلفاتهم التي انتقلت إلينا عبر الأجيال، منهلاً للعديد من المعلومات، وأمثال هؤلاء أيضاً الكثير من المفكّرين والعلماء العرب الذين أناروا العالم بكتبهم ومؤلفاتهم المليئة بالأفكار والاكتشافات مثل:(ابن خلدون، ابن سينا والرازي) والتي تُدرّس في أشهر الجامعات بالعالم حتى الآن.

إن المجتمعات المتقدمة، لم تصل إلى مستواها الحالي من التطور والتقدم التقني، إلاّ بفضل تعلّق شعوبها وحبّها لقراءة الكتب والمطالعة الدائمة لما هو جديد في عالم الكتب، فهم يقدرون الكتاب حق تقدير، فالكتاب اليوم هو ضرورة وحاجة طبيعية للإنسان أكثر من كونه ترفاً ورفاهية كما يعتقد البعض وخاصة في المجتمعات العربية التي لم تعد شعوبها تهتم بالقراءة، ويعود السبب إلى ارتفاع تكلفة إصدار الكتب وأسعارها، واعتماد العديد من الشبّان اليوم على مواقع الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في معرفة المعلومات، وعلى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة أكثر من المطبوعة، ما جعلهم يعزفون عن قراءة الكتب، فالكتاب كان في الماضي هو الوسيلة الوحيدة لقضاء وقت الفراغ بما هو مفيد، كما يساعد على تنمية مهارات القراءة لدى جميع الفئات والشرائح وخاصة الأطفال الذين يتعلّمون منذ الصغر القراءة في قصص الأطفال التي تُسليهم، وفي الوقت نفسه تُكسبهم القدرة على المطالعة في الكتب والمجلدات المتخصصة. لكن اليوم، يبتعد الشبّان عن قراءة الكتب وقد يُصابون بالملل حتى عند قراءة الكتب المدرسية والجامعية، ممّا أدى إلى جعل الكتب نوعاً من الترف للقادرين على امتلاكها وتصفُّحها فقط، وهذا من الظواهر السيئة التي يجب الحدُّ منها، فالكتاب يجب أن ينتشر بين أيدي الناس دون فرق بين غني أو فقير، أسوة بشعار (القراءة للجميع)، وترغيب الشباب بالكتب عن طريق إقامة معارض للكتاب وتوفيرها بأسعار رمزية وتنافسية، وزيادة عدد المكتبات العامة وتعريف الناس بمواقعها وتقديم التسهيلات كافة لدخولها والوصول إلى الكتب القيّمة والنادرة وجمعها حتى يستفيد القرّاء منها، وإقامة ندوات ولقاءات مع مؤلفي الكتب والناشرين، فالقراءة سلاح للمجتمع الإنساني للقضاء على الجهل والأمية والتّخلّف المنتشر في مجتمعاتنا.

العدد 1105 - 01/5/2024