بين ماكرون “السوري” وماكرون الفرنسي.. ضاعت الديمقراطية!

طلال الإمام – السويد:

 

المشهد الأول:

(همج، بلطجية…) وأوامر باستخدام العنف والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه من قبل الشرطة ضد متظاهرين سلميين خرجوا إلى الشوارع الفرنسية استنكاراً لاستمرار إفقار الشعب لصالح برنامج الأغنياء، ضد مشاريع الخصخصة بدءاً من الشركة الوطنية للسكك الحديدية الى تقليص المساعدات وفرص العمل للمحتاجين.

كان قرار رفع أسعار الوقود وضرائبه هو الشرارة التي أشعلت الاحتجاجات بدءاً من باريس وشارعها (الأنيق) الشانزيليزيه، وشملت الكثير من المدن الفرنسية. ارتدى المحتجون سترات صفراً.

مازالت الاحتجاجات مستمرة بين صعود وهبوط. كان الشعار الأبرز مطالبة المتظاهرين برحيل ماكرون وحكومته.

إذاً، متظاهرون سلميون (مع إدانتنا لأي شكل من أشكال العنف من اي طرف جاء)، يطالبون بحقوقهم يجابهون بتلك النعوت… بالغازات والهراوات.

هكذا كانت ردة فعل ماكرون الفرنسي.

المشهد الثاني

ماكرون (السوري) يتدخل في شؤون بلد بعيد عنه، يمول، يسلح، يدرب ويحرض إرهابيون من إخوان، داعش، نصرة أصحاب الخوذ البيضاء وأشباههم. كما يستقبل في القصر الرئاسي ممثلو تلك المجموعات الإرهابية.. علماً أن من يدعمهم استخدموا القتل والسلاح ومهاجمة المدارس والمشافي ومؤسسات الدولة.. هاجموا جيش بلدهم الوطني..

إن هذا الموقف الفرنسي /الأوربي ومن خلال دعمه لمختلف أشكال الإرهاب الذي جاء تحت شعارات ما يسمى بالربيع العربي أجهض التطلعات والإصلاحات الديموقراطية للشعوب وإمكانية تحقيقها، كما أدى عبر إلهاء الجيش العربي السوري بمعارك ليست معاركه إلى محاولة ضرب محور المقاومة، وتحويل الأنظار عن العدو الرئيسي المحتل للأراضي العربية: إسرائيل عبر اختراع عدو أو أعداء وهميين.

المشهد الثالث

إذا كان ماكرون الفرنسي استخدم تلك النعوت والعنف بحق متظاهرين سلميين. تُرى ماذا ستكون ردة فعله لو قام المتظاهرون بحرق وتدمير مؤسسات الدولة وبناها التحتية من مشافي، مدارس، معامل وسكك حديد؟ هل كان سينثر عليهم (الورود) أو العطور الباريسية؟

كيف ستكون ردة فعله لو قامت الدول المجاورة لفرنسا بفتح حدودها أمام إرهابيين ومخربين؟ كيف ستكون ردة فعله لو قامت دول أخرى بتمويل هؤلاء المتظاهرين الفرنسيين، تسليح، تدريب تحت حجج دعم (تطلعاتهم الديموقراطية) وإرسالهم لفرنسا؟

أسئلة وأسئلة كثيرة غيرها تطرحها المواقف المنافقة لماكرون وأمثاله من القادة الأوربيين الذين يتباكون على (الديموقراطية) في بلدان أخرى ومستعدون لذبحها في بلدانهم إن استوجب الأمر حفاظاً على مصالحهم ومصالح من يمثلون.

وهكذا تضيع الديموقراطية الحق وتتحول إلى مجرد دعاية وسلعة رخيصة في سوق قادة الغرب أمثال ماكرون الذين يوظفونها لصالح اجندات لا علاقة لها بتطلعات الشعوب وحاجاتها.

العدد 1104 - 24/4/2024