السلطات الفرنسية تستخدم العنف..وتتهم اليمين المتطرف

استمرت الاحتجاجات في الشوارع الفرنسية،وتزداد يوميا أعداد المشاركين فيها،تعبيراً عن رفض الفرنسيين لزيادة أسعار الوقود بعد فرض ضريبة(الكربون).

واستخدمت الشرطة الفرنسية غازاً مسيلاً للدموع وخراطيم ماء، لتفريق آلاف من المتظاهرين تجمّعوا وسط باريس وأغلقوا طرقات في مدن أخرى، احتجاجاً على زيادة الرسوم على المحروقات، وعلى السياسات الاقتصادية للرئيس إيمانويل ماكرون. واتهمت الحكومة زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن بتأجيج الاحتجاجات،لكن لوبن أكدت أنها «لم تدع إلى عنف»، متسائلة عن سبب عدم السماح بالاحتجاج في المنطقة.

ويعارض المتظاهرون، الذين أطلقوا على أنفسهم «السترات الصفر»، ضرائب اقترحها ماكرون العام الماضي على الديزل والبنزين، لتشجيع مواطنيه على استخدام وسائل نقل أقل ضرراً للبيئة. وبالتزامن مع فرض الضريبة، قدّمت الحكومة حوافز لشراء سيارات كهربائية أو صديقة للبيئة. وبدأت الاحتجاجات السبت الماضي، عندما أغلق نحو 300 ألف شخص محاور طرق ومواقع استراتيجية في فرنسا، مستخدمين حواجز وقوافل من شاحنات بطيئة الحركة، ما عرقل الوصول إلى مستودعات وقود ومراكز تسوّق ومصانع. وأفادت معلومات بتراجع الإيرادات اليومية لتجار التجزئة بنسبة 35 في المئة، علماً أن وزارة الداخلية أعلنت أن الاضطرابات أوقعت قتيلين وأسفرت عن جرح 620 مدنياً و136 شرطياً.

وتقلّصت التجمّعات تدريجاً، علماً أن استطلاعاً للرأي أعدّه معهد «بي في آ» أظهر تأييد 72 في المئة من الفرنسيين مطالب حركة «السترات الصفر»، التي تؤكد أنها خارج إطار الأحزاب والنقابات.

وتجمّع آلاف الفرنسيين في جادة الشانزيليزيه في باريس، واصطدموا مع الشرطة التي منعتهم من الوصول إلى قصر الإليزيه القريب. وتحدثت السلطات عن «محاولات لاختراق الحواجز في الشانزيليزيه، وحالات لاستخدام غاز مسيّل للدموع»، مستدركة أن «لا متظاهرين في المنطقة المحظورة».

واستخدمت الشرطة خراطيم ماء لإبعاد متظاهرين كانوا يحاولون اقتحام حاجز، فيما ردّد محتجون النشيد الوطني ولوّحوا بعلم فرنسي، بينما رفع آخرون لافتات كُتب عليها «ماكرون، استقالة» و«ماكرون، لص».

وأعلن وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير اندلاع صدامات في الشانزيليزيه، متهماً أعضاء من «اليمين المتطرف» بمحاولة «مهاجمة المؤسسات». وشوهد متظاهرون ينزعون حجارة أرصفة أو ينزلون حواجز نُصبت حول ورشات. وأعلنت الشرطة اعتقال 18 شخصاً «ألقوا مقذوفات».

أما جان لوك ميلانشونن زعيم كتلة حزب «فرنسا المتمردة» اليساري المتطرف في البرلمان، فكتب على «تويتر» أن «كاستانير يريد أن تكون تظاهرة السترات الصفر من اليمين المتطرف والمشاركين فيها قلّة. الحقيقة هي أنها تظاهرة ضخمة للشعب».

رئيس الحكومة إدوار فيليب أعلن اجراءات  تستهدف التخفيف من وطأة ضريبة على «الكاربون» تُعدّ سبباً في ارتفاع أسعار المحروقات. وأكد أن الحكومة ليست في وارد العدول عن هذه الضريبة التي تندرج في صلب الالتزامات البيئية لباريس، لكنها في الوقت ذاته «متنبّهة إلى غضب» الفرنسيين و»تحترمه».

ويُفترض أن ترتفع الرسوم على استخدام الفيول 6,5 سنتيم من اليورو للتر الواحد، وعلى البنزين 2,9 سنتيم، في 1 كانون الثاني (يناير) المقبل.

وعرض فيليب إجراءات ستعتمدها الحكومة للتخفيف من أعباء هذه الضريبة على أصحاب الأجور المتدنية والعائلات المعوزة والمضطرين إلى استخدام سياراتهم للتوجّه إلى أعمالهم، وكذلك لخفض قيمة الفواتير المترتبة على تدفئة منازلهم، والتي ستُموّل من موازنة الدولة.

وانطلق التحرّك عبر عريضة إلكترونية نشرتها مواطنة من ضاحية سين إي مارن الباريسية، احتجاجاً على ارتفاع أسعار المحروقات، فجمعت نحو 800 ألف توقيع، وسرعان ما شملت كل أوجه الضائقة المعيشية.

وفي ما يشبه كرة ثلج، اتسع نطاق المؤيّدين والمطالب، وولدت فكرة التحرّك الذي يستهدف إصابة فرنسا بشعور الاختناق ذاته الذي يشعر به أبناء الطبقات غير الميسورة.

وفي السياق ذاته، أيّد الحزب الاشتراكي المعارض التحرّك، من منطلق رفضه ضرائب «جائرة». وأبدى حزب أنصار البيئة تفهمه للتحرّك، فيما تمنّى له حزب «فرنسا غير الخاضعة» اليساري المتطرف النجاح.

وبعكس التقليد اليميني القاضي بعدم التظاهر، أعلن رئيس حزب «الجمهوريون» اليميني المعارض أنه ينظم تظاهرة تأييد للتحرّك في باريس. أما زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن فقالت أنها تحترم طابعه غير السياسي.

العدد 1107 - 22/5/2024