ومازال المواطن يترنّح تحت ثقل أزماته المتعددة!

رمضان إبراهيم:

 

أزمة السكن والإيجارات التي حفلت بها وبتحليلات أسبابها ومعالجة ذيولها معظمُ المقالات الصحفية والبرامج التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وجرى تشخيصها بشكل جيد على امتداد ساحة الوطن، ومطالبة الحكومات المتعاقبة بمعالجة أسبابها وتداعياتها، إلا أننا مازلنا حتى لحظة كتابة هذا المقال نتمايل يمنة ويسرة، مع قرارات وتصريحات اقل ما يمكن ان نقول عنها إنها ارتجالية لا تغني ولا تسمن من جوع.

فالحكومات المتعاقبة، التي سمعنا جعجعتها في هذا المجال دون أن نرى طحينها، قصّرت في المعالجات على كل المستويات، إذ بقيت المخططات التنظيمية قاصرة جداً ولا تلبي حاجة الزيادة السكانية في مدننا، ومؤسسات القطاع العام المكلفة بإشادة المساكن للمكتتبين أو المدخرين أو أولئك الذين استملكت مساكنهم للمصلحة العامة أو غير ذلك، فضلاً عن بقية الدوائر التي لها علاقة بهذا الموضوع، والتي بقيت مترهلة في أدائها، ومقصّرة في تنفيذ مشاريعها التي ضربت أرقاماً قياسية في التأخير وسوء التنفيذ وزيادة الكلفة، في حين حرم قطاع التعاون السكني من الأراضي ضمن المخططات التنظيمية على مدى العقود الثلاثة الماضية، وتُرك يموت يوماً بعد آخر خلافاً للأهداف التي أحدث من أجلها.. فمن المسؤول عن كل هذا؟ ومتى سيتم محاسبته!!

لكل الأسباب السابقة التي ذكرناها، وكذلك التي لم نذكرها، كانت النتائج على أرض الواقع كارثية على المجتمع والدولة.. فالأبنية والمساكن والأحياء العشوائية المخالفة تمددت في كل مكان، وبالأخص في العاصمة ومحيطها وفي المدن الرئيسية، ووصلت نسبتها وفق الأرقام الرسمية إلى نحو خمسين بالمئة من نسبة المساكن المبنية، وجميعنا بات يدرك النتائج السلبية المرعبة لهذا التمدد، وأزمة السكن والإسكان استفحلت بشكل كبير، وبات حلها صعب المنال، وأسعار المساكن زادت زيادات مخيفة، ولم يعد بإمكان المواطن العادي تأمين مسكن له، لا من القطاع الخاص ولا من التعاوني، ولا من العام!

لم يتوقف الأمر على شراء المسكن إنما تعداه إلى الإيجار، فقد وصلت قيمة إيجارات المساكن إلى أرقام خيالية لا قدرة عليها لشبابنا الذين ينشدون الزواج والاستقرار، ولا لمعظم أسر الشهداء، ولا للمواطن صاحب الدخل المحدود، وقد أدى ذلك إلى حصول مشكلات ومعاناة وتداعيات لا تعدّ ولا تحصى، وسط الاستغراب من غياب الدولة ومؤسساتها المعنية عن القيام بأي خطوات عملية جادة واستراتيجية للمعالجة!

أخيراً

قد يقول لنا قائل إن الدولة في حالة حرب، وإن المرحلة صعبة جداً، وهناك إرهاب عالمي منظم يتمدد كالنار في الهشيم، وإنه ليس من السهل أن نعالج الآن تراكمات عدة عقود… لكننا نقول له:

وهل جرت، قبل الأزمة، محاسبة من نهبوا وسرقوا على مدى سنوات وسنوات، وكانوا من نخبة تتخذ القرارات المصيرية، وكانت رقبة البلد وسكانه ومساكنه في أيديهم!

العدد 1107 - 22/5/2024