ماذا يقول الأمريكيون في رئيسهم؟

د. صياح عزام:

تعدّدت الأقوال والآراء حول الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) وذلك داخل أمريكا وخارجها.

منها، أن الرئيس ترامب ليس سياسياً، ولا علاقة له حتى بالبيروقراطية الحكومية، إذ لم يتبوأ أي منصبٍ رسمي في حياته، هذا أولاً.

ثانياً_ هو ليس دبلوماسياً، ولغة خطابه أقرب إلى كونها (بلطجية) وحتى (شوارعية) أحياناً، ينفعل بشدة، ويهدأ مرة أخرى، وربما يقرر أمراً في انفعال ويتراجع عنه حين يهدأ.

ثالثاً_ إنه رجل أعمال من نوع المقاولين الذين يجرون وراء الربح السريع. رابعاً_ إنه ليس استراتيجياً يخطط للمدى الطويل، وما يهمه بالدرجة الأولى هو المال والسلطة.

ولكن ما الجديد في عهد (ترامب)؟!

الجديد، أن الحديث عن السياسة داخل الولايات المتحدة أصبح يتطرق لأمور داخلية أمريكية، حتى أن الأجنبي إذا لم يتحدث مع شخص أمريكي عن السياسة، بادر هذا المواطن الأمريكي من تلقاء نفسه إلى ذلك، حتى لو كان عمله لا يتعلق بالسياسة، بينما قبل ذلك، إذا تحدث الأمريكي مع شخص أجنبي في السياسة كان الحديث يدور حول السياسة الأمريكية الخارجية في المنطقة من أفغانستان إلى العراق وسورية وليبيا وفلسطين.

أما عن سياسة ترامب في المنطقة العربية، فأصحبت واضحة للجميع، بأنه يريد أن يعطي إسرائيل أكثر مما تطلب، ولا يرى أن هناك مشكلة اسمها (فلسطين) ولا يعتبر الدول العربية وخاصة الخليجية منها، سوى (مَحافظ نقود) يجب الاستيلاء عليها!

كثيرون من الأمريكيين، ومن الذين صوتوا له عام 2016 جاء تصويتهم هذا لصالحه، من قبيل الرغبة في التغيير والاعتراض على عمل الدولة الأمريكية ومؤسساتها الحاكمة.

فالرجل، كما يرى الأمريكيون، يدير الدولة وكأنها شركة مقاولات، وهو رئيسها التنفيذي، وحكمه عن المسؤولين حكم شخصي تماماً لا علاقة له بالكفاءة والمهنية في العمل، وتفكيره أقرب إلى رد الفعل على الآخر منه إلى المبادرة بسياسة محددة، وكثير من الأمريكيين يقولون إنه تحقق لهم في عهد ترامب ما لم يحققه لهم أي رئيس أمريكي من فوائد في أول عامين من حكمه، فالاقتصاد الأمريكي أصبح نشيطاً وقوياً، وسوق المال في صعود، والضرائب انخفضت ومعدلات البلدات تراجعت، وحصلت زيادات في معدلات الرواتب والأجور.

كما يقول هؤلاء: إن لترامب فوائد أخرى تتجاوز ذلك، منها أنه صدم المؤسسة الحاكمة صدمة هائلة هزت أركانها الأساسية، وهذا الأمر كانت تحتاج إليه مؤسسة السلطة والحكم في الولايات المتحدة والديمقراطيات الغربية بشكل عام، للخروج من أزمة تراجعها وضعفها، ويذهب بعض من يقول بهذا الرأي، إلى أن ما يفعله (ترامب) في المؤسسة الأمريكية العليا الحاكمة سيعيد إليها حيويتها، وأن صعود نهج (الشعبوية) لن يستمر طويلاً.

ومن فوائد ترامب التي يلمسها بعض الأمريكيين أنه يتصرف بطريقة تجعل الولايات المتحدة هي الرئيس، والرئيس هو الولايات المتحدة.

وفي الجانب الاقتصادي، يعمل (ترامب) على تحقيق مكاسب له ويعدّها مكاسب لبلاده، كما يعتقد من الناحية السياسية والديمقراطية، أن الرئيس هو المنتخب، بينما المؤسسات أو بالأحرى المسؤولون عنها معيّنون تعييناً ويستمرون بالترقي الوظيفي شيئاً فشيئاً حتى يصلوا إلى المناصب العليا.

والمرجح أنه مع نهاية ولايته سيوصل الأمور إلى موضع وسط بين السلطة المطلقة والسلطة الدستورية، ما يقرب البلاد أو يكاد يقربها في أوضاعها السياسية من دول العالم وعلى غرار ما في العالم الثالث، أي أن الرئيس ترامب يعمل على إذابة الفوارق بين أمريكا والكثير من دول العالم الثالث التي كانت واشنطن تعظها بشأن أساليب الحكم فيها.

ويقول بعض الباحثين في الغرب إن الرئيس ترامب في حكمه يشبه رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق (برلسكوني) الذي تولى رئاسة الوزراء في بلاده ثلاث مرات، وسبق ترامب إلى هذا النموذج من الحكم وإدارة البلاد، ولكن الفارق الوحيد بينهما أن برلسكوني كان نائباً في البرلمان الإيطالي، أي أنه لم يكن من خارج المؤسسة مثل الرئيس (ترامب).

وجاءت نتائج انتخابات التجديد النصفي الأخير في غير صالح (ترامب) وحزبه، فقد حصل الحزب الديمقراطي على الأغلبية في مجلس النواب، وهذا ما سيكون بمثابة العامل المعرقل أو الكابح لسياسات ترامب وحزبه خلال السنتين القادمتين.

العدد 1104 - 24/4/2024