عن أعمال لقاء اليسار الأوربي ضمن برلمان الاتحاد الأوربي المنعقد في قبرص

انعقد اللقاء يومي 8 و 9 كانون الثاني ،2019 وحضره أعضاء البرلمان الأوربي ممثلو أحزاب اليسار في أوربا، وممثلو الأحزاب الشيوعية واليسارية المدعوون، وهم: الحزب الشيوعي السوري الموحد، والحزب الشيوعي العراقي، وحزب الشعب الفلسطيني.

تضمنت كلمة الافتتاح التي ألقاها رئيس حزب (أكيل) القبرصي الوضع السوري والمأساة التي يعيشها الشعب السوري نتيجة الإرهاب والتطرف ووجود المحتل التركي والأمريكي على الأراضي السورية ومطالبتهم بالخروج من الأراضي السورية لوجودهم غير الشرعي. وحيا نضال الشعوب في العالم من أجل الحرية والاستقلال والديمقراطية.

بعد ذلك، بُحثت الأمور الحساسة في أوربا التي خصص لها اليوم الأول من المؤتمر، كالوضع العمالي والبطالة المتفشية في المجتمعات الأوربية، وطرحت الحلول والاقتراحات لمعالجتها والحد من تطورها. وتحديد الأجور وتحسين مستوى العمال المعيشي.

اليوم الثاني من المؤتمر كان مخصصاً للوضع في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية والإرهاب في المنطقة. فقد كانت كلمة لممثل السلطة الفلسطينية ألقاها صائب عريقات وتتالت بعدها كلمات لممثلي البرلمان الأوربي شددوا على الدعم الكامل للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، واستنكروا تصرفات ترامب والإدارة الأمريكية. وبعدها كانت كلمة لممثل حزب الشعب. وكلا الكلمتين أصرتا على دعم الشعب الفلسطيني من الإرهاب الصهيوني، ودعتا الى قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس على حدود 67 وعودة اللاجئين الى ديارهم وتطرقوا إلى ما يسمى (الربيع العربي) الذي دمر المنطقة المشروعة من أجل تحرير الأراضي المحتلة ووقف الاستيطان . ودعم الشعب السوري للقضاء على الإرهاب.

وبعدها كانت كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي، تطرق فيها إلى المعاناة من الإرهاب الذي تعرض له العراق ونتائجه، والتضحيات التي قدمها الجيش والشعب العراقي للانتصار على الإرهاب، ودعا الأوربيين للمساهمة في إعادة إعمار العراق.

 

كلمة الحزب الشيوعي السوري الموحد

بعدها ألقى الرفيق نزار طرابلسي كلمة الحزب الشيوعي السوري الموحد، وجاء فيها:

الحضور الكرام!

من سورية بلد الحضارة والثقافة والتاريخ العريق، موطن الإنسان الأول، والأبجدية الأولى، وفسيفساء التعايش والمحبة والإخاء، وملاذ لكل المضطهدين والمعذبين، من سورية المقاومة، الصامدة، في وجه كل المعتدين من مستعمرين وإرهابيين، نتقدم إليكم بأطيب التحيات، ونتمنى لهذا الاجتماع النجاح والتوفيق.

ونشكركم جزيل الشكر على دعوتنا للمشاركة فيه.

الأصدقاء الأعزاء؛

تعرفون أن سورية، منذ آذار 2011 حتى اليوم، تتعرض لهجمة استعمارية رجعية ظلامية إرهابية، – لحرب كونية – أدخلتها في حالة من الاضطراب والفوضى والقتل والذبح، وتدمير المنشآت العامة والخاصة والبنى التحتية، والمستشفيات والمدارس والطرقات والجسور، والاتصالات، وحطمت معالم حضارية وتراثية لا مثيل لها، واستبيحت المساجد والكنائس، وسرقت المعمل والمصانع.. إنها باختصار حالة من الجنون الإجرامي، لعصابات من المرتزقة القادمين من الخارج والمتسللين بشكل رئيسي من تركيا، والمدعومين مالياً من السعودية وقطر، والمؤيدين عسكرياً وسياسياً من أمريكا وبعض دول أوربا الغربية.

لقد جرى كل ذلك في إطار المخطط للمشروع الأمريكي الرامي إلى تفتيت دول المنطقة وتحويلها إلى دويلات مسخ تحاكي الكيان العنصري الإسرائيلي، وتكون خاضعة بشكل كلي للهيمنة الأمريكية.

قاومت سورية هذا العدوان الاستعماري الرجعي الإرهابي ووقفت تدافع عن استقلالها وسيادتها، عن وحدة أرضها وشعبها، عن القيم البشرية.

لقد قاتل الجيش السوري والقوى الوطنية المؤازرة له، بكل بسالة وتضحية، ضد جميع المجموعات الإرهابية الفاشية والتكفيرية المسلحة المدعومة من الخارج، وهو بذلك خاض ويخوض هذه المهمة نيابة عن جميع الدول والقوى في العالم ذات المصلحة في هذه المهمة التاريخية، وتلقى الدعم من الجماهير الشعبي، والمؤازرة من القوى الوطنية في الداخل، ومن المقاومة الوطنية اللبنانية، وكذلك المؤازرة السياسية من القوى والأحزاب الشيوعية واليسارية في العالم، والدعم المتنوع الأشكال من الدول الصديقة والحليفة وفي مقدمتها روسيا والصين وإيران.

لقد انطلق حزبنا – الحزب الشيوعي السوري الموحد في موقفه من الأزمة من تحليله وفهمه لطبيعة المرحلة التي تمر بها حركة التحرر الوطني العربية، والتناقض الأساسي والتناقضات الأخرى المرتبطة به، ومن طبيعة الصراع الدائر حالياً في المنطقة.

إن حزبنا يرى أن التناقض الأساسي يقوم اليوم بين حرية الوطن واستقلاله وسيادته ووحدة أراضيه من جهة، ومن جهة أخرى العدوان الذي تشنه عليه الإمبريالية والصهيونية المتحالفة مع قوى الرجعية العربية، والقوى السلفية، والتكفيرية المسلحة الواردة من شتى أنحاء العالم، وعلى ضوء ذلك أتخذ الحزب المواقف المتناسبة مع تطور الأحداث، فمنذ بدايتها طالب الحزب بالحوار المخلص والبناء بين جميع القوى الوطنية الشريفة، بغية الاتفاق على برنامج إصلاح جذري وحقيقي، والعمل الجاد على تنفيذه ضمن جدول زمني محدد. والتوصل من خلال ذلك إلى صياغة عقد اجتماعي جديد، يضمن قيام دولة ديمقراطية مدنية وعلمانية.

إن جوهر سياسة حزبنا قام على أن الأوضاع الداخلية في سورية تشكل معادلة ثلاثية الجوانب: القضية الوطنية، والقضية الاقتصادية الاجتماعية، والقضية الديمقراطية. وأن هذه الجوانب الثلاثة متداخلة ومترابطة على نحو وثيق، بحيث أن إضعاف أو إهمال أي منها سيؤدي إلى إضعاف الجوانب الأخرى.

وأكد حزبنا دائماً أن حماية وصيانة الموقف الوطني يتطلب تعزيز الوحدة الداخلية في البلاد، التي لابد لضمانها من تلبية مطالب الجماهير الشعبية الاقتصادية والاجتماعية من ناحية، وإشاعة الديمقراطية في حياة البلاد السياسية من ناحية أخرى. وغدا جوهر مواقف الحزب في المرحلة التي احتلت فيها داعش والنصرة مناطق واسعة من سورية عام 2013 هو النضال من أجل مواجهة العدوان والحفاظ على كيان الدولة، ومنع تقسيمها، والعمل على الحفاظ على انسجام مكوناتها الدينية والأثنية المتعددة. وطرح الحزب العديد من المقترحات لتحقيق صمود البلاد واستمرار مواجهة الغزو الإرهابي من جهة، والعمل على الحوار الوطني الشامل الذي يضم القوى السياسية والمعارضة الوطنية، وممثلي الهيئات الدينية والاقتصادية والاجتماعية من جهة أخرى.

لقد تعقدت الأوضاع وتشابكت جداً، فالتدخل الأمريكي العسكري المباشر واحتلاله لجزء من الأراضي السورية بحجة محاربة داعش ودعم الأكراد من جهة، وكذلك دخول القوات التركية إلى شمال سورية. كل هذا ومهما حاولوا تغطيته له أهداف تسعى، ولا تزال تطمح لتحقيق مصالحها الجيوسياسية والنفطية على المنطقة بشكل عام، والتي تشكل فيها سورية حجر الرحى من ناحية، وضمان أمن إسرائيل من ناحية أخرى. كما أن حرب أمريكا في سورية تعد جزءاً أساسياً من حربها ضد روسيا، للإبقاء على تفردها كقطب وحيد على الصعيد العالمي، ونفوذها في المنطقة خصوصاً أن هذه الأهداف لا يمكن أن تخفيها بعض التصريحات التي تصدر عن الإدارة الأمريكية، أو من قبل رئيسها ترامب الذي يتبع سياسة عدوانية تجاه العالم ودون استثناء، ويغير تصريحاته ثلاث مرات في اليوم الواحد. نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الولايات المتحدة من جهة والصراعات السياسية الداخلية من جهة أخرى. ومما زاد الأمور تعقيداً التدخل العسكري التركي في شمال سورية. واللافت للانتباه أنه كلما حققت سورية مزيداً من الانجازات على صعيد محاربة الإرهاب والمجموعات الإرهابية المسلحة، وكذلك في التقدم على طريق الحل السياسي، وكلما لاحت في الأفق تباشير الانتصار الناجز، أخذت القوى المعادية لمصالح شعبنا وأهدافه بتصعيد حملاتها السياسية وضغوطها العسكرية. وهنا نقول: إن سورية التي صممت على تحرير كل شبر من أراضيها من بقايا داعش والمجموعات الإرهابية المسلحة، حسمت أمرها أيضاً لتحرير كامل أراضيها من الغزاة والمحتلين اعتماداً على شعبها وجيشها ودعم حلفائها وأصدقائها.

فالشعب السوري بكل فئاته وأطيافه السياسية والدينية والإثنية سيقف صفاُ واحداً في مواجهة الغزو التركي الأمريكي فليخرج الأمريكيون والأتراك من أراضينا.

ونؤكد أخيراً أن حزبنا ما يزال يطالب بالحل السياسي السلمي للأزمة وفق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، جنباً إلى جنب مع استعمال كل الوسائل التي تكفل الدفاع عن وطننا، وتحرر الأجزاء المحتلة منه.

إن الشعب السوري سيمضي في تحقيق أهدافه بتحرير كل شبر من أرضه، وبالحفاظ على استقلال وطنه ووحدته أرضاً وشعباً والسير قدماً على طريق مجتمع الديمقراطية والنمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية شاء من شاء وأبى من أبى.

مرة أخرى نتمنى لاجتماعكم هذا النجاح في تحقيق أهدافه، ونتمنى مساعدتكم لشعبنا ووطنا في نضاله ضد الإرهاب والقوى الرجعية والاستعمار، من خلال وقوفكم المبدئي في برلمانات بلادكم مع حرية الشعوب واستقلالها وسيادتها.

العدد 1104 - 24/4/2024